جوي ب. حداد خاص – "إيست نيوز"
في التاسع من آب 2025، تحوّلت بلدة زبقين الجنوبية إلى ساحة مأساة وطنية، بعدما أودى انفجار مُستودع ذخيرة بحياة ستّة من عناصر الجيش اللبناني، كانوا يؤدّون واجبهم في الكشف على أسلحة وذخائر حربية.
وقالت مصادر سياسية لموقع "ايست نيوز" في قراءتها للحادث فلفتت إلى انه لم يكن الإنفجار مُجرّد حادث أمني، بل جاءَ ليعيد فتح ملفّ السلاح غير الشرعي في لبنان، ويطرح أسئلة مُلحّة حول قدرة الدولة على فرض سيادتها الكاملة في جميع المناطق، بالتزامن مع الحديث عن خطة أميركية لتجريد حزب الله من سلاحه، مُقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي من الجنوب.
المشهد الداخلي تحت الضغط
ورأت المصادر أن الإنقسام السياسي قد بلغ ذروته بعد إعلان الحكومة خطة أمنية تهدف إلى حصر السلاح بيد الشرعية، بدعم أميركي ودولي. وإن كانت الخطّة تنصّ على "انسحاب إسرائيلي من مناطق حدودية"، فانها قوبلت برفض قاطع من "حزب الله"، الذي اعتبرها استهدافاً مباشراً للمقاومة وتفريطاً بما يصفه بـ "معادلة الردع". وقد انسحب وزراء الحزب من جلسة مجلس الوزراء، ما عكس حجم التباين الحاد بين مكوّنات السلطة. وفي المقابل فقد ظهرت مواقف على الضفة الأخرى، عبرت عن راي المؤيدين للخطة الذين قالوا "أنّ الوقت قد حان لتوحيد القرار الأمني تحت سلطة الدولة"، مُعتبرين "أنّ هذه الخطوة قد تمهّد للحصول على دعم دولي لإعادة اعمار ما هدمته الحرب وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد المتوقّفة منذ سنوات".
تداعيات انفجار زبقين
على هذه الخلفيات، فقد كشف انفجار مستودعات الذخيرة عن واقع أمني خطير، يتمثّل في وجود مخازن سلاح خارج سيطرة الدولة، وما تحمله من تهديد مُباشر لحياة العسكريين والمدنيين. وتشير المعلومات الأولية إلى أنّ الذخائر تعود لفترات سابقة ولم تُسلَّم إلى الجيش، ما يثير تساؤلات حول حجم الأسلحة المخزّنة في مناطق عدّة.
وإن كانت هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد شكّلت جرس إنذار للحكومة بضرورة معالجة الملف قبل تكرار الكارثة، وإطلاق خطة عاجلة للتعامل مع مخلفات الحروب والذخائر غير المُنفجرة المنتشرة في الجنوب.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
وعليه فقد تعددت السيناريوهات المتوقعة التي تحاكي المرحلة المقبلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
- تعزيز سلطة الدولة: نجاح الخطة الأمنية قد يفتح الباب أمام استقرار نسبي، إذا ما ترافق مع دعم اقتصادي وإعادة إعمار.
- التصعيد الداخلي: رفض حزب الله للخطة قد يؤدّي إلى توتّر سياسي وربما أمني، في ظل احتقان شعبي مُتزايد.
- المراوحة: استمرار الوضع الراهن دون حسم، مع تجميد الملف بانتظار متغيرات إقليمية أو تسويات دولية.
قبل فوات الأوان
لبنان اليوم أمام مُفترق طرق حاسم. انفجار زبقين ليس حدثاً عابراً، بل رسالة دامية بأن الوقت يضيق أمام الدولة لحسم ملفّ السلاح غير الشرعي. الحل يتطلّب مُقاربة شاملة تجمع بين المُعالجة الأمنية والحوار السياسي، لضمان مُشاركة كل الأطراف في صياغة مُستقبل البلاد، ومنع الإنزلاق إلى مواجهات لا تُحمد عقباها.
القرار الحاسم
وانتهت المصادر السياسية لتقول من المهم أن يتحوّل انفجار زبقين إلى بداية إصلاح فعلي، أو أن يكون نقطة انحدار جديدة نحو فراغ أمني وسياسي قاتل. وان القرار اليوم بيد من يضع مصلحة الوطن فوق أي حساب آخر. وعليه، هل سيكون لبنان قادراً هذه المرة على تجاوز معضلة السلاح وإعادة بناء دولته، أم أن دماء زبقين ستغرقه في دوامة فراغ جديدة لا مخرج منها؟