عاجل:

أي لبنان يولد بعد قرار "حصر السلاح"... توجهان متلازمان فهل يلتقيان يوماً؟! (خاص)

  • ٧٧

علاء بلال ـ خاص – "إيست نيوز"

في آب اللهاب وبالتوازي مع موجة الحر التي تضرب لبنان، فإن أجواء بيروت السياسية لا تقل سخونة عنها، فبين الضغوط الإقليمية والدولية تدخل المواقف السياسية وقرارات الحكومة غير المسبوقة في موجة سجال حاد بين مختلف الاطراف السياسية، بطريقة توحي انهما يسلكان خطين متوازيين قد لا يلتقيان وان التقيا، فتلك ستكون لحظة تؤشر الى عودة ايام العجائب!.

هذا الكلام جاء بالتوازي مع زيارة إيرانية رفيعة المستوى جاءت في توقيت حساس، رمت فيها أوراق اعتمادها وكأنها تقول "انا لم اخرج من اللعبة" ولا زلت أملك مفاتيح قرار "البيئة الشيعية" في لبنان، خرج بعدها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير بمناسبة أربعين الإمام الحسين في بعلبك بخطاب عالي النبرة ليعلنها "بالعربي المشبرح" سنخوضها "معركة كربلائية"، في رسالة قرأها البعض وعلى راسهم رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بأنها تهديد مبطن بالحرب الأهلية.

فما الذي دفع حزب الله إلى هذا التصعيد؟ وهل السلطة مستعدة لتحمّل التبعات؟

بين قرارات الحكومة التي بوادر للتراجع عنها إلى حد هذه اللحظة، والتي أكد عليها سلام في مقابلة تلفزيونية مؤخرا ورسائل "حزب الله" الواضحة والصريحة أسئلة كثيرة تطرح نفسها، لماذا رفع الشيخ نعيم من سقف خطابه؟ وهل من الممكن أن تتراجع الحكومة عن قرارها على وقع الموقف الشيعي الموحّد؟

العميد المتقاعد منير شحادة، اعتبر في حديث خاص لـ "إيست نيوز" أن ما جرى "يشكّل تحوّلًا بالغ الخطورة"، موضحًا أن الأمين العام لحزب الله كان قد أعلن قبل أشهر بوضوح رفضه المطلق لأي حديث عن نزع أو تسليم السلاح، معتبراً أن الحزب نفّذ ما هو مطلوب منه وفق ما نَصّ عليه البيان الوزاري وخطاب القسم، و"لم يعد مقبولًا أن يُطلب منه المزيد، بينما لم تلتزم إسرائيل بأي من استحقاقاتها".

ورأى شحادة "أن إدراج هذا البند لم يكن قرارًا داخليًا صرفًا، بل جاء نتيجة ضغط خارجي واضح تمثل في تحذيرات من فرض عقوبات اقتصادية، وتهديد بعض الدول العربية بقطع العلاقات مع لبنان في حال لم يتحرك في ملف السلاح."

يضيف شحادة أن "الضغط كان مباشرًا، والمهلة الممنوحة لتنفيذ القرار وُضعت بحسابات سياسية خارجية أكثر مما هي وطنية".

ولكن.. لماذا يعتبر تكليف الجيش بتنفيذ الخطة خطًا أحمر بالنسبة لـ "حزب الله"؟

في ما يخص الجيش والحزب، يكشف العميد شحادة "أن ما زاد من حدّة الموقف هو تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تنفيذية، وهو ما فُسّر من قبل الحزب على أنه إعلان نوايا صدامية، فكان ردّ الأمين العام سريعًا وواضحًا بأن الحزب لن يقبل أن يُفتح هذا الملف من دون توافق وطني".

وفي وقت لا يبدو أن الحكومة بصدد التراجع عن القرار، لا تستبعد المصادر أن يتم تمديد المهلة الممنوحة للجيش، في محاولة لكسب الوقت والالتفاف على التصعيد السياسي، لكنها حذّرت في المقابل من أن المضي في هذا المسار "دون رؤية وطنية موحّدة قد يهدد الاستقرار الداخلي في ظرف إقليمي بالغ الدقة".

على المقلب الآخر، رفع العميد الركن المتقاعد جوني خلف من سقف تحذيراته بحيث اعتبر "أنّ الجدل القائم حول سلاح "حزب الله" لم يعد نقاشاً سياسياً عادياً، بل تحوّل إلى أزمة طائفية خطيرة تُهدّد وحدة اللبنانيين. وبرأيه، فإن الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق يمر عبر الدستور والقوانين وقرارات مجلس الوزراء، بعيداً عن المزايدات والخطابات المتشنجة."

كيف يمكن للدولة فرض سلطتها في مواجهة حزب مسلّح؟

للتذكير، يلفت خلف إلى "أنّ قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش وضع خطة لتسلّم سلاح الحزب لم يكن قرارا مفروضاً من الخارج، بل أقرّه مجلس الوزراء ونال ثقة البرلمان، وبحضور وزراء ونواب من حزب الله نفسه". لكن المفارقة، كما يقول، "أنّ الحزب يقبل بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة في النصوص، ويرفض تطبيقه على أرض الواقع".

من هنا، يرى خلف "أنّ سلاح الحزب فقد جزءاً كبيراً من شرعيته، فالمبررات التي رُفِع من أجلها لم تعد قائمة: لا حرب مفتوحة مع إسرائيل، ولا قدرة للحزب على الرد على الاعتداءات الأخيرة، فيما أزمته المالية الخانقة حدّت من إمكانياته العسكرية واللوجستية".

ويستشهد خلف بخطوة عملية جرت أخيراً: "تسلّم الجيش السلاح من المخيمات الفلسطينية. خطوة يعتبرها مؤشراً على أنّ الدولة جادّة في مسار بسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية، وأن هناك إجماعاً داخلياً متنامياً على أنّ الجيش هو الضامن الوحيد للأمن والسيادة".

وفي الخلاصة، يضع خلف الحزب أمام مفترق طرق حاسم: إمّا الاندماج الكامل في الحياة السياسية كقوة مدنية تستمد شرعيتها من صناديق الاقتراع، أو الاستمرار في التمسك بسلاح بات عبئاً على لبنان وصورته وعلاقاته. خيار، كما يقول، سيرسم ملامح المستقبل ويحدد أي لبنان نريد".

المنشورات ذات الصلة