تتجه البنوك الخليجية إلى إصدار أدوات دين دولارية بقيمة قياسية قد تتجاوز 60 مليار دولار بنهاية العام الحالي، وسط نمو قوي للائتمان وتيسير مرتقب للسياسة النقدية.
وبحسب تقرير صادر عن وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، فإن البنوك الخليجية جمعت بالفعل 55 مليار دولار منذ بداية 2025، نصفها من الصكوك، مقارنة مع 36 مليار دولار العام الماضي بأكمله.
بهذا الرقم تمثل أدوات الدين للبنوك الخليجية نحو 30% من إجمالي إصدارات الديون المقومة بالدولار من بنوك الأسواق الناشئة خلال العام.
جاءت معظم الإصدارات من البنوك السعودية التي جمعت 28.3 مليار دولار منذ بداية العام الحالي 2025، وبفارق كبير عن نظيرتها الإماراتية التي بلغت إصداراتها 11 مليار دولار فقط خلال نفس الفترة، وجاءت البنوك القطرية في المرتبة الثالثة تليها بنوك الكويت.
وكثفت البنوك في المملكة إصداراتها في الآونة الأخيرة بهدف تعزيز السيولة في ظل ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع، ومستبقة خفض أسعار الفائدة المتوقع من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال الأسبوع الجاري، في ظل مخاوف متزايدة من نقص السيولة البنوك.
يأتي ذلك بعد تجاوز نسبة القروض إلى الودائع حد الـ 100%، حيث تجد البنوك السعودية نفسها أمام تحد يتمثل في عدم مواكبة نمو الودائع للزيادة المتسارعة التي تشهدها أنشطة الإقراض ما دفع البنوك، للبحث عن مصادر إضافية لتوفير ما تحتاج إليه من سيولة، ولهذا السبب توسعت البنوك خلال الفترة الماضية في إصدار ديون جديدة في صورة صكوك وسندات.
ضمن أبرز الإصدارات، جمع “مصرف الراجحي” 2.5 مليار دولار من طرحين للصكوك هذا العام، كما جمع “البنك السعودي الفرنسي”، المملوك أغلبه للملياردير الأمير الوليد بن طلال عبر شركته “المملكة القابضة”، حصيلة قدرها 2.4 مليار دولار.
تتوقع “فيتش” استمرار موجة الإصدارات “القوية” من بنوك المنطقة في 2026 مدعومة بمزيد من خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، واستحقاق ديون بقيمة 36 مليار دولار، ونمو قوي للائتمان في السعودية والإمارات في ظل استمرار شح السيولة المحلية في البلدين.
أضافت الوكالة أن السيولة ستظل تُشكل تحديًا رئيسيًا أمام البنوك السعودية في العام المقبل، متوقعة استمرار زيادة اعتماد القطاع على التمويل الخارجي.
على الرغم من ترجيح الوكالة أن يظل صافي الالتزامات الأجنبية على بنوك المملكة أعلى من 3% من أصول القطاع، وهو ما قد يؤثر سلبًا عليها من ناحية جودة الائتمان، فقد أشارت إلى أن الاعتماد على التمويل الخارجي لا يزال متواضعًا عند 11.4% فحسب من التزامات القطاع في الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، وهو ما يعطي القطاع متنفسًا.
ويتيح إطلاق الأوراق المالية المدعومة بأصول عقارية مؤخرًا في المملكة للبنوك مصدرًا مهمًا من التمويل بالعملة المحلية في ضوء حيازاتها الكبيرة من الرهون العقارية.
شهدت السعودية مطلع الشهر الجاري إطلاق أول سوق لتوريق الديون العقارية، حيث نفذت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري أول صفقة من هذا النوع بعد حصولها على موافقة تنظيمية لتجميع الأوراق وبيعها محليًا.
وقد يُشجّع وجود سوق نشطة لتوريق الديون العقارية السكنية البنوك السعودية على تحويل الأوراق المالية المدعومة بالتمويلات السكنية إلى الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، مما يوفّر مساحة أكبر للإقراض الإضافي بهدف دفع النشاط الاقتصادي، بحسب ما أفادت به “بلومبرغ” في السابق.