حاورته: جوزيان الحاج موسى
في وقت تترقّب فيه الأوساط ما ستؤول إليه مناقشات مجلس الأمن بشأن تجديد ولاية قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان في آب المقبل، تتزايد التساؤلات حول مصير "اليونيفيل" ودورها المستقبلي في الجنوب، وسط تقاطعات سياسية إقليمية ودولية غير مسبوقة.
إسرائيل تصعّد لهجتها منذ أشهر، متهمةً "اليونيفيل" بالعجز عن مراقبة تحركات "حزب الله" في جنوب الليطاني، وتطالب بتعديل جوهري في تفويض القوة الدولية. أما الولايات المتحدة، فترفع منسوب الضغط داخل أروقة الأمم المتحدة، ملوّحة بعرقلة التمديد ما لم يتم إدخال تغييرات تعتبرها "جوهرية" لتحسين فعالية المهمة.
في المقابل، تجد "اليونيفيل" نفسها محاصرة بين تصاعد الهجمات الميدانية، وتقييد حركتها، وتزايد التوتر على الحدود. وفي مقابلة مع"نداء الوطن" يشرح المتحدث الرسمي باسم "اليونيفيل"، أندريا تيننتي، التحديات الحالية، ويرد على الاتهامات، مؤكداً أن اليونيفيل ليست في موقع قرار بل تنفيذ، ضمن حدود واضحة يرسمها القرار 1701.
تجديد الولاية والضغوط الدولية
يؤكد تيننتي أن "البعثة تخرج من مرحلة نزاع استمر خمسة عشر شهراً، لكنها لا تزال في قلب التوتر، إذ إن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بوجود عسكري في بعض مناطق الجنوب اللبناني، فيما لا تزال الأسلحة منتشرة، والجهود مستمرة في ما يتعلق بملف نزع السلاح". ويضيف: "تترافق الوقائع الميدانية مع ضغوط متزايدة من بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مقاربات مغايرة من كل من إسرائيل ولبنان". ويشدّد تيننتي على أن "لبنان يطالب بالإبقاء على المهمة وفق تفويضها الحالي، في حين تدعو أطراف أخرى إلى إدخال تعديلات. لكن القرار النهائي يعود إلى الأعضاء في مجلس الأمن، ونحن، كـ "يونيفيل"، لسنا طرفاً في هذه المداولات". وحول ما يُشاع عن تهديد باستخدام الفيتو، يوضح: "نسمع أحاديث غير رسمية، لكن لم نتلقّ أي إشارات رسمية حتى الآن. لا يزال أمامنا وقت طويل للنقاشات، ونحن حذرون في تصريحاتنا خلال هذه المرحلة".
الفيتو وحدود التفويض
يردّ تيننتي بحزم على الانتقادات المتعلقة بعدم منع تسليح "حزب الله": "نحن لسنا الجهة المنفّذة للقرار 1701، بل نعمل لدعم الجيش اللبناني في تنفيذه. لا يمكننا الدخول إلى الممتلكات الخاصة أو مصادرة الأسلحة. وإذا عثرنا على أسلحة، نبلغ الجيش اللبناني، وهذا هو الحد الأقصى لصلاحياتنا". ويشير إلى أن: "الجنوب شهد بين 2006 و2023 واحدة من أطول فترات الاستقرار النسبي. ما حصل بعد تشرين الأول 2023 لا يلغي هذا الإنجاز".
العلاقة مع الجيش
يؤكد تيننتي: "الجيش اللبناني شريكنا الاستراتيجي. هو ملتزم، لكنه بحاجة إلى دعم إضافي. نحن ننسّق معه كل تحركاتنا. صحيح أن البعض يمنع دورياتنا بحجّة غياب الجيش، لكن هذا غير دقيق. القرار 1701 يخولنا تنفيذ دوريات مستقلة". ويتابع: "لدينا نحو 10 آلاف جندي، بينما الجيش لديه عدد أقل بكثير. من المستحيل تنفيذ كل التحركات معًا، ولكن الهدف على المدى البعيد هو أن يتسلّم الجيش اللبناني المهام".
حوادث الجنوب: توقيت حسّاس
يقول تيننتي: "في أيار وحده، حصلت عدة حوادث، لكنها ليست خارجة عن السياق العام. نحن ننفذ مئات الأنشطة يومياً، وبعض الحوادث ناتجة عن أعطال أو سوء فهم، وتُستغل أحياناً سياسياً أو إعلامياً. ويؤكد أن "الدعم من الجيش اللبناني والسلطات لا يزال موجوداً، وآخرهم قائد الجيش الذي عبّر عن دعمه الكامل لمهمتنا واستقلاليتها".
ويشدد على أن المطلوب انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة، وعودة سلطة الدولة إلى الجنوب، ومن ثم الانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف إطلاق نار دائم". ويشير تيننتي إلى أن "اليونيفيل" هي "ثاني أكبر جهة توظيف في الجنوب بعد الدولة. نحن ندعم السكان بخدمات طبية وإنسانية، وننفّذ مشاريع بنى تحتية، ونشغّل شركات محلية. المجتمع المحلي لا يزال داعماً لنا".
وبين الضغوط والوقائع الميدانية المتشابكة، تبرز ضرورة مراجعة تفويض "اليونيفيل" ضمن معادلة تضمن استقلالها العملياتي من دون المسّ بسيادة لبنان، وتحافظ على ثقة المجتمع الجنوبي دون التنازل عن مقتضيات القرار 1701. فـ"اليونيفيل"، كما يقول تيننتي، ليست ضامناً عسكرياً، بل "هي حكم جريح" لكنه حاضر، والبديل عن وجودها هو فراغ أمني خطير قد يفتح الأبواب أمام انفجار جديد، محلياً أو إقليمياً.