التأم سينودس أساقفة الكنيسة المارونية في دورته العادية من 4 إلى 14 حزيران 2025 في الكرسي البطريركي في بكركي بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك انطاكيه وسائر المشرق الكلي الطوبى، وحضور أصحاب السيادة المطارنة والاكسرخوس والخورأسقف الوافدين من أبرشيات لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار حاملين في قلوبهم شؤون أبنائهم وبناتهم وشجونهم وانتظاراتهم وتطلعاتهم.
وشدد الآباء على ضرورة إعادة الودائع كاملة وهيكلة القطاع المصرفي وحصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ القرار 1701 وبدء ورشة الإعمار وضبط الحدود ووقف التهريب.
وأعرب الآباء في بيان لهم عن فرحهم البنوي بانتخاب قداسة البابا لاوون الرابع عشر الذي أتت كلماتُه الأولى لتشمل المحاور التالية : بناء السلام العادل والحقيقي والدائم عبر الحوار ومدّ الجسور بين الأفراد والشعوب ؛ الاهتمام بالشؤون الاجتماعية وحقوق العمال والفقراء والمهاجرين، الانفتاح على الكنائس الشرقية وترسيخ حضورها في الشرق كما في بلدان الانتشار واحترام تراثها ؛ تدعيم أواصر الوحدة في الكنيسة وروابط الأخوّة الإنسانية.
واستعرض الآباء أوضاع الأبرشيات في لبنان وبلدان النطاق البطريركي. وأقلقتهم الحرب الجارية الآن بين إسرائيل وإيران وتداعياتها على المنطقة وهم يدعون الى وقف الحرب والعودة الى منطق الحوار والحلول الديبلوماسية. وتوقفوا عند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والأمنية والصراعات القائمة في الشرق الأوسط، لا سيما في لبنان وسوريا والأراضي المقدسة جرّاء الحرب الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وما تجرّه على الفلسطينيين وعلى أبناء المنطقة من ويلات ودمار وضحايا بشرية. وانتخبوا مطارنة للأبرشيات الشاغرة، ونقلوا سيادة المطران يوحنا رفيق الورشا المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الماروني في روما الى النيابة البطريركية في منطقة جونية ونقل سيادة المطران الياس نصار مطران صيدا شرفًا الى الكوريا البطريركية.
وتابع البيان: "يعبّر الآباء عن استنكارهم الشديد لما يتعرض له قطاع غزة والضفة الغربية منذ أكثر من سنة وثمانية أشهر، ويدعون المجتمع الدولي وكل أصحاب الضمائر الحيّة في العالم إلى الضغط على كل أطراف النزاع من أجل متابعة الحوار للوصول إلى وقف نهائي لاطلاق النار تمهيدًا لبدء مفاوضات على قاعدة الاعتراف بحلّ الدولتين وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 181.
أما في سوريا، فيتمنّى الآباء على السلطات الجديدة ان تبني دولة القانون والمواطنة والديمقراطية على أسس الوحدة والحرية والعدالة والمساواة واحترام جميع مكوّنات المجتمع السوري. ويأملون ان يرتدّ رفع العقوبات المالية والاقتصادية ايجابيًا على أمن سوريا واستقرارها ووحدة شعبها؛ فتتوافر لها إمكانات الإستثمار المطلوب والمؤمِّن لفرص العمل وللنهوض الاقتصادي الذي سيخفف بالتأكيد من وطأة نزوح أبنائها الى دول الجوار، وعلى رأسها لبنان، مقدمة لعودتهم الى ديارهم وإسهامهم في إعادة بنائها وإعمارها".
واستكمل: "توقف الآباء عند أوضاع ابنائهم في بلدان الخليج وحاجاتهم الروحية والكنسية من تأمين كهنة لخدمتهم الراعوية حفاظًا على روحانيتهم وتراثهم السرياني الانطاكي.
