إذا كان تفكيك لغم الإعتداءات الإسرائيلية ملقى على عاتق لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والراعيين الأميركي والفرنسي لهذا الاتفاق، وإذا كان ملف إعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي مرهوناً بنجاح الديبلوماسية اللبنانية في تبديد موانعه الخارجية وفتح ابواب المساعدات للبنان، إلّا أنّ الملف الحكومي وما أحاطه في الأيام الاخيرة من حدّة في الخطاب، خصوصاً بين رئيس الحكومة و«حزب الله»، فبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، حرّك اتّصالات على أكثر من خط لاحتواء هذا التوتر، ولاسيما بعدما تمدّد هذا التوتر بشكل واسع إلى بيئة كل منهما السياسية وغير السياسية، متزامناً مع اشتباك عنيف على مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيه سياسيون وناشطون ومقامات دينية، بهجومات قاسية واتهامات وشتائم وما هو أبعد من ذلك.
وبحسب المعلومات، فإنّ مداخلات على مستويات رفيعة تسارعت على خط السجالات لإعادة ضبط الأمور في مسارها التفاهمي، وتجنيب الحكومة السقوط في مطب سياسي يؤثر على تركيبتها كما على أدائها، في وقت هي مطالبة فيه بالعمل والإنجاز على غير صعيد. وعلمت «الجمهورية»، أنّ هذه التطورات كانت محل تشاور بين مسؤولين رفيعين تشاركا في رفضهما لأيّ محاولات تخلّ بأمن البلد واستقراره سياسياً وأمنياً واجتماعياً، وفي التأكيد على أنّ البلد في الوقت الراهن في أمسّ الحاجة إلى ما يجمع، وليس إلى ما يفرّق ويثير الانفعالات والانقسامات والنعرات السياسية والمذهبية».
قلوب مليانة
على أنّ مرجعاً سياسياً كبيراً وصف الجوّ الداخلي العام بأنّه «جوّ مَرَضِي لا يمكن شفاؤه، يعني فالج لا تعالج». وقال لـ«الجمهورية»: «ما جرى وقد يجري في أي وقت، ليس امراً مستغرباً، بل هو أمر متوقع ونتيجة طبيعية للقلوب المليانة، وللعلاقة الملغومة بالتحسس، ليس فقط بين رئيس الحكومة وفريقه السياسي وبين «حزب الله» تحديداً، بل بين غالبية الأطراف».
وقالت مصادر حكوميّة لـ«الجمهورية»، «إنّ رئيس الحكومة، ومنذ تولّيه هذه المسؤوليّة لم يخرج في أدائه عن البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على أساسه ثقة المجلس النيابي، معطوفاً على مضمون خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، ولاسيّما في ما يتعلق بتأكيد الحفاظ على سيادة لبنان وقراره وحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، وما صدر من مواقف وهجومات على رئيس الحكومة أمر مستغرب ومستهجن، وذروة الهجوم والافتراء تجلّت في الشعارات المستنكرة والأوصاف المهينة التي أُطلقت ضدّ رئيس الحكومة».
سلام والحزب
وأمّا مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله»، فتعكس لـ«الجمهورية» أجواء تفيد «بنفي علاقة الحزب بالشعارات التي طالت رئيس الحكومة في المدينة الرياضية، وهذا الأمر يرفضه الحزب وقد استنكره جملةً وتفصيلاً، خصوصاً انّ الأساس في نهج «حزب الله» هو الحفاظ على الإستقرار الداخلي، وتجنّب الإدلاء بأي موقف من شأنه أن يمسّ بهذا الاستقرار بأي شكل من الأشكال. واما ما صدر عن الحزب (مقدمة نشرة قناة «المنار» ضدّ الرئيس سلام) كان في موقع ردّ الفعل الطبيعي حيال ما طرحه رئيس الحكومة (ملف السلاح وما يتصل بالقرار)، وكيفية ومكان وزمان طرحه. في وقت يقارب فيه رئيس الجمهورية هذه الملفات وغيرها بحكمة وديبلوماسية هادئة».
يُشار في هذا السياق إلى معلومات تردّدت في بعض الأوساط عن انّ لقاء عُقد قبل أيام وجمع الرئيس سلام بمسؤول كبير في «حزب الله» (تردّد انّه المعاون السياسي لأمين عام الحزب الحاج حسين خليل)، وجاء هذا اللقاء بعد ما جرى في المدينة الرياضية وقبل سفر رئيس الحكومة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بُحثت فيه إلى جانب ذلك أمور متعددة، ولاسيما ما يتصل بملف الإعمار. وعندما سئُلت مصادر المعلومات عمّا إذا كانت أجواء اللقاء جيدة اكتفت بالقول: «إنّها عادية».