يشارك وزير المالية ياسين جابر في اجتماعات مركز المساعدة التقنية للشرق الأوسط METAC التابع لصندوق النقد الدولي الذي بدأ أعماله اليوم في القاهرة، والذي يعتبر شريكاً أساسياً في دعم الإصلاحات الاقتصادية في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
افتتح الوزير جابر المؤتمر الذي ترأسه باعتباره رئيس اللجنة التوجيهية، بكلمة تتطرق فيها الى مراحل التعاون المشترك، والى خطوات التحديث الفني التي يتم العمل عليها راهناً.
وقال جابر في كلمته:
"يشرفني ويسعدني أن أترأس هذا الاجتماع للجنة التوجيهية لمركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC).
واسمحوا لي أولاً أن أعرب عن امتناننا العميق لحكومة جمهورية مصر العربية على حسن الضيافة وكرم الاستقبال، وعلى استضافتنا اليوم في هذه المدينة النابضة بالحياة والغنية بالتاريخ — القاهرة.
نتوجه أيضاً بجزيل الشكر إلى صندوق النقد الدولي وفريق METAC على التزامهم المهني وتحضيراتهم الدقيقة لهذا الاجتماع الهام.
منذ إنشائه في عام 2004، أثبت METAC أنه ركيزة أساسية في دعم تنمية الاقتصاد الكلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فهو يجمع بين البلدان الأعضاء، وشركاء التنمية، وصندوق النقد الدولي في شراكة فريدة لبناء قدرات المؤسسات، وتعزيز مصداقية السياسات، وتعميق التعاون الإقليمي.
وبصفته الدولة المضيفة للمركز منذ تأسيسه، يفخر لبنان بإنجازات METAC وبمساهمته الفاعلة في هذا النجاح.
فعلى مر السنين، لم يقتصر دور لبنان على الاستفادة من برامج بناء القدرات التي يقدمها المركز، بل أسهم أيضاً في توجيه مسارها. فقد كانت مؤسساتنا — بما فيها وزارة المالية، ومصرف لبنان، وإدارة الإحصاء المركزي، ومعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي — من بين أكثر المؤسسات مشاركة في برامج METAC.
وقد أثمرت هذه الشراكة طويلة الأمد عن نتائج ملموسة. فقد أسهمت في تكوين جيل من المهنيين اللبنانيين الذين تلقوا التدريب والدعم من METAC، واكتسبوا من خلالها مهارات تقنية متقدمة، وفهماً إقليمياً معمقاً، وقيمًا راسخة في خدمة المصلحة العامة.
وبالمعنى الحقيقي، لعب METAC دوراً تأسيسياً في تطوير الكفاءات التي يفتخر لبنان اليوم بأن يسهم بها مجدداً في عمل المركز.
فاليوم، يشغل عدد من المستشارين الإقليميين لدى METAC مناصبهم بعد أن خدموا سابقاً في مؤسسات لبنانية. وهذا مثال حي على الدورة الحميدة لهذا الاستثمار في رأس المال البشري. هؤلاء الخبراء يشاركون الآن معارفهم مع نظرائهم في مختلف بلدان المنطقة، وينقلون معهم ليس فقط خبرات تقنية عميقة، بل أيضاً فهماً دقيقاً للواقع المؤسسي في المنطقة.
ويُعدّ هذا مصدر فخر وطني للبنان — ليس لأن هؤلاء الخبراء يمثلون بلدهم فحسب، بل لأنهم يجسدون ثمرة استثمار جماعي في الكفاءات، وهو المورد الأثمن الذي لا يزال يشكل قوة لبنان الأساسية، لا سيما في أوقات الشدة.
وهذه أوقات شديدة فعلاً. لا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية ومؤسسية عميقة. ومع ذلك، بقي تعاوننا مع METAC وثيقاً. ففي العام الماضي، تلقينا دعماً فنياً حيوياً لإصلاح نظام ضريبة الدخل وتحسين إدارة السيولة النقدية، بما في ذلك من خلال بعثات ميدانية هامة نُفذت هنا في القاهرة. لقد ساعدتنا هذه الجهود في التعامل مع الضغوط المالية المتزايدة، ووضعت الأسس لإصلاحات أوسع.
