إيست نيوز ـ ترجمة باسم اسماعيل
كتبت بَليستيا العقاد، وهي صحفية ومؤلفة فلسطينية:
"لماذا لا يمكنني الحصول على رمانة؟"
أغرق سؤال الفتاة الصغيرة قلب أبيها حاتم .. كيف سيشرح زميلي حاتم لابنته أنه لا يوجد رمان وبالكاد يوجد طحين؟ كيف سيشرح لها أن أناساً حقيقيين يفعلون هذا بها عن قصد ويُجوعون معدتها الصغيرة كسلاح؟
بينما أجلس هنا في أستراليا أشاهد "حليفنا في الشرق الأوسط" وهو يحرم عائلتي وأصدقائي من الطعام، لا يسعني إلا أن أفكر: 'كان يمكن أن أكون مكانها'.
الفرق الوحيد بيني وبين ابنة حاتم هو بضعة آلاف من الكيلومترات. الحظ الجغرافي هو سبب كوني في أمان، لكنه حظ لا ينقذني من الشعور بالذنب فأنا أجلس ملتصقة بالشاشة بينما يحاول زملائي بأجسادهم الضعيفة توثيق مجاعتهم للأمريكيين والأستراليين وأي شخص آخر .. ولا يمنعني ذلك من التساؤل عن السبب الذي يجعل زملائي بحاجة إلى "إثبات" مجاعتهم !
هذا لا يمنعني أيضاً من الشعور بأننا كبشر ربما نكون جميعاً غير محظوظين لأننا نعيش في جحيم، في نظام عالمي يسمح بقصف المستشفيات وتجويع الأطفال .. نحن نعيش في عالم يسمح بحدوث ذلك.
ما أشعر به هو شيء أكثر من مجرد حسرة .. إنه الغضب، لا ينبغي أن يذهب أي طفل إلى الفراش جائعاً ناهيك عن أن يموت بسبب ذلك .. لا يجب على أي أم أن تختار أي طفل يأكل .. لا ينبغي لأحد أن يعرف معنى عدم تناول الطعام لأيام.
إن المجاعة هي الإبادة الجماعية بحد ذاتها. إسرائيل تتعمد تجويع غزة حتى الموت ببطء وبشكل مؤلم وعلني.
أنا وأنت نشاهد مجاعة من صنع البشر ونعرف مايحدث، والمعرفة تأتي معها المسؤولية .. مسؤولية أن نرفع صوتنا للاحتجاج أن نتبرع أن نطالب حكوماتنا باتخاذ إجراءات حقيقية أن نرفض التواطؤ.
قد تبدو هذه الأفعال صغيرة مقارنةً بمأساة غزة، ولكنني لو كنت أشاهد ابنتي الجائعة تسأل عن الرمان لرغبت في أن يحاول كل إنسان على هذا الكوكب أن يفعل شيء .. أي شيء.