فلسطين- مرال قطينة
بينما تترقّب إسرائيل انخراط الولايات المتحدة في المواجهة المباشرة مع طهران، تتكشّف تدريجاً خيوط ما تحقق فعلياً في الأسبوع الأول من الحرب، وما لا يزال مطروحاً على طاولة العمليات العسكرية. فقد كشفت صحيفة "معاريف" أن إسرائيل أبلغت كلاً من تركيا وبريطانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، بنيّتها توجيه "ضربة قاسية للنظام الإيراني" فجر الجمعة.
ووسط التصعيد والقصف المتبادل، قال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف إيال إنّ هناك سؤالاً محورياً يجب على القيادة السياسية أن توجّهه للجيش الإسرائيلي وهو "إلى أيّ مدى اقتربت العمليات من تحقيق أهدافها؟ وماذا بقي ممكناً عسكرياً دون تدخل أميركي مباشر؟". وأضاف: "رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال رافضاً، في العلن، الانضمام لضربة على مفاعل فوردو النووي، فإن تغيّر مواقفه وارد في أي لحظة، كما اعتاد أن يفعل في أزمات مشابهة".
إيران تمتلك قنبلة نووية؟
بدوره، حذّر الجنرال الاحتياط يتسحاق بريك من مغبة الاعتقاد بإمكانية تدمير القدرة النووية الإيرانية عبر الضربات وحدها. وذكّر بتقارير المفتشين الدوليين التي أكدت أن بعض المنشآت مدفونة على عمق يفوق ألف متر تحت الأرض، بما يجعل تحييدها الكامل شبه مستحيل عسكرياً. وبرأيه، فإن أقصى ما يمكن تحقيقه هو تأخير موقت للبرنامج النووي.
وأضاف بريك أن طهران تمتلك اليوم كمّية من المواد الانشطارية تكفي لصناعة نحو عشر قنابل نووية، بل إن بعض الخبراء يشيرون إلى أنها حصلت بالفعل على قنابل من كوريا الشمالية أو باكستان. هذا الواقع، وفقاً له، يضع إسرائيل أمام تحدٍّ وجودي، ولا سيما مع استمرار إيران في تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس متفجرة بزِنة طن، في وقت تشهد فيه منظومة "حيتس" الاعتراضية استنزافاً مقلقاً.
إنجازات محسوبة وسيناريوات مفتوحة
ورغم أن سلاح الجو الإسرائيلي نجح في تنفيذ ضربات داخل العمق الإيراني، فإن الخبراء العسكريين يشككون في قدرة هذه الضربات على تدمير البرنامج النووي بالكامل أو منع إنتاج القنابل. وأشار بريك إلى أنه "كلما طال أمد الحرب، زاد خطر تدمير البنية التحتية داخل إسرائيل، خصوصاً في الوسط"، محذراً من تكرار خطأ النشوة المفرطة في البدايات، تليها صدمة الواقع.
بدورها، أكدت "يديعوت أحرونوت" أن هيئة الأركان الإسرائيلية ترى أن "الظروف لم تنضج بعد لوقف الحرب"، وشددت على ضرورة "استنفاد الإنجازات" قبل التفكير في أيّ تسوية.
ونقلت الصحيفة عن ضابط رفيع أن "إيران أصبحت مكشوفة بعد تدمير منشآت نطنز وأصفهان، وتصفيه قادتها، وضرب منصات إطلاق الصواريخ. لدينا الآن حرية عمل واسعة، وهذه إنجازات غير مسبوقة".
أهداف لم تُمسّ... وقدرات قائمة
رغم هذه التقييمات الإيجابية، تُقرّ المصادر العسكرية الإسرائيلية بوجود أهداف نوعية لا تزال بعيدة عن مرمى النار، خصوصاً تلك المرتبطة بالبرامج النووية والصاروخية. ويُقدَّر أن إيران لا تزال تحتفظ بقدرات صاروخية كفيلة بإلحاق ضرر جسيم داخل إسرائيل، ما يفرض استمرار العمليات.
وأكد ضابط آخر أن "من يظن أن إزالة النووي الإيراني ستتحقق من دون ثمن باهظ، فهو واهم"، مضيفاً: "إن لم نُنهِ هذه التهديدات الآن، فقد نجد أنفسنا بعد عام أو اثنين عاجزين عن البقاء هنا".
بين تدخل أميركي وحرب استنزاف
في هذا الإطار، حذّر المحلل العسكري عاموس هارئيل من خطر انزلاق إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة، تُنهك قواها، كما حدث مع أوكرانيا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الإدارة الأميركية تبقى العامل الحاسم في مسار الحرب.
ووفقاً لهارئيل، فإن الغارات الإسرائيلية تهدف إلى تأجيل البرنامج النووي الإيراني لعامين أو ثلاثة، وتقليص عدد الصواريخ الباليستية، وإحباط ما تسمّيه إسرائيل "خطة الإبادة"، وهي هجوم إيراني واسع النطاق.
وتبقى السيناريوات المستقبلية محصورة بين ثلاثة مسارات: الأول، تدخل أميركي مباشر عبر ضرب منشآت حسّاسة مثل فوردو وأهداف عسكرية إيرانية – ما قد يقلب موازين القوى. الثاني، ضغوط أميركية على نتنياهو لإنهاء الحرب بسرعة، وإبرام اتفاق نووي جديد بشروط مشددة. أما الثالث والأخطر فهو حرب استنزاف طويلة تفوق قدرة إسرائيل على التحمّل، في ظل غياب دعم دولي واضح.
×