- كل الأنظار كانت متجهة غرباً في الأسبوعين الأخيرين، بعيداً، نحو الخليج الفارسي، حيث قامت قواتنا – في الجو والبحر والبر – بصنع المعجزات. فعلاً، وجّهت إسرائيل ضربة قوية إلى إيران، لكن إلى أي مدى كانت قوية؟ لا نعلم بعد، وسنتناول النتائج في وقت لاحق، وهناك نقاش بشأن ذلك، إلّا إن ما جرى ليس المشكلة الحقيقية.
- لقد تحدثنا كثيراً عن "إنجازات عظيمة"، لكن في الوقت نفسه، وتحت أنوفنا، في خط مباشر وعلى مرمى البصر، في الضفة الغربية – التي تُعرف أيضاً بـ"يهودا والسامرة"، لا وجود للدولة إطلاقاً. هناك مَن يقول إنها لم تكن موجودة منذ فترة، لكنها الآن غائبة تماماً، لا وجود لها.
- فالحادثة الأخيرة التي وقعت في نهاية الأسبوع في منطقة قرية كفر مالك في محافظة رام الله، تضمنت اعتداء مستوطنين ملثمين على جنود الجيش الإسرائيلي، بينهم قائد كتيبة، ومحاولة دهس للجنود، وتخريباً للمركبات، وفيما بعد، أُضرِمت النيران في سيارة شرطة. تم اعتقال ستة مواطنين إسرائيليين. ووفقاً لبيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "اعتدى إسرائيليون على القوة بعنف شديد،" وأضاف: "إن تقويض سيادة القانون واستعمال العنف من طرف أقلية متطرفة يشكلان مساساً بالأمن والاستقرار في المنطقة" – هذا ما قاله المتحدث باسم الجيش. وهذه الحادثة ليست الأخيرة، إذ تكررت وازدادت مؤخراً، بما في ذلك يوم الأربعاء الماضي في عدد من المناطق.
- في شباط/فبراير، اعتدى مستوطنون على فلسطينيين وجنود الجيش الإسرائيلي في موقعَين في الضفة، في قرية جالود ومنطقة المينيا. ومع ذلك، تظل عيون الإسرائيليين مشدودة نحو البعيد، ولا ترى ما يحدث تحت أنوفهم – حتى يصل الأمر إلى نقطة الانفجار، مثلما حدث في نهاية هذا الأسبوع. وطبعاً، هناك مَن يحاول إخفاء هذه التقارير والتعتيم عليها أمام الرأي العام.
- رئيس الأركان، إيال زامير، الذي تتراكم على مكتبه تحديات عسكرية عديدة – البلد لا يفتقر إلى المشاكل – اتصل بقائد الكتيبة وأعرب عن دعمه له. كذلك أصدر بياناً للصحافة، قال فيه إن ما حدث يمثل "مساساً بالأمن". كان رئيس الأركان حذراً جداً، فالأمر لا يتعلق بالأمن فقط، بل بمساس عميق بجوهر الدولة – أو بالأحرى، غياب الدولة.
- فعلياً، فشلت الدولة في التعامل مع الوضع في الضفة الغربية. لقد تخلّت عنها للمستوطنين الذين تُطلق عليهم دائماً صفة "أقلية متطرفة"، والذين باتوا يتحركون بحُرية تامة، في ظل الحكومة الحالية، وخصوصاً بوجود الوزيرين سموتريتش وبن غفير. الأول، استولى على ملف "المناطق"، بموافقة رئيس الوزراء، ويفعل هناك ما يشاء، وتحت إمرة الوزير إيتمار بن غفير، تكتف الشرطة أيديها وتغفو. والنتيجة هي الفوضى.
