خاص – "إيست نيوز"
وسام عبدالله
تواصلت عملية عودة النازحين السوريين من دول الجوار إلى بلدهم، ضمن جهود رسمية، تهدف إلى تنظيم قوافل "العودة الطوعية" وتأمين الضمانات القانونية واللوجستية اللازمة، وسط استمرار النقاش المحلي والدولي حول ظروف هذه العودة ومستقبل اللاجئين.
وفي هذا الإطار، استؤنفت قوافل جديدة للعودة الطوعية من لبنان مؤخرًا ، وكان آخرها تلك التي غادرت منطقة برالياس في البقاع الأوسط بعدما ضمت مجموعة من 72 عائلة سورية عبر معبر "المصتع - جديدة يابوس" الحدودي، بإشراف من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ( UNHCR) وممثلين عن من الصليب الاحمر ومنظمات إنسانية، وبتنسيق مباشر بين السلطات اللبنانية ممثلة بالامن العام اللبناني ونظيره السوري وومن يمثل هيئة المنافذ البرية والبحرية السورية وجمعيات لبنانية وسورية محلية.
العائدون بالارقام
وفي مواكبته لمشاريع العودة أوضح مصدر رسمي في هيئة المنافذ البرية والبحرية السورية لموقع "إيست نيوز" أن هناك نحو 600 ألف لاجئ سوري عادوا إلى البلاد عبر المعابر الشرعية منذ سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول الماضي، وتوزعت الاعداد حسب مصادر العودة على الشكل التالي: 400 ألف من تركيا، 110 آلاف من لبنان، 100 ألف من الأردن و20 ألفًا من العراق.
وتلفت الجهات المعنية إلى أن هذه الأرقام لا تشمل العائدين عبر المعابر غير الشرعية، لا سيما على الحدود اللبنانية، حيث دخل وخرج آلاف السوريين خلال السنوات الماضية بطرق غير نظامية.
تأهيل المعابر لاستقبال العائدين
ويؤكد المصدر الرسمي أنه جرى تأهيل المعابر الحدودية بعد السيطرة على المناطق الحدودية مع لبنان، من حيث البنية التحتية وتدريب الكوادر العاملة في مجالات الأمن والهجرة والجمارك. وتعمل السلطات حاليًا في أكثر من 11 معبرًا حدوديًا، على كامل حدود البلاد، بعدما جرى تحديثها بالكامل لتلبية الطلب المتزايد، وسط تطلع للوصول إلى معايير دولية في استقبال اللاجئين خلال الأشهر المقبلة.
إجراءآت وتسهيلات لبنانية
وضمن مسار التنسيق المتبادل بين البلدين، أكد المصدر عينه، أن السلطات اللبنانية سمحت مؤخرًا بدخول الأثاث المنزلي للعائدين عبر سيارات "بيك أب"، بعدما كان الأمر محصورًا بالشاحنات. كما تم إعفاء السوريين من مخالفات الإقامة والغرامات المترتبة على تجاوز المدة القانونية. وأكدت الجهات السورية أن التنسيق مع الجانب اللبناني يجري بشكل يومي لمعالجة أي عقبات محتملة قد تواجه العائدين.
في السياق ذاته، تعمل السلطات اللبنانية على استمرار التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتأمين العودة ضمن المعايير الدولية. وأشارت المفوضية في أرقامها الرسمية، أن أكثر من 191,000 لاجئ سوري عادوا من لبنان إلى سوريا منذ 8 كانون الأول 2024، من أصل نحو 628,000 عادوا من دول الجوار كافة خلال نفس الفترة.
وأشارت المفوضية إلى أن عدد اللاجئين السوريين المتواجدين في لبنان يُقدّر بنحو 1.37 مليون حتى تاريخه، وأن هناك توقعات بزيادة أعداد العائدين في الأشهر المقبلة، مع توفر الدعم المناسب.
وفي إطار الإجراءات العملية لتشجيع العودة، يتضمن برنامج العودة من لبنان تقديم دعم نقدي بقيمة 100 دولار أميركي للفرد، بالإضافة إلى خيارات للنقل، وجلسات إرشاد قانوني وتوثيقي، إلى جانب قيام الأمن العام اللبناني بتسهيل إجراءات الخروج ورفع الغرامات المفروضة، بما يضمن انتقالًا سلسًا وطوعيًا للعائدين.
وبحسب الإجراءات المتبعة من قبل المفوضية، يوقع العائدون وثيقة تؤكد رغبتهم في العودة الطوعية، ليشطب ملفهم من سجلات المفوضية ويتوقف حصولهم على أي دعم في لبنان، ليواصل متابعتهم لتقديم الدعم لهم في سوريا.
فقدان الوثائق الثبوتية
من أبرز التحديات التي تواجه العائدين عبر المعابر السورية، مشكلة الوثائق الثبوتية، لا سيما لدى الأطفال المولودين في الخارج ممن لم يتم تسجيلهم رسميًا، والتي يتم التعامل معهم على أساس أنهم "مكتومي القيد".
حيث تتم معالجة هذه الحالات على الحدود السورية، بأن تُقبل أي وثيقة تُثبت هوية الشخص، حتى لو كانت صورة رقمية عبر الهاتف. وفي حال عدم توفر أوراق، يُطلب من العائدين التواصل مع أقارب داخل سوريا لتوفير بيانات تثبت الجنسية، خصوصًا بالنسبة للأطفال، مع إمكانية اعتماد شهادة ولادة أو وثيقة تسجيل من المفوضية.
ضبط المعابر غير الشرعية
ويشير المصدر إلى أن ظاهرة التهريب وعبور الحدود غير النظامية لا تزال قائمة، لكنها تخضع حاليًا لإجراءات أمنية مشددة من قبل وزارة الداخلية السورية وإدارة حرس الحدود بهدف ضبطها تدريجيًا. وتعتمد الحكومة السورية حاليًا على ثلاثة معابر رئيسية مع لبنان لتأمين العودة المنظمة وهي: معبر جديدة يابوس – المصنع (دمشق – بيروت)، معبر جوسية (حمص – البقاع) ومعبر العريضة (طرطوس – طرابلس).
وتؤكد الجهات المعنية أن الأوضاع على الحدود أفضل بكثير مقارنةً بالسنوات السابقة، مع استمرار العمل للوصول إلى ضبط كامل خلال الفترة المقبلة، بالتعاون مع الجانب اللبناني.
خطوات إيجابية وتحديات قائمة
رغم التقدم المحرز في ملف العودة، تبقى العملية مرتبطة بعدة عوامل معقدة، من أبرزها الوضع الأمني، والظروف الاقتصادية، والتسهيلات القانونية المتعلقة بالسكن والخدمات. وتأمل الجهات الرسمية أن تسهم هذه العودة في دعم جهود إعادة الإعمار والاستقرار الاجتماعي، وسط متابعة دقيقة من المجتمع الدولي، الذي يشدد على ضرورة توفير ضمانات لحقوق العائدين وخلق بيئة تسمح باندماجهم الآمن داخل المجتمع السوري.