عاجل:

برّاك في زيارته الثالثة: نفّذوا المطلوب ولا ضمانات (الأخبار)

  • ٣٩

«كانَ صارماً جداً»، هذا ما خرج به بعض من التقاهم المبعوث الأميركي توماس برّاك في اليوم الأول من زيارته الثالثة إلى بيروت.

حمل الرجل موقف العدو الإسرائيلي، وسوّقه في لبنان بصفته موقفاً أميركياً. التقى رئيسَي الجمهورية جوزف عون والحكومة نواف سلام ومسؤولين آخرين، ولم يترك مجالاً للنقاش.

اختصر كلامه بالتأكيد على ما تضمّنته الورقة الأميركية وكل ما جاء فيها، من دون أن يأتي على ذكر ما تضمّنه الرد اللبناني الأول وكأنّه ليس موجوداً ولم يطّلع عليه، ورمى مجدّداً مسؤولية نزع سلاح حزب الله على الدولة اللبنانية، مذكّراً بأن الحزب «منظّمة إرهابية» لا تتفاوض واشنطن معها.

وأعلن صراحةً عدم قدرة واشنطن على تقديم الضمانات التي يطلبها لبنان بالقول: «ليست لدينا أجوبة عن كل الأسئلة... ولا نستطيع إرغام إسرائيل على فعل أي شيء».

وحول الضمانات التي تطالب بها الدولة اللبنانية قال: «لا أعرف الضمانات لكننا لا نستطيع أن نرغم إسرائيل على فعل أي شيء، نستعمل تأثيرنا ونفوذنا للوصول إلى نهاية، والمسألة تعود لكم، أي للحكومة اللبنانية، وللجميع عندما تكونون قد سئمتم من هذه المناكفات والمنافسات، حيث يصل الجميع إلى خلاصة، إلى ضرورة فهم أكبر وسلام مع الجيران لكي تكون الحياة أفضل».

ما قاله برّاك في العلن، على حدّته، كانَ أقل سوءاً مما قاله في الاجتماعات المغلقة، ليسَ في المضمون وحسب، إنما أيضاً في الأسلوب الذي تعامل به، علماً أنه حاول سابقاً تسويق نفسه كدبلوماسي محترف.

ويقول مطّلعون على المحادثات التي جرت أمس إن «برّاك لم يفتح باباً للنقاش مع الرئيسيْن عون وسلام، فبادر إلى تكرار موقف إدارته بما خصّ سلاح حزب الله، وأكّد أن هذا الموقف لا تراجع عنه وفي حال لم تنفّذ الدولة اللبنانية المطلوب، وتذهب الحكومة إلى اتخاذ قرار بالإجماع بنزع السلاح، وتضع جدولاً زمنياً وتلتزم به، ويُفترض أن يكون في أسرع وقت، فإن الولايات المتحدة ستسحب يدها من الملف اللبناني، ولن تعود للتدخل وستعتبر هذا الأمر شأناً داخلياً»، مهدّداً بأن «الولايات المتحدة لا تستطيع أن تفرض على إسرائيل شيئاً ولا يمكن أن تمنعها من فعل أي شيء»!

موقف برّاك، لم يمنع الرئيس عون من معاودة التأكيد على أن «موضوع السلاح هو ملف داخلي وتجري معالجته مع حزب الله»، لافتاً انتباه ضيفه إلى أنه «لا يمكن للولايات المتحدة ترك لبنان، فهي تحرص على الاستقرار فيه وهذا يحتاج إلى رعاية أميركية».

لكنّ برّاك ردّ بما وصفه الحاضرون بـ«صراحة حدّ الفجاجة»، فقال إن الولايات المتحدة «ليس لديها ما يجبرها على مساعدة لبنان في حال تخلّفت الدولة عن القيام بما هو مطلوب منها». ولم يكتف برّاك بذلك، بل أظهر عدم اهتمامه بأي تعليقات على أفكاره السابقة، ولم يُظهِر استعداداً للنقاش، وفهم الحاضرون أنه «لا داعيَ للردود والردود المتبادلة، فالمطلوب من قبل واشنطن معروف وواضح».

قالها برّاك، من دون أن يأتي على ذكر ما تضمّنه الرد اللبناني الأول، ولا موضوع الضمانات ولا المطالب اللبنانية، وكأنه لم يطّلع عليه.

أما المفاجأة الكبرى، فكانت في كلام برّاك عن سوريا التي لفت إلى أن «الولايات المتحدة تعمل على معالجة الأمور فيها»، من دون أن يعطي مجالاً للتباحث في التطورات السورية وارتداداتها على لبنان، لكنه انطلاقاً من الساحة السورية أكّد أن «بلاده لن تقدّم شيئاً للبنان قبل تنفيذ المطلوب والإجابة عن سؤال متى سيبدأ نزع سلاح حزب الله، فما فعلناه في سوريا لن يتكرر في لبنان»، وبدل أن ينتظر فتح الملف السوري من قبل المسؤولين اللبنانيين، حيث كان ينتظر أن يقول له اللبنانيون إن النموذج السوري لم ينجح بدليل ما فعلته إسرائيل، سارع برّاك إلى القول إن «الولايات المتحدة دعمت الإدارة الجديدة في سوريا، ورفعت عنها العقوبات، وسهّلت لها التواصل مع العالم، لكنّ الأمور سارت على عكس ما كانت تتمناه الولايات المتحدة، ويبدو أن هناك من لم يلتزم بما طلبناه منه، فكان ما كان. وعليه فإننا لن نكرر التجربة مع لبنان، ولن نقدّم شيئاً أو نعطي شيئاً قبل أن يقوم لبنان بتنفيذ المطلوب».

وكان الرئيس عون سلّم براك، مشروع المذكّرة الشاملة لتطبيق ما تعهّد به لبنان منذ إعلان 27 تشرين الأول 2024، حتى إعلان خطاب القسم، ثم ما ورد في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية. وتضمّنت المذكّرة، حسب بيان رئاسة الجمهورية، «تأكيد الضرورة الملحّة لإنقاذ لبنان، عبر بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية دون سواها، وحصر السلاح في قبضة القوى المسلحة اللبنانية وحدها، وتأكيد مرجعية قرار الحرب والسلم لدى المؤسسات الدستورية اللبنانية.

كل ذلك، بالتزامن مع صون السيادة اللبنانية على حدودها الدولية كافة، وإعادة الإعمار وإطلاق عملية النهوض الاقتصادي، بضمانة ورعاية من أشقاء لبنان وأصدقائه في العالم، بما يحفظ سلامة وأمن وكرامة كل لبنان وجميع اللبنانيين».

وفي حديث إلى تلفزيون لبنان أعلن المبعوث الأميركي أنه «ليس لدى أميركا أيّ مطالب»، مشيراً إلى أن نية واشنطن «صديق» للبنان، و«جئنا تلبية لطلب المساعدة وإيجاد السبيل إلى تفاهم بين كل المكوّنات التي فشلت في التوصّل إليه».

وقال برّاك: «لم أُجْرِ أيّ حوار مع حزب الله ويمكنهم إجراء هذه الأحاديث مع نظرائهم في الحكومة اللبنانية».

ويلتقي برّاك اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدداً كبيراً من الشخصيات السياسية خلال مأدبة عشاء يقيمها النائب فؤاد مخزومي. وهو التقى أمس عدداً من الوزراء في السفارة الأميركية في بيروت من بينهم عامر البساط، فادي مكي، يوسف رجّي وجو عيسى الخوري. كما التقى النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل.


المنشورات ذات الصلة