خاص -"ايست نيوز"
من محافظة الى أخرى تتراكم المؤشرات التي تفرزها صناديق الإقتراع البلدية ويبرز الاهتمام بقراءة جداول المقارنة بالأرقام في البلديات التي لها طابع سياسي وحزبي لأبعادها ومساراتها في المستقبل. من هذا المنطلق تتجه الأنظار لما جرى يوم أمس في إنتخابات زحلة الذي لم يكن أمرا تفصيلا عاديا فليس أمرا عابرا ان تفوز القوات اللبنانية في إنتخابات المدينة على ضراوتها في مواجهة تحالف سياسي كبير، تماما ليس امرا امرا عابرا ان تفوز لوائح القوات في القاع وشتورا بكامل أعضائها. ففوزها يعتبر إلى حد ما نقطة تحول في المزاج المسيحي ويحمل دلالات ورسائل سياسية، ولا يمكن تخفيف وقع ربحها في البلديات وتأثيره على باقي الاحزاب المسيحية، بعدما استطاعت ان تؤكد انها الرقم الصعب مسيحيا ولها حضورها القوي في هذه البيئة.
وعلى قاعدة الاشتباه مؤخرا بملامح تبدل في المزاج المسيحي عما كان سائدا في السنوات الماضية، اكدت مصادر قواتية لـ "ايست نيوز" ان انتخابات زحلة حملت اكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه،وهي إن لم تكن استحقاقا بلديا محضا، ذلك أنه كان هناك مخطط واضح لتطويق القوات وعزلها وإظهار ضعفها التمثيلي واستهدافها لعدة أسباب بما تمثل من نقطة الثقل في المشروع السيادي .
وتضيف المصادر: مع ذلك قد يحتاج الأمر الى بعض الوقت لتبيان كيفية التصويت في زحلة ومع ان القوات تحتفل اليوم بما اوحته النتائج من "double score" على منافسيها في الانتخابات، لكن العارفين في تفاصيل اليوم الانتخابي في مدينة زحلة يتحدثون عن عوامل مختلفة وفرت الفوز للقوات فمن الثابت أن الخصومة المشتركة بين التيار و الكتلة الشعبية مع رئيس البلدية السابق أسعد زغيب لعبت دورا هاما في ترجيح الكفة للائحة سليم غزالة حيث ثبت في أقلام الإقتراع المحسوبة على ميريام سكاف عدم وجود توجيه مباشر منها للتصويت للائحة زغيب كما كشف عن تصويت التياريين للائحة القوات واهداء" أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة صوت للائحة قلب زحلة .(2500 صوت من الكتلة الشعبية و1500 صوت من العونيين) حسبما كشفته إحصاءات دقيقة وضعتها جهات محايدة.
تزامنا قالت مصادر سياسية أخرى لـ "ايست نيوز" ان فوز القوات البلدي وضعها اليوم في مواجهة مع التيار الوطني الحر وصار واضحا السباق في الأقضية المسيحية بينهما سيترجم على مستوى اتحادات البلديات التي ستمهد للمعارك النيابية المقبلة ولاحقا على زعامة الشارع المسيحي. في مقابل "الفوز النظيف" للقوات في بلديات كبرى، استطاع التيار ان يسجل معارك بلدية "ناجحة" في السياسة مقابل تحالفات هجينة بلديا للقوات. فيما تؤكد مصادر قريبة من التيار لموقعنا، ان الإنتخابات البلدية أخرجته من أزمته "الحزبية والسياسية والشعبية" إثر انهيار تحالفاته السياسية فحقق أرقاما في بلديات تدحض شائعة انتهاء دوره السياسي.
وتنتهي المصادر المحايدة الى القول إن قراءة الحزبين المسيحيين عند تقييمهما للنتائج وجداول الأرقام لاحتساب الأصوات في الصناديق المسيحية لا تبدو متقاربة في جبل لبنان وبيروت والشمال وصولا الى البقاع، بعدما تمكنت القوات من حصاد مجالس بلدية بالكامل من المتوقع ان تستفيد منها في الاستحقاق النيابي معتمدة نفس طريقة التيار الوطني الحر وادائه في السنوات الماضية في مرحلة التسونامي العوني.
فالقراءة الأولية تؤكد سيطرة القوات على عدد لا بأس به من المجالس البلدية بعدما فرضت الإلتزام الحزبي الكامل ونسجت تحالفات انتخابية مدروسة بعناية وهذا ما سيوفر لها الأرضية المناسبة للانطلاق الى معركة الاتحادات في المناطق التي ستضع فيها القوات ثقلها للفوز بها، نظرا لما تشكله من ثقل وأهمية في الاستحقاق النيابي عام ٢٠٢٦ حيث ستسعى إلى زعامة الشارع المسيحي وتحجيم التيار الوطني الحر لتفرض نفسها لاعبا أساسيا على الساحة المسيحية، لكن السعي القواتي لا يعني ان حزب القوات الذي فاز بأكثرية المجالس وعدد كبير من المخاتير سيكون اللاعب القوي الوحيد. فالتيار يمكن ان يستفيد من انتقاله إلى ملعب المعارضة لترميم شعبيته وشد العصب الجماهيري الى جانبه من خلال لعب دور المهمش والمعاقب مسيحيا. عدا عن ذلك فإن مشكلة القوات تكمن في عدم قدرتها على حيازة ثقة تيار المستقبل و"الجمهور السني"، والخلاف الكبير مع "الجمهور الشيعي" و"حزب الله" خصوصا الأمر الذي ستظهر صحته من عدمها في الإنتخابات النيابية المقبلة.