عاجل:

الغلاء في لبنان بين الواقع الصعب وعدم القدرة على حماية المستهلك: تحديات بلا ضوابط... ولا حلول جذرية!؟ (خاص)

  • ٣٩

علاء بلال ـ خاص "إيست نيوز"

منذ عام 2019 تاريخ بداية الأزمة المالية حتى تشكيل الحكومة الحالية برئاسة نواف سلام، ومع مرور اكثر من نصف عام على تعيين عادل البساط وزيرا للاقتصاد في الـ 8 من شباط من العام الحالي، الوضع في لبنان "مكانك راوح" ومن دون أي تحسن. لا بل فقد تسارعت وثيرة الازمات القتصادية والمعيشية في موازاة ارتفاع مستمر في الأسعار يقابله تراجع ملموس في القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل غياب إجراءات حكومية واضحة وحلول عاجلة.

وفي هذا الاطار أكدت مصادر مطلعة في وزارة الاقتصاد لـ"إيست نيوز" إلى أن أسعار السلع والخدمات في الأسواق اللبنانية ما زالت في تصاعد مستمر، على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار في السوق الموازية عند حوالي 89,500 ليرة لبنانية منذ منتصف عام 2023. ويرجع هذا الارتفاع إلى عوامل هيكلية عميقة، أبرزها انهيار القطاع المصرفي، ضعف الإنتاج المحلي، وتعقيدات البنية الاقتصادية التي لم تتعافَ حتى الآن. كما أن دولرة الاقتصاد اللبناني، التي تعني تسعير غالبية السلع بالدولار أو ما يعادله نقداً، تجعل الأسعار مرتبطة بشكل مباشر بتكاليف الاستيراد، ما يزيد الضغط على الأسواق والأسعار.

ووفقا للمصدر، الذي فضل عدم الكشف عن إسمه، لقد طرح الوزير البساط في أيار 2025، خطة متوسطة الأجل تتضمن، المشاركة في إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ومواصلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، بالاضافة للتعاون مع وزارة المالية ومصرف لبنان في إعداد خطة اقتصادية، وإبقاء فرق التفتيش على جهوزية للتحرك عند الحاجة، مع استقبال الشكاوى عبر قنوات مباشرة أو إلكترونية.

لكن رغم هذه الإعلانات، لا تزال انعكاسات هذه الخطوات على الأسعار المعيشية غير ملموسة، فأين هو وزير الاقتصاد؟

يضيف المصدر عينه أن هناك غياب لخطة رقابية منهجية، فعمليات المداهمة والتفتيش تبدو متفرقة وتأتي غالبًا كرد فعل على شكاوى أو مناسبات موسمية، دون برنامج واضح أو جدول زمني ثابت. أضف إلى ذلك أن القوانين الحالية لا تمنح صلاحيات فورية لإغلاق المحال المخالفة أو فرض عقوبات رادعة من دون مسار قضائي طويل. والمشكلة الأكبر تكمن في عدم وجود معايير لتحديد حجم المؤسسات (صغيرة، متوسطة، كبيرة) يحول دون وضع حدود ربح عادلة ومراقبتها بدقة.

والى هذه المعطيات، وحتى اللحظة لا توجد خطة وطنية واضحة ومعلنة تستهدف خفض غلاء المعيشة على المدى القصير.وان المطروح حاليا وفقا لمصادر "إيست نيوز" يقتصر على رؤية متوسطة الأجل مدعومة بدراسات.

وعليه، فإن هذه المبادرات، وإن كانت إيجابية من حيث المبدأ، إلا أن أثرها الزمني والميداني على الأسعار اليومية يبقى محدودًا، ما يعزز الحاجة إلى خطة تنفيذية متكاملة، مؤشرات أداء واضحة، وجدول زمني محدد لإشراك المواطنين في متابعة النتائج.

تزامنا تقول الاحصائيات، يبلغ الحد الأدنى للأجور في لبنان اليوم حوالي 300 دولار فقط، مقارنة بـ 450 دولاراً قبل الأزمة الاقتصادية. رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو وفي حديث خاص لـ "إيست نيوز" أشار إلى أن هذا الانخفاض الكبير في الدخل الفعلي مقابل ارتفاع الأسعار أدى إلى تراجع حاد في القدرة الشرائية، ما دفع شريحة واسعة من اللبنانيين إلى الفقر المدقع، خاصة كبار السن وذوي الدخل المحدود.

في ظل هذه الظروف الصعبة، تحدثت "إيست نيوز" الى رئيس جمعيّة حماية المستهلك الدكتور زهير برّو الذبي اكد ان الجمعية تلعب دورا رقابيا من اجل حماية المستهلك من التجاوزات في الأسواق. ولكنها تواجه عقبات وقيوداً كبيرة، فالإجراءات ليست مجرد حملات أو قرارات مؤقتة، بل تحتاج إلى إرادة سياسية واضحة ومؤسسات قوية قادرة على فرض النظام وحماية المستهلك.

ويُشدّد برو على غياب الدولة ودورها في تطبيق القوانين وضبط الأسواق، خصوصاً أن السلطة السياسية والمصرفية تتحكم في الاقتصاد، وتعرقل الإصلاحات اللازمة، مما يحول دون تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف، تُعلن الوزارة بين الحين والآخر عن خطط متوسطة الأجل، منها خريطة طريق لإعادة هيكلة القطاع المصرفي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، إضافة إلى خطط لتعزيز حماية المستهلك. كما تتعاون مع برنامج الأغذية العالمي لرصد أسعار نحو 75 سلعة أساسية بشكل شهري. لكن هذه الخطط وفق المصادر تبقى على الورق، ولا تبدو قادرة على التأثير المباشر والسريع على حياة المواطنين اليومية،ما يجعل الأزمة مستمرة.

وفي حديثه وجه برو أصابع الاتهام نحو الطبقة الحاكمة. ملمحا الى أن الأزمة ليست مجرد نتيجة عوامل خارجية، بل هي نتاج تراكم سنوات من السياسات الخاطئة والفساد وسوء الإدارة. ومن يتحمل المسؤولية الكبرى هم زعماء الطوائف والأحزاب الذين يسيطرون على مفاصل الدولة ويعرقلون الإصلاحات الحقيقية.

في المحصلة، يبقى المواطن اللبناني يعيش بين نار الغلاء وغياب الدعم، فلبنان يحتاج لبنان إلى تحركات سياسية جادة تضع مصلحة الناس أولاً، فهل تتحرك الأجهزة المعنية وعلى رأسها وزير الاقتصاد؟

المنشورات ذات الصلة