عاجل:

عام على ضربة الـ"البيجر والووكي توكي": الصدمة الأقسى لحزب الله.. بين إعادة التموضع وغياب قرار الحرب (خاص)

  • ١٣٤

خاص- "ايست نيوز"

في الذكرى الأولى لما بات يُعرف بـ"تفجير البيجر"، الضربة الأمنية–الاستخباراتية الأكثر تعقيداً وقسوة التي تلقاها حزب الله منذ تأسيسه عام 1982، لا تزال تداعيات الحدث ماثلة في البنية التنظيمية والسياسية للحزب، وفي خارطة الصراع الإقليمي المتشابك.

ففي 17 أيلول 2024، تلقّى الحزب ضربة مركّبة ومتزامنة طالت مراكزه وشبكاته اللوجستية والإدارية في لبنان وسوريا والعراق، عبر زرع أجهزة متفجرة موصولة بما بات يُعرف بـ"عداد القتل الإسرائيلي"، مستهدفة عناصر وبيئة الحزب وحتى مدنيين تواجدوا في محيط الأجهزة.

وبعد ساعات، جاء التفجير الثاني خلال تشييع ضحايا التفجير الأول، ليضاعف الخسائر البشرية والنفسية، في ما وصفه مراقبون بـ"سابقة في الحروب الحديثة"، و"جريمة حرب مكتملة الأوصاف"، نظراً إلى طبيعة الأهداف وطريقة التنفيذ وتعدد الجبهات.

"نعم.. كانت الضربة الأقسى"

مصادر متابعة أكدت لـ"إيست نيوز" أن التفجيرات أصابت العمق الإداري والاجتماعي للحزب، وتحديداً قطاعاته اللوجستية ومؤسساته المدنية. وبحسب اعتراف ضمني من داخل الحزب، فإن "ضربة البيجر" شكّلت الهزة الأعنف التي لم يتوقعها حتى في ذروة المواجهة مع إسرائيل.

ارتدادات أمنية وعسكرية

من أبرز نتائج الضربة:

استهداف شخصيات قيادية رفيعة، بينهم الأمين العام السيد حسن نصرالله وخليفته في المجلس الجهادي السيد هاشم صفي الدين، إلى جانب ضباط ونخب من وحدات "الرضوان" والمجلس الجهادي.

إصابات جسدية جسيمة طالت عناصر من الصفين الأول والثاني.

تراجع في القدرات العسكرية خاصة في مناطق البقاع وشمال الليطاني.

أزمة تمويل متفاقمة بسبب الحصار الدولي والعقوبات، ما انعكس مباشرة على بنية الحزب التنظيمية والخدماتية.

الحزب يعيد ترتيب أوراقه

بالرغم من الهزة، نجح حزب الله في إعادة ترميم جزء من بنيته التنظيمية، معتمداً على بيئته الحاضنة التي وفّرت له الغطاء الشعبي والتماسك الاجتماعي رغم الشعور المتزايد بالغدر والتخلي من الحلفاء.

وبحسب محللين، فإن الحزب انتقل من مرحلة الصدمة إلى إعادة التموضع، محافظاً على البنية الأساسية للمقاومة، لكن في ظل هامش مناورة أضيق من أي وقت مضى.

خسارة القرار.. وتبدّل في التوازن

سياسياً، يشير المشهد إلى تراجع نفوذ الحزب على مستوى القرار الوطني، خصوصاً بعد التوافق السياسي المتنامي على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتراجع دعم بعض الحلفاء التقليديين من مختلف الطوائف.

وبات قرار الحرب والسلم خارج يديه، في ظل ارتفاع الضغوط الإقليمية والدولية، وتحذيرات من حرب محتملة قد لا تُبقي ولا تذر، لا سيما في ظل التفوق التكنولوجي الإسرائيلي واستمرار سياسة الاغتيالات ضد كوادر الحزب.

في الذكرى الأولى.. رسائل على أكثر من جبهة

وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين نصرالله وصفي الدين، يستعد الحزب لتنظيم حشود شعبية ضخمة تحمل رسائل متعددة:

سياسية: التأكيد على بقاء "المقاومة" كخيار استراتيجي.

أمنية: الجهوزية للرد رغم التهديدات.

انتخابية: حشد القواعد وطمأنة الشارع الشيعي قبل استحقاقات مفصلية.

وبالرغم من كل ما جرى، يراهن الحزب على أن الحاضنة الشعبية لم تتراجع، بل ستترجم دعمها في صناديق الاقتراع، وعلى أرض الواقع، كما في كل مرحلة حرجة.

بين الألم والمواجهة، سنة مرّت على ضربة "البيجر"، والحزب لا يزال في عين العاصفة، يتحرك ضمن حدود مرسومة بعناية، يرمم الداخل ويراقب الخارج، بانتظار ما تحمله الأيام من تصعيد أو تسوية.. أو ربما ما هو أبعد.

المنشورات ذات الصلة