- الدولة في حالة حرب منذ أكثر من 600 يوم، والجيش الإسرائيلي مشدود إلى أقصى حدوده (الكتيبة المذكورة أنهت دورة احتياط ثالثة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر). وهناك مَن يغتنم الفرصة لتعزيز مواقعه – بل لاحتلال مواقع جديدة. هل تذكرون ما قالته الوزيرة ستروك؟ [وزيرة المستوطنات، من حزب الصهيونية الدينية] "حدثت لنا معجزة في 7 أكتوبر." وإذا كانت معجزة، فلماذا لا نستغلها لفرض وقائع جديدة في الضفة الغربية – وقائع تُغلق الباب أمام أيّ انفصال بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وربما تشجع على التهجير، بحسب رؤية الرئيس ترامب؟
- من كل الجوانب، فقدنا السيطرة على الضفة. الجيش يعاني جرّاء نقص حاد في القوى البشرية، وهو ممزق بين مهماته، لكنه مطالَب بالدفاع عن الأمن في الضفة – وعن جميع المواطنين، حسبما قال قائد الكتيبة. وبدلاً من ذلك، يصطدم بـ"شباب التلال"، بينما تبتعد الشرطة عن الأحداث، وعندما يطلب منها الشاباك القيام بواجبها، تدخل في صدام معه، بدلاً من مواجهة المجرمين.
- في الساحة السياسية الإسرائيلية، تراقب أحزاب الحكومة؛ الليكود وقوة يهودية والصهيونية الدينية، الانتخابات القادمة، وتتودد من أجل كسب أصوات سكان المنطقة. وفي حزب الليكود نفسه، وهو حزب قائم على الانتخابات الداخلية، يتنافس كلّ نائب وكلّ وزير على تلك الأصوات. فهل تتوقعون أن يهتموا بحادث في قرية كفر مالك؟
- في إسرائيل الأُخرى، هناك مواطنون يريدون فقط العيش بسلام وأمان، لا يزالون في حرب طويلة ومرهقة، ويتساءلون، وبحق، لماذا يحدث لنا هذا؟ أليست الجبهات السبع كافية؟ هل نحتاج إلى جبهة ثامنة – الجيش الإسرائيلي ضد المستوطنين في الضفة؟
- وزير الدفاع دان الأحداث، وتوجّه إلى قادة دينيين ومدنيين، طالباً منهم التدخل لتهدئة المعتدين. لقد رأيت بيانات أشد من الوزير كاتس مؤخراً، لكن حتى ما جرى يُعتبر خطوة. أمّا رئيس الوزراء، وحتى هذه اللحظة – بعد مرور 20 ساعة – فلم يقل شيئاً، ربما بسبب السبت؟ مستحيل، لأنه في أيام السبت الأخيرة، بما فيها هذا السبت، أصدر رئيس الوزراء بيانات، إذاً، لماذا لا يتكلم الآن؟ ببساطة، ربما لأنه لا يريد مواجهة المستوطنين؟
- تكافح إسرائيل حول العالم للحصول على شرعية لأعمالها العسكرية. وعادت غزة لتتصدر العناوين، مباشرةً بعد العملية ضد إيران، والوضع هناك صعب ومُقلق. الأخبار الأخيرة – التي نُشرت، ثم نفاها الجيش بعد ساعات – تحدثت عن إطلاق نار من الجنود الإسرائيليين قرب مراكز الإغاثة من دون وجود تهديد.
- إسرائيل نفت، كما ذُكر. إن آخر ما تحتاج إليه إسرائيل الآن هو اشتعال الجبهة في الضفة الغربية. لكن في العالم، نفد الصبر. فلا تتفاجأوا إذا عادت العقوبات – ولن يكون لدينا حق في الاعتراض.
- يجب أن تكون الضفة الغربية تحت سيطرة الدولة. وهي ليست "الغرب المتوحش". الدولة مسؤولة بالكامل عن كل ما يحدث هناك، صغيراً وكبيراً. يبدأ الإصلاح من الداخل – بإعادة مؤسسات الدولة، وأجهزتها الأمنية، والتنفيذية، والقانونية، إلى الضفة الغربية. وربما فات الأوان.
×