وتداول الآباء في الأوضاع المعيشية الصعبة والأزمات الإقتصادية والتربوية والإستشفائية التي يعاني منها أولادهم في لبنان، ولا سيما في ظل عجز المؤسسات الحكومية والرسمية عن القيام بواجباتها لتسهيل حياة المواطنين والحفاظ على كرامتهم.
وتوقفوا عند واقع المؤسسات الكنسية، وبخاصة تلك التربوية والصحية والإجتماعية، التي تمرّ في مرحلة دقيقة وصعبة على المستوى المالي.
وبحثوا واقع التربية والتعليم بقسمَيْه الخاص والرسمي. وهم يطالبون الدولة بتحمّل مسؤولياتها كاملة بالمحافظة على المؤسسات التربوية، المدرسية والجامعية، وبإنهاء عملية تحديث البرامج وبتعزيز روح المواطنة والحوار بين الطلاب، ما يرتدّ خيرًا على المجتمع الوطني.
واستطرد البيان: "يعي الآباء ما يعانيه الوالدان في سبيل تأمين العلم والتربية السليمة لأولادهم في ظل الظروف الصعبة. لذلك هم يطلبون من القيّمين على المؤسسات التربوية أخذ التدابير اللازمة لملاقاة الأهل في التحديات التي تواجههم مع السهر على تأمين استمرار هذه المؤسسات في تأدية رسالتها. ويدعون في الوقت عينه الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية الى التواصل الدائم مع السادة النواب ونقابة المعلمين وأصحاب المؤسسات التربوية من أجل وضع تشريعات تحمي حقوق المعلمين في الحياة الكريمة.
ويطلب الآباء من الأبرشيات والرهبانيات أن تقوم بكل ما يلزم حتى لا يُحرم أي راغبِ علمٍ من التعلّم بسبب ضيق الأحوال الإقتصادية. وليتذكّر الجميع أن التربية والعلم يسهمان في بناء الكنيسة والأوطان.
ويؤكّد الآباء وقوفهم الى جانب شعبهم وأنهم سيعملون كما عملوا في السابق، على تقديم كل المساعدات الممكنة عبر مؤسساتهم الكنسية المختصة وبالتعاون مع أبرشيات الإنتشار والهيئات العالمية المانحة للمساهمة في دعم التعليم والاستشفاء والدواء لأبنائهم وبناتهم.
وتابع البيان: "يتعرض لبنان اليوم، وبعد خمسين سنة على اندلاع الحرب فيه، لأزمة خطيرة تهدّد كيانه وهويته وتضعه في مأزق وجودي مصيري بالغ الخطورة. ولكن علامات رجاء بدأت تظهر منذ بداية السنة الجارية مع انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس لمجلس الوزراء وتأليف حكومة جديدة. وقد وعدوا جميعهم ببناء دولة القانون وإعادة الثقة الى اللبنانيين.
لذا يثني الآباء على إطلاق عجلة التشكيلات والتعيينات في الإدارة العامة والجسم القضائي والمؤسسات العسكرية والأمنية، إيذانًا ببدأ تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والمنتظرة من جميع اللبنانيين. ويجدّدون دعمهم لفخامة رئيس الجمهورية والحكومة آملين ان يستمرّوا في هذه المسيرة بوتيرة أسرع ويتخذوا القرارات الجريئة والصائبة.
ولفت الى ان الآباء يدركون خطورة التحديات التي تواجهها الحكومة في إجراء الإصلاحات الهيكلية الأساسية التي من شأنها ان تُخرج البلاد من دوامة الإنهيار. والتي تتجلى في النقاط التالية: أولوية إعادة الودائع كاملةً، تنفيذ كامل وتام للقرار الدولي 1701، حصر السلاح بيد الدولة، إصلاح واستقلالية الجسم القضائي، إعادة الإعمار، إعادة هيكلة المصارف والدَيْن العام، إصلاح القطاع المصرفي والنظام الضريبي وتعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد، تحسين بيئة الأعمال والإستثمار، وضبط المعابر الحدودية ومنع التهريب. لذا هم يتمنون النجاح للحكومة بالتعاون مع مجلس النواب ومع القوى السياسية والحزبية.