عاجل:

تلويح أميركي بالتخلّص من ورقة برّاك (الأخبار)

  • ٦٠

لا تزال أصداء جلسة الحكومة يوم الجمعة الماضي، تتردّد في مختلف الأوساط السياسية، في ظلّ ترقّب واسع لردّة الفعل الأميركية على قرار الحكومة الذي شدّد على ضرورة ممارسة واشنطن ضغوطاً على إسرائيل للالتزام بتعهّداتها في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، والموافقة على الورقة الأميركية التي أقرّ لبنان أهدافها.

وبينما يترقّب الجميع المحادثات المرتقبة للمسؤولة الأميركية مورغان أورتاغوس، في بيروت، بقي السجال قائماً حول طبيعة مهمّتها، وسط تضارب في المعلومات. ففيما تحدّثت مصادر عن أنها عادت لتتولّى الملف اللبناني بشكل مباشر، أكّدت أخرى أنها تتابع الملف من موقعها الجديد كنائبة لرئيس البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، مع الإشارة إلى أنّ المبعوث الأميركي توم برّاك، سيعود إلى بيروت قريباً.

وقالت مصادر في القصر الجمهوري إنّ الملف اللبناني عاد فعلياً إلى عهدة أورتاغوس التي نُقل عنها أنّ برّاك لم يطرح الورقة الأميركية على الجانب الإسرائيلي. وأشارت المصادر إلى أنّ أورتاغوس بصدد التخلّي عن ورقة برّاك والعودة إلى ورقتها الأولى، التي تنصّ على تثبيت وقف إطلاق النار، وإرساء الاستقرار على جانبَي الحدود، ثم الانتقال إلى ملف ترسيم الحدود، ليُستكمل لاحقاً بمرحلة سحب سلاح حزب الله. وأضافت أنّ الحكومة، ومع إعلانها في اجتماعها الأسبوع الماضي «الترحيب» بخطّة الجيش، وضعت عملياً الخطوات التنفيذية في عهدة المؤسّسة العسكرية، لتتولّى القيادة تحديد المراحل وآليّات التطبيق وفق ما تراه مناسباً.

وانعقدت أمس، في رأس الناقورة (آمال خليل) لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم)، بحضور قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال براد كوبر، للمرة الأولى إلى جانب أورتاغوس التي انتقلت مباشرة من مطار بيروت إلى الناقورة فور وصولها فجراً، فيما كان كوبر قد سبقها بيوم قادماً من قبرص. وكما الاجتماعات السابقة، لم يخرج لقاء اللجنة بأي تغيير جوهري، ولا تزال اللجنة تُثبت أنها إطار شكلي لا يملك صلاحية اتخاذ القرارات أو التأثير في مسار الأحداث، رغم أنّ الولايات المتحدة تتولّى رئاستها، وتشارك فرنسا بصفة نائب الرئيس، إضافة إلى عضوية قائد قوات «اليونيفل».

وبحسب مصدر متابع، ركّزت المباحثات على «الآليات التنفيذية لخطّة الجيش اللبناني التي قدّمها إلى مجلس الوزراء الجمعة الماضي»، لكنها لم تتجاوز إطار تبادل الآراء حول الخطّة.

وجدّد وفد ضباط الجيش التزامه بتنفيذ الخطّة مع توفّر الشروط الميدانية، وأوّلها الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات، في حين تحدّث الوفد الإسرائيلي عن انتظار آثار الخطّة من دون تقديم أي ضمانات لما تطلبه الحكومة اللبنانية. وفي نهاية الاجتماع، لم يُحدّد موعد الاجتماع المقبل للّجنة، لكنّ أعضاءها ودّعوا رئيسها الحالي، الجنرال الأميركي مايكل ليني، الذي سيغادر قريباً بعد تعيين خلفٍ له، علماً أنّ الولايات المتحدة أبلغت قيادة الجيش بأنها ستغيّر رئيس اللجنة كل ستة أشهر.

مصادر عسكرية معنيّة بـ«الميكانيزم» أشارت إلى أنّ الولايات المتحدة «كانت تخطّط لإنهاء عملها كما فعلت مع اليونيفيل. لكنها عادت وعدّلت خطّتها ربما بهدف تحويل اللجنة مستقبلاً إلى إطار قيادي للقوة الدُّولية المعزّزة التي تريد أميركا وإسرائيل أن تحلّ مكان اليونيفيل بعد انتهاء مهامها مطلع 2027».

بعد الاجتماع، قام الوفد العسكري الأميركي بجولة جوّية فوق منطقة جنوب نهر الليطاني. وبحسب المصادر، اتّفق الأميركيون مع الجيش اللبناني على عدم القيام بتحرّكات ميدانية لتجنّب استفزاز الأهالي، بعد التحرّكات الاحتجاجية ضدّ زيارة برّاك قبل أسبوعين. وفي خطوة غير مسبوقة، حملت طوّافتان للجيش اللبناني كوبر وأورتاغوس وليني مع ضباط الجيش، وجالت بهم فوق جنوب الليطاني.

ورغم أنّ الطائرتين لم تحلّقا فوق بلدات «الحافة» ولم تقتربا من النقاط الإسرائيلية المحتلّة، فإنّ موافقة إسرائيل على هذه الجولة تثبت قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغط عليها متى أرادت. وانطلقت المروحيّتان من الناقورة، وحلّقتا فوق بلدات الخطّ الثاني على الحدود الجنوبية باتجاه بنت جبيل ومرجعيون، قبل أن تستديرا نحو مجرى نهر الليطاني في وادي الخردلي، ثم تابعتا مسارهما نحو كفرتبنيت ويحمر وأرنون الشقيف وزوطر الشرقية وأوديتها ووادي الحجير.

ولفت مصدر مطّلع إلى أنّ الجولة «رسمت الإطار الجغرافي لخطّة الجيش حول حصرية السلاح، وهدفت لإظهار العوائق التي تمنع تنفيذها، وأوّلها الاحتلال». وأضاف أنّ الخطّة «قسّمت الجنوب إلى قسمين: من مجرى نهر الليطاني باتجاه الحدود جنوباً، ومن النهر باتجاه الشمال أولاً».

وأكّد المصدر أنّ القيادة «أصرّت على الانطلاق من حدود منطقة جنوب نهر الليطاني وليس العكس انطلاقا من الحدود، نظراً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي الحالي الذي يمتدّ بعمق ويصل إلى ثلاثة كيلومترات، يعيق عمل الجيش في تلك المنطقة». وأوضح أنّ «أي تخطٍ للجيش لهذه المسافة يعني عمليّاً التسليم بالاحتلال»، مشيراً إلى أنّ تنفيذ المرحلتين يبقى مرتبطاً بالقدرات اللّوجستية المتوافرة لدى المؤسسة العسكرية.

وقال المصدر إنّ إسرائيل طالبت عبر الولايات المتحدة بأن يبدأ الجيش اللبناني خطّته من منطقتَي بعلبك والهرمل، مدّعية أنهما مركز للصواريخ النوعية والطائرات المسيّرة. وأودعت «الميكانيزم» عشرات الإحداثيّات لنقلها إلى الجيش لتفقّدها، وأقرّ المسؤولون الأميركيون بأنهم سيطلبون من الجيش الكشف عن هذه المواقع استناداً إلى المعلومات الواردة من إسرائيل واليونيفل. ولفت المصدر إلى أنّ ضباط الجيش تحفّظوا على هذا الإجراء، مؤكّدين أنّه «لا يمكن الوثوق بإسرائيل، ولا يمكن استعراض القوة أو استفزاز السكان المحلّيين».


المنشورات ذات الصلة