عاجل:

الولايات المتحدة وإيران تفضّلان اتفاقاً مؤقتاً على الحرب (يديعوت أحرونوت)

  • ١٣

حتى بعد انتهاء الجولة الخامسة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، والتي عُقدت في نهاية الأسبوع في روما، لا يزال هناك علامات استفهام بشأن إمكان التوصل إلى اتفاق نووي جديد.

أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى أن هذه الجولة كانت الأكثر مهنيةً منذ بدء المحادثات، وذكر أن الجانب الأميركي بات يمتلك فهماً أوضح لمواقف إيران، وأن وزير خارجية عُمان، الذي يتوسط بين الطرفين، قدم مقترحات تهدف إلى تجاوز العقبات القائمة. وبحسب قوله، اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات الفنية التي من شأنها أن تمهّد الطريق لتحقيق تقدُّم واختراق محتمل في الجولة المقبلة.

 عُقدت الجولة الأخيرة من المحادثات في ظل توتّر متصاعد وانعدام ثقة متبادل، وعلى الرغم من عدم تحقيق اختراق بشأن نقطة الخلاف الرئيسية، وهي حق إيران في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، فإن الطرفين ما زالا يفضلان حلاً سياسياً - دبلوماسياً على المواجهة العسكرية، حسبما يبدو. تدرك إيران جيداً تبعات انهيار المحادثات، وخصوصاً في ظل التقارير التي تفيد بأن إسرائيل تستعد لاحتمال شنّ هجوم على منشآتها النووية. الرئيس دونالد ترامب، هو الآخر، لا يرغب في مواجهة عسكرية تكون نتائجها غير مضمونة، وفي زيارته الأخيرة للمنطقة، مارست دول الخليج ضغطاً عليه للتوصل إلى اتفاق مع إيران لتفادي صدام قد يضرّ باقتصاداتها واستقرارها. كما أن الحملة العسكرية في اليمن كشفت حدود الخيار العسكري، بعد أن اضطرت واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين. من هنا، يبدو كأن الطرفين معنيان باستنفاد فرص التفاوض حتى النهاية.



ومع ذلك، لا تزال الطريق نحو التوصل إلى اتفاق مليئة بالألغام، ولم يتضح بعد ما إذا كان في الإمكان التوصل إلى حل بشأن قضية التخصيب. مؤخراً، وحّد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية مواقفهم من مطلب التفكيك الكامل لمنشآت التخصيب، خلافاً لتلميحات سابقة عن إمكان التوصل إلى تسوية تتيح تخصيباً محدوداً، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا المطلب نهائياً من واشنطن، أم خطوة تكتيكية تهدف إلى انتزاع تنازلات إيرانية في قضايا أُخرى، مثل الرقابة، أو مدة القيود المفروضة على البرنامج النووي.



في المقابل، أوضح مسؤولون إيرانيون كبار، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي الخامنئي، أن إيران لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم، ووصف الخامنئي المطلب الأميركي بـ"الوقاحة"، مؤكداً أن إيران لا تحتاج إلى إذن من أحد. كما أعرب المسؤولون الإيرانيون عن إحباطهم من التصريحات الأميركية العلنية، بينما شدد وزير الخارجية الإيراني عراقجي نفسه على أنه إذا طُرحت مطالب غير واقعية، فلن يتم تنفيذها.



ضغط الوقت
علاوةً على ذلك، تجرى المفاوضات تحت ضغط زمني كبير، ففي 18 تشرين الأول/أكتوبر، ينتهي العمل بآلية "سناب باك" التي تتيح إعادة فرض العقوبات، في إطار قرار مجلس الأمن 2231 التابع للأمم المتحدة. إن تفعيل هذه الآلية، الذي لا يتطلب موافقة روسيا، أو الصين، يتطلب استعداداً من الدول التي وقّعت الاتفاق النووي، قبل ذلك بعدة أسابيع، وقد يؤدي تفعيلها إلى إعلان إيران انسحابها من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) ، وبالتالي إلى تصعيد كبير. في المقابل، إن عدم تفعيلها سيحرم دول الغرب ورقة تفاوُض مهمة.



وفي ظل هذا الإطار الزمني الضيق، هناك شك في إمكان التوصل إلى اتفاق شامل يعالج جميع القضايا: برنامج التخصيب، ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية، وتفاصيل رفع العقوبات. وفي ظل هذا الوضع، وبغياب إعلان رسمي بشأن فشل المفاوضات، والذي لا يرغب فيه أيّ من الطرفين، على ما يبدو، قد تفضّل واشنطن وطهران التوصل إلى اتفاق موقت: تقليص مستوى التخصيب، في مقابل رفع جزئي للعقوبات، أو الإفراج عن أصول إيرانية مجمدة في الخارج.
 لكن مثل هذا الاتفاق سيُبقي البنية التحتية النووية قائمة، وسيتطلب، على الأرجح، من الدول الأوروبية التنازل عن تفعيل آلية السناب باك، كذلك، سيقلل من الشعور بالحاجة الملحّة إلى التوصل إلى اتفاق شامل، وهو سيناريو إشكالي، بالنسبة إلى إسرائيل، التي ستبقى في مواجهة إيران التي تقترب من القدرة النووية، من دون حصولها على إذن أميركي للقيام بعمل عسكري. في كل الأحوال، حتى الاتفاق الموقت سيتطلب، على الأرجح، حلاً مبتكراً يجسر الهوة بين "الخطوط الحمراء" لكلٍّ من الولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بقضية التخصيب.
في هذه الأثناء، تتصاعد في إيران الأصوات التي تحذّر إسرائيل والولايات المتحدة من شن هجوم. الناطق بلسان الحرس الثوري الإيراني هدد، هذا الأسبوع، بردٍّ "حاسم ومدمّر" على أيّ عملية عسكرية، كذلك، لمّح مسؤولون في طهران إلى أن إيران قد تنقل جزءاً من أصولها النووية إلى موقع سري وآمن، وهي خطوة من شأنها أن تصعّب عملية تحييد قدراتها النووية، حتى بعد أي هجوم، وتسهّل عليها إعادة بناء برنامجها النووي لاحقاً.
في أيّ حال، ما دام التفاوض قائماً، هناك شك في أن تتمكن إسرائيل من استغلال هذه الفرصة لتنفيذ هجوم؛ لقد صرح الرئيس ترامب، هذا الأسبوع، خلال حديثه مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأنه يرغب في التوصل إلى اتفاق، وأن المحادثات "تسير في الاتجاه الصحيح"، لكن من غير الواضح ما إذا كان الزعيمان يتفقان على ماهية هذا "الاتجاه الصحيح".
 

المنشورات ذات الصلة