يعد قطاع التأمين ركيزة أساسية في القطاع المالي السعودي، وقد تطور ليصبح أحد أسرع أسواق التأمين نموًا في دول الخليج، مدفوعًا بسلسلة من الإصلاحات التنظيمية والتقدّم التقني، لكنه يواجه 3 تحديات بارزة قد تؤثر على وتيرة النمو خلال العام الحالي.
يأتي في مقدمة هذه التحديات، هيمنة عدد قليل من الشركات الكبرى على السوق، بينما تواجه الكيانات الأصغر صعوبة في الصمود، إضافة إلى المنافسة السعرية الشرسة، وتشديد الرقابة التنظيمية.
بحسب تقرير لوكالة التصنيف الائتماني “إس آند بي غلوبال”، فإن سوق التأمين السعودية تتميز بتركيز عالٍ، حيث تستحوذ أكبر 5 شركات تأمين على ما بين 70% و75% من إجمالي الإيرادات والأرباح، في المقابل، تعاني الشركات الـ21 المتبقية من هوامش ربحية منخفضة بسبب حدة المنافسة.
ويرتبط توسع قطاع التأمين في المملكة ارتباطًا وثيقًا بمبادرات “رؤية 2030″، بما في ذلك التأمين الإلزامي على المركبات وتعزيز أنظمة الرعاية الاجتماعية، التي أدت إلى زيادة كبيرة في الطلب على منتجات التأمين.
كما تساهم ابتكارات التأمين التقني في تحديث القطاع، وتعزيز تجربة العملاء وسهولة الوصول إلى الخدمات، وتسهم مشاريع البنية التحتية المنفذة في إطار الرؤية في توفير مزيد من الفرص في مجالات التأمين الصحي والتأمين على الحياة والممتلكات.
ترجح وكالة “إس آند بي غلوبال”، أن تشهد شركات التأمين السعودية خلال العام الجاري 2025 تباطؤًا نسبيًا في إيراداتها مقارنةً بالعامين السابقين لتكون بين 10% و15%، وهي تظل جيدة مقارنة بالبلدان الخليجية الأخرى، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن معظم شركات التأمين في السعودية تتمتع بتصنيفات ائتمانية قوية (بين A و+BBB)، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
ثمة تحديان آخران تواجههما شركات التأمين السعودية ويتمثلان في المنافسة السعرية في تأمين المركبات والتأمين الصحي التي تؤدي إلى تقلبات دورية في الأسعار، وتشديد الرقابة التنظيمية على متطلبات الملاءة المالية الذي قد يؤدي إلى مزيد من عمليات الاندماج.
وشهدت سوق التأمين في المملكة عمليات اندماج واستحواذ منذ عام 2018، نتيجةً لعوامل عدة، منها اللوائح التنظيمية وضعف الملاءة المالية لدى الشركات الصغيرة، وتتوقع “إس آند بي غلوبال”، أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2025، ما يعزز مكانة الشركات الكبرى ذات الملاءة المالية القوية.
يوجد حاليًا نحو 8 من شركات التأمين في السعودية منخرطة بالفعل في مناقشات بشأن صفقات دمج محتملة، فيما أوضح ماريو شكر، المدير المشارك لتصنيفات التأمين في الوكالة أن ما يعرقل إتمام تلك الصفقات هو عدم التوافق على سعر الصفقة أو تقييم الشركة، أو ربما لاختلاف الرؤى المستقبلية كعامل ثانوي.
تشير نتائج استطلاع أعدته شركة" كي بي إم جي" للاستشارات المهنية في السعودية، إلى أن الرؤساء التنفيذيين في قطاع التأمين يشعرون بالتفاؤل؛ إذ يعرب 74% منهم عن ثقتهم في الارتقاء بالنمو إلى آفاق جديدة على الرغم من الفجوات في المواهب والتعقيدات الجيوسياسية.
وأشار 81% من الرؤساء التنفيذيين، إلى أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي التوليدي، تهدف إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين إشراك العملاء.
وأظهر التقرير السنوي لسوق التأمين في المملكة الصادر عن هيئة التأمين، ارتفاع معدل إنفاق الفرد على التأمين بالسعودية بنسبة 16% إلى 2367 ريالًا عام 2024 مقارنة بنحو 2035 ريالًا خلال عام 2023.
وبلغ متوسط النمو السنوي المركب لمتوسط إنفاق الفرد على خدمات التأمين 21.2% خلال الخمس سنوات الماضية.
وحسب التقرير، فإن التأمين الصحي مثّل 55% من إجمالي ما أنفقه الفرد على التأمين في السعودية خلال العام الماضي، فيما مثّل التأمين العام نسبة 34%، وتأمين الحماية والادخار نسبة 10% المتبقية.
وارتفعت مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي السعودي غير النفطي إلى 2.59% بنهاية العام الماضي مقابل 2.38% عام 2023، ومن المستهدف زيادتها إلى 4.3% بحلول العام 2030.