عاجل:

"لا حياة إذا واجهتمونا"… ما بين تهديد قاسم ورسائل لاريجاني ... هل من هامش لإحياء الدولة؟! (خاص)

  • ٧٠

عصام شلهوب - خاص - "إيست نيوز"

بيروت في آب الملتهب، حيث تختلط حرارة الشمس بسخونة السياسة، خرج الأمين العام لـ "حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، بكلماتٍ أشعلت الجدل قبل أن تهدأ حرارة النهار. قالها بحدةٍ لا تخلو من القصد: “لا حياة إذا كنتم ستقومون بمواجهتنا”، وكأنها نبوءة سوداء أو رسالة إنذار إلى الحكومة، وربما إلى الداخل والخارج معاً.

هذا الخطاب لم يأتِ في فراغ، بل جاء على وقع زيارة ذات رمزية عالية قام بها الأمين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني إلى بيروت قبل أيام. وحمل معه خطاباً يبدو للوهلة الأولى دبلوماسياً، لكنه في عمقه كان تثبيتاً لمعادلة أن سلاح المقاومة ليس بنداً على طاولة المساومة، وأن دعم إيران لحزب الله ثابت "طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي والتهديد للبنان قائماً."

لغة التهديد وعمق الرسائل

ورات مصادر سياسية عبر "إيست نيوز" في الكلمات التي استخدمها قاسم قد حملت شحنةً انفعالية عالية، أقرب إلى لغة التعبئة والتحذير منها إلى لغة النقاش السياسي. "لا حياة"… عبارة تفتح الباب على احتمالات قصوى: شلل مؤسسات، انفجار أمني، أو انهيار كامل للمنظومة السياسية. وفي بلد هشّ مثل لبنان، تكفي كلمة لتُشعل شارعاً أو تعيد إلى الأذهان صور الحرب الداخلية.

أما لاريجاني، فاختار أن يوصل رسالته بعبارات أكثر هدوءاً في شكلها المختار، لكنها لا تقل وضوحاً وقساوة في عمقها. خلال لقائه المسؤولين اللبنانيين. فهو أكد أن إيران "لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان"، لكنه في الوقت نفسه اتهم الولايات المتحدة بدفع الحكومة نحو خطة خارجية لنزع سلاح "حزب الله". وهنا، بدا أن الموقف الإيراني يتكامل مع تحذير قاسم: الأول يوفّر الغطاء السياسي الخارجي، والثاني يطلق الإنذار الداخلي.

بين المقاومة والسيادة

هنا يطلّ السؤال الدائم – تضيف المراجع عينها - كيف يمكن لمشروع مقاوم أن يعيش في انسجام مع مشروع الدولة، إذا كانت الدولة مطالَبة بالاحتكام إلى جيشها وقوانينها؟ لاريجاني تحدث عن “التعاون في إطار السيادة”، لكن هذا التعاون، لا وجود له بنظر خصوم الحزب، يظل مشروطاً بموافقة الحزب على أن تكون قرارات الحرب والسلم بيد الدولة وحدها. ولكن في المقابل لم يترك قاسم مجالاً للالتباس فقال: "المواجهة مع الحزب تعني المواجهة مع ما يعتبره “حقاً مقدساً” في الدفاع".

انعكاسات على الداخل

توازيا تصر أطراف لبنانية وازنة تعارض توجهات الحزب في قراءتها للوضع في لبنان عبر "ايست نيوز" فتقول انه وفي بلد يعاني من انهيار اقتصادي، حيث الليرة تتهاوى والبطالة تتفاقم، أي خطاب تصعيدي ـ سواء كان مباشراً مثل قاسم أو مُغلّفاً بالديبلوماسية مثل لاريجاني ـ يزيد من القلق الشعبي ويغلق نوافذ التفاوض. فاللبنانيون، المنهكون من أزمات متلاحقة، يسمعون الرسائل كل على طريقته وخلفياته السياسية وفق معادلة تقول: تهديد من هنا، واصطفاف من هناك، يعني "أن مصير الدولة الموعدة من قبل اكثرية بات اللبنانيين يتأرجح بين نفوذ السلاح وحلم السيادة".

وعليه، تنتهي المعطيات والمؤشرات الى معادلة متناقضة، فيرى أنصار الحزب "أن قاسم يضع النقاط على الحروف، وأن لاريجاني جاء ليؤكد دعم المقاومة" في مواجهة الضغوط الدولية. أما معارضوهم، فيرون أن الرسالتين معاً تشكلان ضغطاً على الدولة وتكريساً لواقع السلاح خارج الشرعية. لكن المؤكد أن المشهد اللبناني اليوم محكوم بلعبة رسائل متبادلة: رسالة من طهران على لسان لاريجاني، وأخرى من الضاحية على لسان قاسم، وفي الوسط حكومة تحاول أن تحافظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة لاحيائها وقد ضاق هامش المناورة امام الجميع بانتظار القرار المناسب في الوقت المناسب. فهل سيكون ذلك لصالح جميع اللبنانيين وكيف ومتى؟

المنشورات ذات الصلة