عاجل:

«اليونيفل» تحت الحصار: تقليص العديد والدور ( الأخبار )

  • ٤٣

بدأ العدّ العكسي لجلسة مجلس الأمن المُرتقبة لتجديد مهمة «اليونيفل» في جنوب لبنان، فيما حُسم الاتجاه نحو تمديد الولاية لسنة إضافية اعتباراً من نهاية آب المقبل، بموافقة الولايات المتحدة.

كما أن ما بات شبه محسوم أيضاً هو توافق واشنطن مع الدول الأوروبية المشاركة في «اليونيفل»، على خفض عدد الجنود من نحو عشرة آلاف حالياً إلى ستة آلاف فقط، معظمهم من وحدات رئيسية مثل الفرنسية والإيطالية والإسبانية.

هذا التقليص في عديد القوات الدولية يفتح الباب أمام واقع جديد جنوب نهر الليطاني، خصوصاً في ظل استمرار جيش العدو الإسرائيلي في احتلال مناطق سيطر عليها خلال الأشهر الماضية. وعليه، فإن السؤال الجوهري: من سيملأ الفراغ الذي سيخلّفه انسحاب أربعة آلاف جندي دولي، في وقت تتلكّأ فيه الولايات المتحدة والدول المانحة عن دعم الجيش اللبناني وتمويل عمليات التطويع فيه لتعزيز انتشاره في الجنوب؟

وتربط مصادر قرار خفض عديد قوات «اليونيفل» بمخطط إسرائيلي يهدف إمّا إلى اجتياح الجنوب مجدّداً، أو إلى إنشاء حزام أمني شبيه بالشريط الحدودي المحتل سابقاً.

وفي هذا السياق، لا يبدو قرار تقليص العديد أو احتمال خفض الموازنة مفاجئاً، في ظل حملات التحريض الإسرائيلية - الأميركية التي استهدفت قوات حفظ السلام منذ ما قبل العدوان على لبنان في تشرين الأول 2023، إذ قدّم العدو الاسرائيلي ادّعاءات متكررة أمام مجلس الأمن تتهم «اليونيفل» بعدم القيام بواجباتها في تطبيق القرار 1701، قبل أن تتصاعد الحملة لتصل إلى الترويج الأميركي - الإسرائيلي لفكرة أن مهمة «اليونيفل» انتهت ولم تعد هناك حاجة إلى تجديدها.

وعلى الأرض، بدأت واشنطن وتل أبيب إجراءات فعلية لتقليص دور القوات الدولية، تمثّلت أولاً في تشكيل لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ثم تصاعدت عبر تهميش أميركي واضح لدور «اليونيفل» في التنسيق العملياتي والميداني بين الجيش اللبناني والجهات الدولية.

ولم يقتصر التهميش على التنافس الأميركي - الأوروبي حول النفوذ في الجنوب، بل دخلت ممثّلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت على الخط، لتسهم في تقليص هامش حركة «اليونيفل» ودورها، في ما يبدو أنه مسار مدروس لتحجيم مهمتها تمهيداً لإضعافها وربما إخراجها نهائياً.

فقد علمت «الأخبار» أن بلاسخارت، قامت بخطوة لافتة تمثّلت في نقل صلاحية تنسيق إجراءات الأمن والسلامة الخاصة بمنظّمات وبرامج الأمم المتحدة العاملة جنوب الليطاني من مقرّ «اليونيفل» في الناقورة إلى لجنة «إسكوا» في بيروت.

وكانت الآلية المُعتمدة سابقاً تقوم على تولّي «اليونيفل» مسؤولية التنسيق مع العدو الإسرائيلي بشأن تنقّلات ومشاريع الأمم المتحدة ضمن نطاق عملها في الجنوب، فيما يتولّى مكتب المنسّق الخاص في بيروت إدارة الشق الأمني في المناطق الأخرى من لبنان.

غير أن بلاسخارت، بحسب مصادر مطّلعة، أقدمت على تركيز هذه الصلاحيات بيدها، لتصبح المرجع الوحيد في التنسيق الأمني على كامل الأراضي اللبنانية، سواء مع إسرائيل أو مع الدول المانحة، أو حتى مع إيران.

وبهذه الصلاحية الموسّعة، باتت بلاسخارت تمسك ضابط الأمن المعنيّ بأمن وسلامة كلّ مرافق الأمم المتحدة وموظفيها في لبنان.

وتشمل صلاحياتها الجديدة وضع خطط الطوارئ والإخلاء، وتقييم التهديدات الأمنية، واعتماد ترتيبات السفر والتنقّل لموظفي الأمم المتحدة، فضلاً عن التواصل مع السلطات اللبنانية في كل ما يتعلق بالتنسيق الأمني الذي قد يؤثّر على عمليات الأمم المتحدة، بما فيها تلك الواقعة جنوب الليطاني.

وفيما لم تتجاوز بلاسخارت رسمياً صلاحياتها كممثّلة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، إلا أن انحيازها الواضح إلى إسرائيل يثير مخاوف جدّية، خصوصاً في ظل التحوّلات السياسية والأمنية التي تشهدها الساحة اللبنانية. فقد زارت بلاسخارت الأراضي الفلسطينية المحتلة مرّتين، كان آخرهما الشهر الجاري.

وقد برز دورها بشكل خاص في ملف سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو ملف شديد الحساسية.

المنشورات ذات الصلة