تمنحنا أجندة هذا اليوم فرصة قيّمة للتأمل فيما حققناه، والمساهمة في رسم أولويات METAC المستقبلية. وتأتي المناقشات الموضوعية حول سوريا والتحول الرقمي في وقتها المناسب.
في ما يخص سوريا، نرحب بإعادة انخراط METAC ونعتبر ذلك خطوة أساسية في إعادة بناء القدرات المؤسسية في بلد يلعب دوراً محورياً في استقرار المنطقة وتعافيها. ولبنان، باعتباره الجار الأقرب وصاحب العلاقات التاريخية العميقة، معنيٌّ بشكل خاص بمستقبل سوريا، ومستعد للإسهام في هذه الجهود.
أما في ما يتعلق بالتحول الرقمي، فنحن لا نرى فيه مجرد أجندة تقنية، بل مساراً تحويلياً. فالأدوات الرقمية قادرة على تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة — وهي أهداف ضرورية لمؤسساتنا العامة، ولاستعادة الثقة بين الحكومات والمواطنين. نحن نتطلع إلى استمرار دعم METAC بينما نسلك هذا الطريق الواعد رغم تعقيداته.
ولا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر إلى شركاء METAC في التنمية: الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، هولندا، سويسرا، والمملكة العربية السعودية. إن دعمكم المتواصل هو ما يجعل هذا العمل ممكناً. ونرحب بشكل خاص بالشراكة الجديدة بين صندوق النقد الدولي والمملكة العربية السعودية في مجال تنمية القدرات، لما لها من أثر معزز على دور METAC في المنطقة.
ونُثمن أيضاً مساهمات الدول الأعضاء في المركز — مثل الجزائر، والمغرب، ومصر — التي قدمت مؤخراً دعماً مالياً للمركز. وبالرغم من أن لبنان غير قادر حالياً على تقديم مساهمات مالية، إلا أننا نؤكد التزامنا الكامل تجاه METAC ونتعهد باستئناف الدعم المالي فور تحسّن أوضاعنا.
وبالنظر إلى المستقبل، نعيد تأكيد التزامنا باستضافة METAC في لبنان. فذلك ليس مجرد ترتيب لوجستي، بل رمزٌ للملكية الإقليمية والاستمرارية. فعلى مدى عقدين، كانت بيروت قاعدة انطلق منها المركز للنمو والابتكار والخدمة. ونحن مستعدون لتجديد هذه الشراكة في السنوات المقبلة.
كما أننا نتطلع إلى استقبالكم في بيروت العام المقبل، في اجتماع اللجنة التوجيهية لعام 2026. ونأمل أن تكون هذه المناسبة بمثابة عودة إلى مدينة كانت على الدوام في قلب هذه القصة الإقليمية الناجحة..".
نبذة عن Metac
كذلك قدمت وزارة المالية للمهتمين لمحة موجزة عن Metac التابع لصندوق النقد الدولي، وعن الدور الذي يؤديه، وماهية العلاقة التي تربط لبنان به منذ العام ٢٠٠٤. والذي تنعقد اعمال مؤتمره اليوم في القاهرة.
هو مركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC): ويعتبر شريكاً أساسياً في دعم الإصلاحات الاقتصادية في المنطقة
تأسس مركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC) في عام 2004 من قبل صندوق النقد الدولي (IMF) واتخذ لبنان موقعه، كجزء من شبكة المراكز الإقليمية التابعة له حول العالم. يهدف المركز إلى تعزيز قدرات الدول الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تقديم الدعم الفني والتدريب وبناء القدرات في المجالات الاقتصادية الأساسية، بما يُمكّن هذه الدول من تنفيذ إصلاحات فعالة ومستدامة، وتحقيق استقرار مالي واقتصادي على المدى الطويل.
أمّا مجالات الدعم التي يقدمها METAC:
يركز المركز على تقديم الدعم في خمسة مجالات رئيسية تمثل ركائز الاستقرار الاقتصادي:
1. إدارة المالية العامة: دعم إعداد الميزانية، تحسين الإنفاق العام، وتعزيز الشفافية المالية.
