عاجل:

شكوك في تفاهمات مبطنة مع تل أبيب: الشرع يستدير جنوباً: لا أمان للدروز ( الأخبار )

  • ٥٢

على وقع الاشتباكات العنيفة التي تدور بين عشائر بدوية، مدعومة بمقاتلين مرتبطين بفصائل أعلنت سابقاً انضمامها إلى هيكلية وزارة الدفاع من جهة، وفصائل محافظة السويداء المحلية من جهة أخرى، دخلت قوات الحكومة السورية عدداً من النقاط في الريف الغربي لمحافظة السويداء، أبرزها بلدتا المزرعة والثعلة، إلى جانب مجموعة من القرى والنقاط العسكرية. وترافق ذلك مع غارات شنّها الاحتلال الإسرائيلي، ظهر أمس، تحت ذريعة «حماية الدروز»، استهدفت محيط قريتَي القراصة وكناكر وطريق السويداء - المزرعة، من دون أن تطاول بشكل مباشر الفصائل التابعة للإدارة الجديدة.

وتعليقاً على تلك الغارات، قال جيش العدو: «سنواجه أي تهديد عسكري محتمل في جنوب سوريا»، فيما أعلن وزير الأمن، يسرائيل كاتس، أن الهجمات «رسالة وتحذير واضح للنظام السوري (...) لن نسمح بإلحاق الأذى بالدروز في سوريا، وإسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي»، في تصريح عدّه مراقبون «جزءاً من حملة علاقات عامة أكثر ممّا هو موقف عسكري عملي، خصوصاً في ظل تقدّم قوات دمشق في الميدان».

ويأتي هذا فيما كشفت تسريبات تعمّدت دمشق بثّها عبر نشطاء موالين لها على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مضمون ما دار في اجتماعات سابقة ضمّت ممثلين عنها مع وفود إسرائيلية في كلّ من الإمارات وآذربيجان، إذ أكّد القيادي أحمد الدالاتي، أن «الإسرائيليين أبلغونا في باكو بأنّ السويداء لم تعد خطاً أحمر»، في ما اعتبره مراقبون «تخلّياً إسرائيلياً محتملاً عن ذريعة حماية الدروز، يفتح الباب أمام دمشق لتطبيق ما تسمّيه الإجراءات الأمنية الضرورية».

وعلى الرغم من أن قوات الحكومة شنّت هجومها من ثلاثة محاور على الريف الغربي لمحافظة السويداء، فهي لم تتمكّن من تثبيت سيطرتها في أي منطقة، حتى في المناطق الريفية التي كانت قد دخلتها فصائل تابعة لوزارة الدفاع، فيما لا يزال عدد من عناصر تلك الفصائل أسرى لدى الجهات الدرزية. ووصفت مصادر محلية في السويداء الهجوم بأنه «معركة كسر عظم مع الدروز، لا علاقة لها بما تدّعيه الحكومة حول فض النزاعات»، مستدلّين على ذلك بـ«عدم استهداف أيّ من نقاط تمركز العشائر البدوية، وتركيز الضربات على القرى ذات الغالبية الدرزية باستخدام الطيران المُسيّر والمدفعية والدبابات».

وبينما يعمل وجهاء المحافظة من الشخصيات الدينية والسياسية، على التوسط لوقف إطلاق النار، لم تبدِ دمشق إلى الآن أيّ تجاوب، وهي تصرّ على مواصلة القتال، معتبرة أن الخصومة بشكل أساسي هي مع الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، وكل من يدعو إلى «حماية دولية» للمحافظة. وتكشف مصادر من المكتب التنفيذي لمحافظة السويداء، في حديثها إلى «الأخبار»، عن «تواطؤ» المحافظ مصطفى بكور مع الهجوم، مشيرة إلى «علمه المسبق بتفاصيله، الأمر الذي دفعه إلى التوجه إلى دمشق مع بدء التحرك العسكري في المحافظة، ورفضه العودة على الرغم من طلبات وُجّهت إليه للتدخل في مساعي التهدئة».

