عاجل:

السعودية تشدد مكافحة الفساد لتعزيز نمو الاقتصاد وجذب الاستثمارات

  • ١٠

أولت السعودية أهميةً كبرى لتشديد الرقابة على المال العام، وتعزيز مكافحة الفساد المالي والإداري بكافة صوره وأشكاله، انطلاقًا من إدراكها لمدى تأثير الفساد بأنواعه على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مستهدفةً من ذلك تعزيز الشفافية والمساءلة كجزء من رؤية 2030، ليس فقط للحد من الفساد، بل أيضًا باعتباره عاملًا حاسمًا في تعزيز النمو الاقتصادي وتنافسية مناخ الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب.

شهدت المملكة توسعًا كبيرًا في جهود مكافحة الفساد خلال السنوات الأخيرة، وكان إدخال قانون النزاهة في عام 2024 بمثابة علامة مهمة في هذه الجهود، حيث يكفل النظام الجديد ملاحقة مرتكبي جرائم الفساد ومحاسبتهم وفق المقتضى الشرعي والنظامي، واسترداد الأموال وعائداتها الناتجة عن ارتكاب تلك الجرائم إلى الخزينة العامة للدولة.

ووفقًا لدراسة صادرة عن مؤسسة “سكريتاريات” تحت عنوان “النزاهة والمساءلة: حملة السعودية لمكافحة الفساد”، فإن تعزيز الشفافية والمساءلة لا يهدف فقط إلى الحد من الفساد، بل يُعتبر أيضًا عاملًا حاسمًا في جذب المستثمرين الأجانب. 

وتعمل المملكة على تحسين موقعها في مؤشر مدركات الفساد (CPI)، ما يعزز ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال المحلية، وبحسب “سكريتاريات” تعد هذه الخطوات ضرورية لضمان استخدام فعال لموارد البلاد، وتقليل المخاطر التجارية، وتحسين مناخ الاستثمار، خاصة مع توجه الحكومة نحو تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.

يؤكد نظام لمكافحة الفساد الذي أقره مجلس الوزراء العام الماضي على الاستقلال التام لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، من خلال منحها الصلاحيات اللازمة لمباشرة اختصاصاتها وأداء مهماتها وترسيخ دورها بكل حياد.

في مؤشر على جدية المراقبة والمحاسبة، رفعت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في 2024 العديد من القضايا الجنائية والإدارية، مما أدى إلى تحقيقات شملت مسؤولين من مختلف الدوائر الحكومية وتوقيف 1708 أفراد بتهم الفساد، كما ارتفع عدد القضايا المبلغ عنها بأكثر من 7 أضعاف منذ عام 2016 ليتجاوز عددها 47 ألف قضية في 2023.

وبحسب التقرير، تعد جرائم الرشوة وإساءة استخدام النفوذ والاختلاس وغسل الأموال والتزوير وإساءة استخدام الأموال العامة أكثر جرائم الفساد شيوعًا التي تم ضبطها، فيما كانت معظم القضايا في قطاعات الداخلية، والصحة، والتعليم، والبلديات والإسكان.


ونوه تقرير “سكريتاريات” بأن قطاع الدفاع الذي شهد عددًا مرتفعًا من قضايا الفساد خلال السنوات الأخيرة سجّل تراجعًا كبيرًا في عدد هذه القضايا خلال 2024. 


وسعيًا منها لتعزيز النزاهة في القطاع المالي، عقدت نزاهة شراكات مع مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) لمكافحة الجرائم المالية، ومنع غسيل الأموال، وضمان الامتثال للمعايير الدولية. ويساعد هذا التعاون في رفع مستوى الشفافية داخل المؤسسات المالية والمصرفية، مما يعزز ثقة المستثمرين في النظام المالي السعودي.


لم تقتصر جهود مكافحة الفساد على القطاع العام فحسب، بل توسعت لتشمل القطاع الخاص، حيث باتت الشركات مطالبة بتبني سياسات امتثال صارمة لحماية أعمالها من المخاطر القانونية. 


ويوفر نظام “نزاهة” الجديد حماية أقوى للمبلغين عن الفساد، مما يشجع الموظفين والشركاء التجاريين على الإبلاغ عن أي مخالفات دون خوف من الانتقام.


يتوقع تقرير “سكريتاريات” أنه مع تزايد جهود السعودية في مكافحة الفساد، ستشهد البلاد تحسنًا في بيئة الأعمال والاستثمار، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030. 


ويرى أن هذه الإصلاحات لا تعزز فقط النمو الاقتصادي، بل تضع المملكة في مصاف الدول الأكثر جذبًا للاستثمارات العالمية، مما يرسخ مكانتها كمركز اقتصادي قوي ومستدام في المنطقة.

المنشورات ذات الصلة