2. إدارة الإيرادات: تطوير إدارات الضرائب والجمارك، وتحسين الامتثال الضريبي.
3. الإحصاءات الاقتصادية: رفع جودة ودقة البيانات الرسمية بما يتوافق مع المعايير الدولية.
4. الرقابة المصرفية: تعزيز الأنظمة الرقابية وحماية الاستقرار المالي.
5. السياسات النقدية والمالية: تحسين أدوات السياسات النقدية وممارسات إدارة السيولة.
الدول الأعضاء في METAC:
يضم المركز عددًا من الدول الأعضاء، تشمل عادة: أفغانستان، جيبوتي، مصر، العراق، الأردن، لبنان، ليبيا، السودان، سوريا، اليمن، والضفة الغربية وقطاع غزة. يعمل المركز بشكل وثيق مع هذه الدول لتحديد أولوياتها الوطنية وتقديم الدعم الفني المتخصص حسب احتياجات كل دولة.
أشكال الدعم وآليات العمل:
يقدم METAC مساعدته من خلال:
-بعثات ميدانية يشارك فيها خبراء دوليون للعمل مع المؤسسات الوطنية.
-ورش عمل إقليمية وتدريب مخصص لبناء قدرات الكوادر الفنية والإدارية.
-تبادل الخبرات والمعرفة بين الدول الأعضاء من خلال فعاليات تعاونية.
وقد كان للمركز دورٌ مهم في دعم الدول التي تمر بظروف اقتصادية صعبة أو نزاعات، وساعدها في الحفاظ على مؤسساتها وبناء القدرات رغم التحديات.
اللجنة التوجيهية: ركيزة الحوكمة والمساءلة
تلعب اللجنة التوجيهية لمركز METAC دورًا محوريًا في توجيه أعمال المركز وضمان التزامه بأولويات الدول الأعضاء.
وعن تكوين اللجنة ودورها، تتكون اللجنة من:
-ممثلين عن الدول الأعضاء في METAC
-ممثلين عن الدول والجهات المانحة
-صندوق النقد الدولي
تُشرف اللجنة على التخطيط الاستراتيجي لأنشطة المركز، وتُقرّ البرنامج السنوي للعمل، وتتابع تنفيذه لضمان فاعلية الدعم المُقدَّم. كما تعمل على تقييم الأداء ومراجعة الأثر، مما يضمن الشفافية والمساءلة، ويُعزز من الملكية الوطنية لبرامج الإصلاح.
أهمية اجتماعات اللجنة:
تعقد اللجنة التوجيهية اجتماعًا سنويًا يُعد منصة حوار مفتوحة بين الدول الأعضاء والجهات المانحة وخبراء صندوق النقد الدولي، حيث يتم خلاله:
-استعراض الإنجازات التي تحققت خلال العام السابق.
-مناقشة التحديات والدروس المستفادة.
-الاتفاق على أولويات العمل الفني للعام المقبل.
اجتماع اللجنة التوجيهية عام 2025 في جمهورية مصر العربية:
إن ان استضافة جمهورية مصر العربية لهذا الاجتماع هذه السنة تعكس التزام المنطقة المشترك بدعم الإصلاحات الاقتصادية وبناء القدرات الوطنية التي تمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
يشكل هذا الاجتماع فرصة مهمة لتسليط الضوء على قصص النجاح والتحديات المشتركة، كما يعكس الالتزام الإقليمي بدعم الإصلاحات الهيكلية وبناء القدرات المؤسسية كأولوية للتنمية المستدامة.
يُعد مركز المساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC) نموذجًا ناجحًا للتعاون الدولي والإقليمي في مجال بناء القدرات الفنية، وتُشكل اللجنة التوجيهية عنصرًا أساسيًا في ضمان فعالية هذا التعاون واستمراريته. ومن خلال الشراكة الوثيقة بين الدول الأعضاء، وصندوق النقد الدولي، والجهات المانحة، يواصل المركز دوره الحيوي في دعم استقرار ونمو اقتصادات المنطقة.
