أصبحت الرهون العقارية في السعودية على بُعد خطوة واحدة من التداول في السوق الثانوية، بعد أن أطلقت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري “SRC”، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، أول عملية “أوراق مالية مدعومة بالتمويلات العقارية السكنية” ضمن برنامج التوريق المحلي لتعزيز سوق التمويل العقارية.
وبلغ حجم القروض العقارية المقدمة من البنوك التجارية 992 مليار ريال في الربع الأول من هذا العام، وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزي السعودية “ساما”، فإن القروض الممنوحة للأفراد تستحوذ على ثلاثة أرباع حجم القروض الإجمالية.
ستجعل هذه الخطوة السوق الثانوية واعدة بوفرة القروض العقارية التي يمكن توريقها، والتي قد يتم إدراجها لاحقًا في السوق المالية وفق أطر تنظيمية وضوابط محكمة.
تمهّد هذه التطورات لنشاط سوق التوريق، ما من شأنه تخفيف الضغوط على ميزانيات البنوك وشركات التمويل، عبر شراء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري محافظ القروض العقارية وتحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتداول.
كما أن هذه الآلية ستمكّن الممولين من تدوير رأس المال بشكل أسرع، وتتيح لهم القدرة على تقديم قروض جديدة، ما يدعم استمرارية نمو قطاع الإسكان نحو مستهدفات رؤية السعودية 2030.
تبدأ العملية من جهة التمويل، سواء كانت بنكا أو شركة، حينما تمنح قروضا سكنية للأفراد، لتبيعها بعد ذلك إلى الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التي تصدر بدورها أوراقا مالية مدعومة بهذه القروض. وعادة ما تحصل الأوراق على تصنيف من الوكالات المتخصصة.
تسمح تلك الآلية بتحرير القروض العقارية لدى البنوك وشركات التمويل، ما يزيد من قدرتها على الاستمرار في التمويل العقاري، وفي المقابل تتيح للمستثمرين أصولا تنوع بها محفظتها الاستثمارية.
في المقابل قد تثير “الرهون العقارية” مخاوف من تكرار الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008، لكن جذور تلك الأزمة لم تكن في التوريق والتداول، الذي بدأ لأول مرة في الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، بل في منح الائتمان لأفراد بلا دخل أو عمل أو أصول، فيما عرف بقروض “النينجا”.
وتمثل الرهون العقارية المتداولة أصلا مهما في محافظ المستثمرين، لما تتمتع به من وجود أصل ثابت مدر للدخل ومستقر القيمة، إلى جانب قابلية التداول، ما يتيح قناة جديدة للاستثمار، تناسب مختلف شرائح المستثمرين من صناديق التأمينات والتقاعد أو شركات التأمين، وكذلك مديرو الأصول إلى جانب الأفراد.
يمكّن هذا أيضا من استمرار طرح منتجات جديدة في السوق، تزيد من فرص تنويع المحافظ الاستثمارية، ما يخفض من مخاطرها، لينعكس على استقرار الثروات ونموها.
ويعد تداول الصكوك المدعومة بالأصول العقارية من المنتجات المرجح أن تجذب استثمارات أجنبية، خصوصًا أن الاستثمارات الأعلى مخاطرة مثل أسهم الشركات جذبت أكثر من 400 مليار ريال.
ما يعزز الجاذبية كذلك هو ثبات سعر صرف الريال السعودي مقابل الدولار، إضافة إلى ارتفاع احتياطيات البنك المركزي من الأصول الأجنبية واستقرار النظام المالي والرقابة من قبل البنك المركزي السعودي