كتبت جريدة "الجمهورية" أن خلاصة زيارة برّاك، على ما تكشف مصادر مطلعة على المحادثات التي أجراها مع الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، أنّ جوهرها هو المجاملة والكلام الجميل. حيث وصف برّاك رئيس المجلس النيابي نبيه بري ب «شخصية حاذقة له تاريخ مذهل »، والإشادة والثناء على الحكومة وقراراتها، والتعبير عن «اغتباط » واشنطن بما قرّرته الحكومة اللبنانية، وتأكيد دعمها إلى أبعد الحدود وتشجيعها على المضي سريعاً في اتباع الآليات التنفيذيه لما قرّرته، كمعبر إلزامي للوصول بلبنان إلىما تصفه واشنطن بالازدهار الموعود».
وبحسب المصادر عينها، فإنّ "برّاك استمع إلى تأكيدات كبار المسؤولين على مايفيد بأنّ لبنان قام بما هو مطلوب منه، والتزم بخارطة الطريق المحدّدة في الورقةالأميركية، وبالتالي فإنّه يعوّل على دعم الولايات المتحدة الأميركية بما لها من نفوذ على إسرائيل، لإلزامها بمندرجات ورقة برّاك. وإزاء ذلك، بدا انّه متجاوب ولكن من دون أن يُلزم نفسه بكلام مباشر أو بأي تطمينات او ضمانات حول هذا الأمر، ما خلا كلام عام عبّر عنه على شاكلة انّ الخطوة الإيجابية التي أقدم عليها لبنان ينبغي أن تُقابل بخطوة مماثلة من قبل إسرائيل». ولفتت المصادر إلى أنّ برّاك في محادثاته، كرّر بصورة صريحة التأكيد على انّ بلاده لا ترغب في انحدار الوضع في لبنان إلى حال من عدم الاستقرار، وتجنّب ما يمكن أن يُفسّر على انّه تهديد أو تحذير حول أي أمر او لأي طرف، بل اعتمد نقاشاً هادئاً، يصحّوصفه بالترغيب، ولكن مع إبقاء كرة اغتنام الفرصة التي توفرها ورقة الحل الأميركي بيد اللبنانيين، باعتبارها تؤسس لمستقبل زاهر لن يطول الوقت حتى تبدأ ارتداداته الإيجابية بالظهور، بما يفتح المسار واسعاً على ازدهار لبنان الموعود، وخصوصاً في منطقة الجنوب، وهو الخيار الذي ينبغي على اللبنانيين أن يسلكوه وفق مندرجات الورقة، ويحاذروا الإنحراف نحو مسار معاكس وما قد ينتج منه من آثار وسلبيات ليست في مصلحة لبنان واستقراره".
قالت مصادر سياسية مسؤولة ل "الجمهورية" إنّ "حديث برّاك عن أنّ المطلوب هو خطوة إسرائيلية مقابلة للخطوة اللبنانية ينطوي على تطوّر ايجابي ينبغي التوقف عنده ملياً، اولاً لأنّ هذا الحديث يشكّل تعديلاً في خطاب برّاك الذي سبق وأعلن أننا لا نستطيع أن نلزم إسرائيل بشيء، وثانياً، وهنا الأساس، لأنّه يلقي الكرة في الملعب الإسرائيلي لمقابلة الإيجابية اللبنانية بإيجابية مثلها». واللافت في هذا السياق، الردّ الإسرائيلي السريع على ما قاله برّاك حول انّ المطلوب خطوة إسرائيلية مقابل خطوة لبنان. حيث نقلت قناة «الحدث » عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله "إنّ إسرائيل ستقوم بدورها عندما يتخذ لبنان خطوات فعلية"، مشيراً إلى أنّ لا نية لإسرائيل بالاحتفاظ بالأراضي اللبنانية، وقال: "إنّ الانسحاب من النقاط الخمس على الحدود مع لبنان سيتمّ بموجب آلية منسقة مع لجنة اتفاق وقف اطلاق النار".
وإذا كانت الورقة الأميركية قد باتت سارية المفعول من وجهة نظر الحكومةوالأميركيين، فإنّها ما زالت تشكّل عنصر اشتباك حولها مع معارضيها على جبهة الثنائي الشيعي، اللذين يعتبرانها "أسوأ من اتفاق 17 أيار ". والكلام هنا لمسؤول كبير في هذا الجانب الذي قال لـ"الجمهورية" إنّ "مشروعاً من هذا النوع لا يمكن ان تُكتب له الحياة مهما تحلّق حوله الداعمون" .
ولفت المسؤول عينه إلى انّ "الورقة الأميركية مهما أغرقت بالمديح والثناء عليها،فهي أمر معقّد يفتقد إلى الميثاقية والإجماع عليه". وسأل: "هل ثمة من يضمن من الأميركيين وغير الأميركيين أن تتجاوب إسرائيل؟ "، وقال: "مصير الورقة الأميركية بمعزل عن تأييدها او الاعتراض عليها في الداخل اللبناني يحدّده قرار إسرائيل بشأنها، وهو قرار معلوم سلفاً. فقبل كل شيء يجب أن يعلم الجميع، وخصوصاً الغافلون والمتسرّعون في القرارات، أنّ اسرائيل تريد أن تأخذ ولا تريد أن تعطي، تريد امراً واحداً هو تجريد "حزب الله" من سلاحه، ولا تعنيها ورقة أميركية او غير اميركية، فلقد سبق لها وأعلنت على لسان مستوياتها السياسية والعسكرية انّها ستستمر في عدوانها ولن تنسحب من النقاط الخمس، ثم يجب أن يلاحظ هؤلاء جميعاً وكذلك اصحاب الورقة، انّ اسرائيل تريد ترسيخ احتلالها، فالنقاط التي تحتلها، كانت 5 نقاط وصارت رغم وجود الورقة 6 او 7 نقاط، وربما تصبح اكثر، فما الذي يضمن اّ لّا يحصل ذلك؟
والأمر نفسه، يضيف المسؤول الكبير، "متعلّق بسحب السلاح والذي هو أكثر تعقيداً، وخصوصاً انّ جميع المعنيين بهذا الأمر، ومن ضمنهم برّاك وشركاؤه، يعلمون علم اليقين انّه صعب التحقيق. ولكن ما يثير القلق في هذا المجال هو العزف المتواصل على وتر انّ مهمّة نزع سلاح الحزب بيد اللبنانيين، فما الذي يقصدونه من ذلك، وإلى أين يريدون أن يدفعوا باللبنانيين".