عاجل:

الإنذار "ما قبل الأخير": اقتصاد يترنح بين الركام وفرصة نادرة لبناء شيء مختلف!؟ (خاص)

  • ٤٢

خاص ـ "إيست نيوز"

عصام شلهوب

لم تتوقف الحرب الأخيرة في لبنان بخمود المدافع فهي مستمرة وكل يوم لها اثر. وقد تركت ندوباً غائرة في جسد الاقتصاد المرهق أصلاً. فبينما تحاول العائلات المنكوبة لملمة ما تبقّى من منازلها ومؤسساتها في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع ومناطق مختلفة من لبنان، يواجه البلد واحدة من أعنف الضربات الاقتصادية منذ عقود، خسائرها بالمليارات، وارتداداتها تطال معيشة كل مواطن .

وبحسب تقييم البنك الدولي، بلغ إجمالي الخسائر الناجمة عن الحرب نحو 14 مليار دولار، توزعت بين 6.8 مليارات كأضرار مادية، و7.2 مليارات كخسائر اقتصادية مباشرة. أما الناتج المحلي فقد انكمش بنسبة 9% في عام 2024، لتُضاف هذه الضربة إلى أزمة مستمرة منذ 2019 أكلت ما يقارب 40% من حجم الاقتصاد

قطاعات تنهار تباعاً

• الزراعة، رئة الريف اللبناني، لم تنجُ من القصف والحرائق، فيما دمّر الفوسفور الأبيض مساحات واسعة من الأراضي.

• السياحة، التي كانت قد بدأت تنتعش بعد سنوات من الركود، انهارت إيراداتها بأكثر من 80%، مع هبوط نسب إشغال الفنادق إلى حدود 10% فقط.

• سوق العمل أصيب بالشلل؛ إذ أقفلت آلاف المؤسسات أبوابها، بعضها بشكل نهائي، ما أدى إلى فقدان ربع الوظائف خلال الحرب، واستمرار نحو 14% من العمال بلا دخل حتى اليوم.

مجتمع على شفير الانفجار

الأرقام القاسية تترجم إلى واقع اجتماعي أكثر إيلاماً: أكثر من 900 ألف لبناني يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي. أسعار المواد الأساسية تواصل ارتفاعها، فيما القدرة الشرائية تتآكل يوماً بعد يوم. النزوح الداخلي يثقل كاهل القرى والمدن، ليصبح الاقتصاد جزءاً من مأساة إنسانية أشمل.

فاتورة الإعمار الباهظة

التقارير الدولية تضع كلفة إعادة البناء عند حدود 11 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز بكثير إمكانيات الدولة المفلسة. الدعم الخارجي يبدو حتمياً، لكنه لن يأتي من دون شروط قاسية: إصلاحات مالية، إعادة هيكلة للقطاع المصرفي، وضبط حقيقي للشفافية في إدارة الأموال. ولا ننسى الشروط التي تأتي مع تنفيذ القرار 1701 التي نعيش تداعياتها كل يوم .

أي مستقبل ينتظر لبنان؟

رغم قتامة المشهد، تلوح فرص لإعادة بناء اقتصاد مختلف:

• الاستثمار في الطاقة المتجددة لمواجهة أزمات الكهرباء المزمنة.

• توجيه الدعم الدولي نحو القطاعات المنتجة كالصناعة والزراعة.

• تعزيز دور القطاع الخاص لتعويض ضعف مؤسسات الدولة.

• بناء ثقة حقيقية عبر حوكمة شفافة تُعيد للبنان مكانته في الإقليم.

وعليه، فإن الحرب الأخيرة تسببت بصدمة جديدة لاقتصاد مأزوم، لكنها قد تكون أيضاً جرس إنذار قد يكون قبل الأخير: إمّا أن يضع لبنان أسساً صلبة لإصلاح اقتصادي شامل، أو يبقى أسير دوامة الانهيارات المتكررة. بين الركام والوعود، يقف اللبنانيون اليوم على حافة مفترق طرق تاريخي، قد يحدد مستقبل وطنهم لعقود مقبلة.

المنشورات ذات الصلة