رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي، بعد أربعة تخفيضات متتالية لتوقعاته إزاء نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة، حيث توقع الصندوق نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.6% في 2025 ارتفاعًا من توقعاته في نيسان الماضي البالغة 3%.
وتزيد هذه التوقعات بنحو 0.1 نقطة مئوية عن تقديرات تقرير بعثة الصندوق في تموز الماضي والتي كانت عند 3.5%.
يأتي رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال عامي 2025 و2026، استنادًا إلى زيادة متوقعة في العائدات النفطية، مع تسارع نمو الأنشطة غير النفطية.
رغم ارتفاع توقعات الصندوق للعام الحالي إلا أنها تظل أقل من تقديرات وزارة المالية السعودية التي ترى أن اقتصاد البلاد سيسجل نموًا خلال 2025 يبلغ 4.6%.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية نمو بنسبة 3.4% خلال الربع الأول من 2025، على أساس سنوي، مدعومًا بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 4.9%، وهو أعلى مستوى تسجله خلال الثلاثة فصول الأخيرةـ فيما انكمشت الأنشطة النفطية بنسبة 0.5% خلال تلك الفترة.
وترى شركة جدوى للاستثمار، أن الطلب المحلي ونمو القروض في السعودية ما يزالان في مراحل قوية، كما أن الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد تدعم النشاط في مجموعة من القطاعات، وبناء على ذلك من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 4.3% في عام 2025.
ساهم رفع توقعات الصندوق لنمو الاقتصاد السعودي خلال العام الحالي في رفع توقعاته لنمو اقتصاد المنطقة كلها، باعتبار أن المملكة العربية السعودية هي صاحبة الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط، حيث توقع التقرير نسبة نمو في المنطقة خلال العام الحالي تبلغ 3.2% بينما كانت في نيسان الماضي عند 2.6%.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد السعودي سيتسارع العام المقبل ليسجل نموًا بنسبة 3.9%، وهو ما يزيد 0.2% عن توقعات النسخة السابقة قبل ثلاثة أشهر.
استند تقرير صندوق النقد الدولي في رفع توقعاته للنمو في السعودية خلال العامين الحالي والمقبل إلى ثلاثة أسباب تشمل زيادة الصادرات النفطية بعد قرار تحالف “أوبك+” بإلغاء التخفيضات الطوعية للإمدادات، وارتفاع الأسعار المتوقعة للنفط، وازدهار الاقتصاد غير النفطي في المملكة.
وقررت الدول الأعضاء في “أوبك+” إعادة إمدادات التخفيضات الطوعية في ايار وحزيران وتموز بثلاثة أضعاف الوتيرة المقررة سابقًا، ومن غير المستبعد أن تقرر زيادة أخرى خلال آب، وتشير بيانات “بلومبرج” إلى أن إنتاج السعودية خلال شهر حزيران -على سبيل المثال- ارتفع بمقدار يناهز 240 ألف برميل يوميًا.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط سعر البرميل خلال العام الجاري 68.18 دولار للبرميل مقارنة بتوقعاته في أبريل الماضي عند 66.9 دولارًا، ورغم أنه يرى أن الأسعار ستهبط خلال 2026 إلى 64.33 دولار للبرميل إلا أنه تظل أعلى من توقعاته السابقة بـ 62.4 دولار.
ويرى الصندوق أن ارتفاع العائدات النفطية المتوقعة كانعكاس لزيادة الإنتاج مع توقعات ارتفاع الأسعار ساهم في زيادة نسبة النمو المنتظرة وفق تقديرات التقرير، إلا أن الأنشطة غير النفطية لعبت دورًا كبيرًا في تعديل التوقعات لاقتصاد المملكة.
سجل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي نموًا بلغ 4.4% في عام 2024، ورجح وزير المالية السعودي محمد الجدعان، استمرار نمو الاقتصاد غير النفطي بنفس الوتيرة أو أعلى قليلًا خلال 2025، بينما يرى وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، أن الاقتصاد غير النفطي في المملكة مرشح للنمو بأكثر من 6% في عام 2026.
تعتمد السعودية خطة لتنويع اقتصادها تستهدف تقليص الاعتماد على النفط حتى تقل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي عند نهاية العقد إلى نصف الإيرادات العامة فقط.
ويحظى التوجه السعودي لتنمية الاقتصاد غير النفطي بإشادات متكررة من صندوق النقد، وأوصت بعثة الصندوق في تقريرها الصادر في حزيران الماضي بأن تعمل المملكة على توليد إيرادات إضافية تعادل 3.3% من الناتج المحلي غير النفطي خلال الفترة من 2026 إلى 2030، من خلال ثلاث ركائز أساسية هي: تعزيز الإيرادات الضريبية، وتقليص دعم الطاقة، وترشيد الإنفاق الحكومي.
وعلى الصعيد العالمي، رفع صندوق النقد الدولي، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بمقدار 0.2 نقطة مئوية مقارنة بتقديرات نيسان، لتصل إلى 3.0% لعام 2025، وبمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 3.1% لعام 2026، بدعم من إنفاق تجاوز التوقعات قبل زيادة التعريفات الجمركية الأمريكية في الأول من آب، والتي انخفض معدلها الفعلي إلى 17.3% من 24.4%.
ومع ذلك، فإن تقديرات الصندوق تظل أقل من معدل النمو البالغ 3.3% الذي توقعه في كانون الثاني لكلا العامين، وأقل من المتوسط التاريخي لما قبل الجائحة البالغ 3.7%، ويمثل تباطؤًا من مستوى 3.3% لعام 2024.