وكان الهجري رأى، في بيان، أن «ما نتعرض له أمر ممنهج، ومن حقنا الدفاع عن أنفسنا، ولا نرغب في إراقة الدماء»، في حين كشفت مصادر مقرّبة من الشيخ يوسف الجربوع عن «جهود» قادها هذا الأخير «للتواصل مع مشايخ قبائل البدو لوقف القتال، والضغط على دمشق لإنهاء هجومها، وتنسيقه لعملية تبادل المخطوفين التي تمّت في ساعة متأخرة من ليل الأحد».

وتشير معلومات «الأخبار» إلى أن اتفاقاً مبدئياً كان قد تمّ التوصّل إليه مساء الأحد، شمل وقفاً لإطلاق النار وتأمين المدنيين، والتشارك في حماية طريق دمشق - السويداء، لكنّ الحكومة فاجأت الجميع بخرقه عبر شنّ هجوم مباغت، تحت عنوان «فض النزاع»، علماً أن الاتفاق السابق بين فصائل السويداء والحكومة يفرض على الأخيرة تأمين الطريق المشار إليه، وهو ما لم يتم فعلياً، في نقض واضح للتفاهمات.

ومع تصاعد الدعوات في أوساط موالية للحكومة إلى عدم تصوير الإعدامات الميدانية، حذراً من تكرار سيناريو مجازر الساحل، أطلّ وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، في تسجيل مصوّر طالب فيه جنوده بـ«حماية المدنيين»، قائلاً في كلمة له تناقلتها وسائل إعلام دمشق: «إلى رجال الجيش السوري في محافظة السويداء، أوصيكم بحماية أهلكم المواطنين، والوقوف بينهم وبين العصابات الخارجة عن القانون التي تسعى لإيذائهم وزعزعة أمنهم».

وأعلن المتحدث باسم الوزارة حسن عبد العظيم، بدوره، مقتل 18 شخصاً من عناصر القوات الحكومية وإصابة آخرين، فيما حمّل مسؤولية الاشتباكات إلى حالة الفراغ المؤسساتي والإداري التي تعيشها المحافظة منذ عدة أشهر»، مؤكّداً «عزمنا على إنهاء الاشتباكات وملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء».

أما المتحدّث باسم الداخلية، نور الدين البابا، فذهب أبعد من ذلك، عندما قال إنّ «قوات الجيش باتت على مشارف مركز المحافظة»، مشيداً بـ«حكمة القيادة التي منعت الحسم منذ الساعات الأولى حفاظاً على المدنيين»، قبل أن تعود الوزارة لتصدر بياناً أكّدت فيه أن «المهمة الوطنية» مستمرة لـ«ضبط الأمن ووقف إراقة الدماء». ودعت وزارة الخارجية، بدورها، الأطراف الدولية إلى عدم تقديم أي دعم لـ«الحركات الانفصالية»، في إشارة إلى الطائفة الدرزية، معتبرة ما يحدث «اشتباكات مسلحة بين مجموعات خارجة عن القانون»، ومتهِمة الفصائل بمهاجمة قوات الأمن أثناء «قيامها بواجبها».

ومساء أمس، شهدت السويداء هدوءاً نسبياً، مع توقّف الاشتباكات، فيما تمركزت فصائل تابعة لوزارة الدفاع على مقربة من المدينة، عقب دخولها عدداً من القرى في ريف المحافظة. وحتى ذلك الوقت، بلغت حصيلة الضحايا من المدنيين الدروز وفقاً لمصدر طبي حكومي تحدّث إلى «الأخبار» 55 قتيلاً و223 جريحاً، وسط نقص حادّ في الإمدادات الطبية، جرت تغطيته بشكل جزئي من قبل مستودعات خاصة وبعض المنظمات.

وأوضح المصدر أن هذه الحصيلة لا تشمل الإصابات في قرى الريف الغربي، ولا القتلى في أوساط المدنيين البدو، الذين لم تصل جثامينهم إلى المشافي، فيما كشف مصدر طبي من درعا عن وصول 11 قتيلاً، بينهم اثنان من غير السوريين، إلى مشفى بصرى الشام، بعدما سقطوا خلال الاشتباكات في ريف السويداء الغربي.

المنشورات ذات الصلة