خاصّ- "إيست نيوز"
جوي ب. حداد
دخل قانون الإيجارات غير السكنية حيز التنفيذ نهائياً بعد انتهاء مهلة الطعن في 5 أيلول 2025، ما يضع آلاف العقود القديمة أمام واقع قانوني جديد، يفرض على المالكين إعادة تقييم استراتيجياتهم وإدارة مُمتلكاتهم بعناية أكبر.
تمديد العقود وخفض بدل المثل: المالك الخاسر الأكبر
أهمّ ما يُميّز التعديلات الأخيرة هو تمديد العقود من 5 إلى 8 سنوات، مُقارنة بالفترات السابقة التي كانت تتراوح بين سنتين وأربع سنوات، إضافة إلى خفض بدل المثل من 8% إلى 5%. هذه التغييرات تحمل في طياتها عبئاً إضافياً على المالكين، خصوصاً أصحاب العقارات المؤجرة لمستأجرين من أصحاب المهن الحرة الذين يمتلكون القدرة على الدفع، لكنّهم يستفيدون الآن من حماية قانونية طويلة الأمد.
وفق خُبراء عقاريين، هذا القانون يخلق فجوة كبيرة بين حقوق المالكين والمُستأجرين، ويضع المالكين أمام تحدٍ قانوني واقتصادي لإعادة التوازن إلى السوق.
تحديات جديدة أمام المالكين
رغم أن القانون يُعتبر خطوة نحو الخروج من نظام الإيجارات الاستثنائية الطويلة الأمد، يبقى المالك أمام خيارين رئيسيين لاستعادة حقوقه:
1. التفاوض المباشر مع المستأجرين لتحديد بدل إيجار عادل يحاكي السوق العقاري الحالية.
2. اللجوء إلى القضاء لتثبيت بدلات عادلة وفق مؤشرات السوق، وهو مسار قد يستغرق سنوات ويحتاج إلى متابعة دقيقة.
في هذا السياق، يؤكّد الخبير العقاري أمين ملاعب لـ "إيست نيوز": فيقول:"إن أبرز إنجاز في تعديل قانون الإيجارات للأبنية غير السكنية يتمثّل أولاً في إعادة الحقّ إلى صاحبه، بحيث أصبح المالك قادراً على استرداد مأجوره. ثانياً، جرى تخفيض بدل المثل من 8% إلى 5%، ما يخفّف من الأعباء. ثالثاً، أنصف القانون المالك إذ باتَ بإمكانه الإستفادة من مأجوره ولو بشكل تصاعدي. رابعاً، لم يعد المُستأجر يعتبر نفسه مالكاً للمأجور كما كان شائعاً في السابق. خامساً، أُعفي المالك من دفع أي بدل خلو عند الإخلاء. وأخيراً، استفادَ المُستأجر من المهلة التي مُنحت له حتّى موعد الإخلاء، ما جعل التعديلات تحمل مكاسب نسبية لكلا الطرفين".
أثر القانون على السوق العقاري والاقتصاد
إن تطبيق هذا القانون لن يقتصر على الفرد، بل سيترك أثرا واسعًا على السوق العقاري في لبنان، حيث من المتوقّع أن يؤدي خفض بدلات الإيجار وزيادة مدة العقود إلى تراجع العوائد السنوية للمالكين، ما قد يدفعهم إلى البحث عن بدائل استثمارية أو إعادة هيكلة محفظة العقارات الخاصة بهم.
كما يُساهم القانون بشكل غير مُباشر في تثبيت أسعار الإيجار الحالية على المدى القصير، لكنه قد يحد من تحريك السوق على المدى المتوسّط والطويل، خصوصاً في المناطق التجارية الحيوية.
بين المالك والمستأجر: معركة حقوق أم بحث عن التوازن العادل؟
قانون الإيجارات الجديد يُشكّل تحوّلاً كبيراً في العلاقة بين المالكين والمُستأجرين، ويضع الطرف الأول أمام مسؤوليات مالية وقانونية أكبر، بينما يمنح الطرف الثاني حماية أطول.
المرحلة القادمة تتطلّب وعياً قانونياً واستراتيجياً من المالكين، إذ سيكون عليهم اختيار أنسب الوسائل لحماية حقوقهم وضمان استدامة عوائد مُمتلكاتهم في ظلّ واقع قانوني جديد.
والسؤال الأهمّ الآن: هل سيتمكّن المالكون من استعادة حقوقهم من دون أن يخسر المُستأجرون حقّهم في الحماية وسط هذا الواقع القانوني الجديد؟