خاصّ- "إيست نيوز"
جوي ب. حداد
أثارَ التعميم الصادر عن الرئيس الأوّل لمحاكم استئناف النبطية القاضي منيف وديع بركات، بالتنسيق مع النائب العام الإستئنافي في النبطية القاضية نجاة أبو شقرا، والقاضي بمنع إدخال المحامين للهواتف المحمولة إلى جلسات قاضي التحقيق منعاً من تسريب التحقيقات، نقاشاً واسعاً بين الأوساط القضائية والنقابية.
مؤيّدو التعميم: حماية للتحقيقات
مصادر قضائية أوضحت لـ "إيست نيوز" أنّ التعميم "خطوة تحترم كرامة المحامي وتحافظ على خصوصية وسير العمل القانوني". وأشارت إلى أنّه "من غير المقبول أن يقوم المحامي بتسجيل الجلسات بهاتفه الشخصي، لأن ذلك يُعدّ مخالفةً للأصول القانونية وقد يفضي إلى بطلان الإجراءات". وأضافت أنّ "هذا التعميم يهدف إلى تنظيم سير التحقيقات وضمان التزام الجميع بالقواعد المهنية، وحماية حقوق جميع الأطراف، ولا يُعدّ تقييداً للحقوق، وإنما تأكيداً على احترام القضاء والقانون".
بزي لـ "إيست نيوز": الخلل في التدخّلات السياسية
في تصريح لـ "إيست نيوز"، قال الناشط السياسي المحامي حسن عادل بزي متوجّها إلى القاضي بركات: "حضرة الرئيس الأوّل لمحاكم النبطية المحترم، الرجوع عن الخطأ فضيلة. مشكلة العدالة ليست في حمل المحامين لهواتفهم، بل في تدخل السياسيين واتصالاتهم، وهو ما يقتضي منع القضاة من حمل هواتفهم. المحامون ليسوا مكسر عصا ولن يكونوا كذلك، والقضاة ليسوا في مرتبة أعلى منا. فمن يمنع القاضي أو مرافقه من تسجيل الجلسات؟ كما انه يمكن للمحامي أيضاً استخدام وسائل متطورة، مثل ساعة اليد أو قلم ذكي أو زر مخفي في ثيابه، لتوثيق الجلسات. فهل سنشهد يوماً تفتيشاً للمحامين؟ هذا التعميم يشكّل نوعاً من هتك كرامة المحامي ويخفِي اتهاماً مبطناً بأنه يُخالف قسمه وسيقترف جرماً بشكل افتراضي، وهو ما يثير مخاوف حول احترام دور المحامي واستقلاليته داخل قاعات القضاء".
رد نقابة المحامين في بيروت
اليوم انعقد مجلس نقابة المحامين في بيروت لمناقشة التعميم، ورفض الأعضاء هذه الآلية. وتم تكليف نقيب المحامين فادي المصري بالتواصل مع المعنيين في مجلس القضاء الأعلى لتصحيح التعميم وضمان احترام حقوق المحامين واستقلاليتهم. هذه المعلومات حصل عليها فريقنا حصرياً.
بين التنظيم والاستقلالية
هذا التباين في المواقف يعكس أزمة أعمق تتجاوز مسألة الهواتف إلى جوهر العلاقة بين جناحي العدالة. فبينما يرى المؤيّدون أنّ التعميم يصبّ في خانة احترام الأصول وضبط التحقيقات، يؤكد المعارضون أنّ الأولوية يجب أن تكون لتحصين القضاء من التدخّلات السياسية وضمان استقلاليته، لا الانشغال بقيود شكلية على المحامين.
المُحصّلة
يبقى التعميم مدار أخذٍ وردّ بين القضاة والمحامين، إذ يعتبره فريق خطوة تنظيمية ضرورية، فيما يراه آخرون تقييداً لدور المحامي وانتقاصاً من موقعه كشريك أساسي في إحقاق الحق. وبين الموقفين، يبقى التحدّي الأكبر في كيفية حماية استقلالية القضاء وتوازن العلاقة بين أركان العدالة.
