أشارت جريدة "الراي الكويتية" إلى أنه من خلف الكلام "المنمّق" للموفد الأميركي توماس براك من بيروت عن "الرضا الكبير" على "الردّ المدروس والمتزن" الذي قدّمه لبنان أمس، على المقترح الذي سبق أن أودعه لدى كبار المسؤولين قبل 3 أسابيع حول تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين بيروت وتل أبيب (27 تشرين الثاني) خصوصاً سَحْب سلاح حزب الله، فإنّ الإطارَ العام للمواقف التي أطْلقها رسّم مدى دقّة اللحظة المفصلية التي تواجهها "بلاد الأرز" التي وَضَعها الدبلوماسي اللبناني الأصل أمام معادلةٍ بسيطة وخطيرة: فإما تتعاملون أنتم مع الحزب وتسلكون طريق التغيير وعندها فإن الولايات المتحدة ستكون معكم، وإما هذه مشكلتكم، "فالمنطقة بأسرها تسير بسرعة فائقة وستتخلفون عن الركب، وهذا سيكون مُحْزِناً".
وإذ رمى براك الذي استهلّ زيارته بلقاءات مع رؤساء الجمهورية جوزاف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي، مسؤوليةَ ربطْ لبنان بـ "القطار السريع" للتحوّل في الإقليم على مسؤوليه بالدرجة الأولى خصوصاً الحكومة التي يتعيّن عليها "تركيب قِطع الـ puzzle المعقّد"، فإنّه حرص على "تَشفير" رسالةِ "المهلة الزمنية" المتاحة لبيروت لتعود "لؤلؤة المتوسط والجسر بين الشرق والغرب، محدداً إياها بالسرعة الهائلة التي تتغيّر فيها المنطقة «التي تعاود صياغة نفسها"، وبـ الصبر غير الطويل للرئيس دونالد ترمب الذي عبّر عن "التزامه واحترامه الكبير للبنان ورغبته بمساعدته ودعمه لتحقيق السلام والازدهار، ولا أظن أن هناك تصريحاً مشابهاً منذ عهد دوايت ايزنهاور".
وفي موازاة حرص سفير الولايات المتحدة لدى تركيا وموفدها إلى سوريا، الذي رافقه "أبرز وجوه مجلس الشيوخ في العلاقات الخارجية"، على تأكيد أن ترمب "يَعتقد ان لبنان لايزال المفتاح للمنطقة، وقد شرّفني بهذه المسؤولية ليس كدبلوماسي بل كممثل للحكومة"، فهو أرفق إشادته "بما قدّمته لنا الحكومة اللبنانية وكان أمراً استثنائياً في فترة قصيرة"، بإشارةٍ بارزة إلى أن "ردّ الصفحات السبع" الذي تسلمه من عون متضمّناً 15 نقطة و"كان على قدر كبير من المسؤولية" سيخضع "لتفكير في التفاصيل"، موضحاً أن ما يتم العمل عليه هو "ملء (الحكومة اللبنانية) القطع التفصيلية الناقصة في آلية مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية التي لا تملك القدرة على تصحيح الخلل عند حدوثه".
وفي الوقت الذي عُلم أن براك وبعد أن يدقّق في الردِّ والملاحظات اللبنانية ويدرسها، ويتم اطلاع إسرائيل عليها، سيعود إلى المسؤولين اللبنانيين عبر السفيرة ليزا جونسون ليُستكمل بعدها المسارُ التنفيذي عبر مجلس الوزراء إذا سارت الأمور وفق المأمول منه، ساد الحذر في بيروت حيال الوقعِ الفعلي للجواب اللبناني الذي جاء على وهج ليلة عاصفة بالنار إسرائيلياً اتخذت شكل غارات في الجنوب والبقاع، وصولاً لتحليق مسيّرة فوق السرايا الحكومية، خلال لقاء الموفد الأميركي مع سلام، خصوصاً أن «حزب الله» رسم خطاً أحمر حول سلاحه وحدّد «أولويات» على إسرائيل التزامها كشرط – مدخل لأي نقاشٍ حول سلاحه حدّد سرعته بـ «توقيت قديم» عنوانه «حوار داخلي حول الإستراتيجية الدفاعية»، وهي الانسحاب من التلال الخمس، وقف الاعتداءات، إطلاق الأسرى وبدء الإعمار.
تدوير زوايا الردّ
ولم يكن عابراً أنه في ربع الساعة الأخير قبل وصول براك، الذي رَبَطَ ضمناً مسار الحلّ لملف السلاح بالسلام «وأعتقد أن إسرائيل تريد السلام مع لبنان، ولكن التحدي يكمن في كيفية الوصول إلى تحقيق ذلك»، كاشفاً «أن الحوار بدأ بين سوريا وإسرائيل، كما يجب ان يحصل من جديد من قِبل لبنان»، اضطر المسؤولون اللبنانيون إلى معاودة تدوير بعض زوايا الردّ الذي كان اتفق عليه بين الرؤساء الثلاثة بعدما بلغهم أن أجواء واشنطن بإزائه غير مشجّعة، حيث تم إدخال تعديلات تناولت موضوع السلاح وجاءت خلال اجتماع ليلي حتى ساعة متأخرة للجنة الصياغة أعقبت لقاء بين النائب علي حسن خليل موفداً من بري ورئيس كتلة نواب «حزب الله» النائب محمد رعد والقيادي في الحزب حسين خليل.