عاجل:

شركات الاستشارات العالمية في مأزق بعد توجه السعودية لتقليص الاعتماد عليها (Economy Plus Saudi )

  • ٣٣

يبدو أن شهية السعودية تجاه شركات الاستشارات الأجنبية بدأت في التراجع أو على الأقل أصبحت وتيرة منح العقود لهذه الشركات أبطأ كثيرًا مقارنة بالفترة الماضية التي اعتمدت خلالها المملكة على هذه النوعية من الشركات لدفع عملية إعادة هيكلة مكلفة لاقتصادها، لعدة سنوات.

يعد هذا الأمر تحديًا إضافيًا لقطاع يواجه ضغوطًا عالمية متزايدة، خاصة أن أعمال الاستشارات التي يتعاقد عليها صندوق الاستثمارات العامة وشركاته التابعة، تدر مئات الملايين من الدولارات على شركات القطاع.

يشكل أي تغيير جوهري في اعتماد السعودية التقليدي على شركات الاستشارات تحديًا كبيرًا للقطاع، حيث لطالما استعانت إدارات حكومية في الرياض بمستشارين برواتب مرتفعة للمساهمة في صياغة السياسات الوطنية، كما أن العقود التي أبرمها صندوق الاستثمارات العامة وشركاته التابعة وحدها وفّرت على الأرجح إيرادات استشارية بمئات الملايين من الدولارات.

ووفقًا لمؤسسة “سورس غلوبال ريسيرش”، التي تركز على الشركات المتوسطة والكبيرة، تعاني صناعة الاستشارات من ركود ممتد، حيث نمت بنسبة 3% فقط إلى 250 مليار دولار في 2024، أما في الخليج؛ كان معدل الزيادة أعلى بأربع مرات، بفضل الإنفاق الحكومي الضخم على المشاريع وإبرام الصفقات.

لذلك عمدت أكبر شركات الاستشارات العالمية مثل “ماكينزي آند كو” ومجموعة بوسطن الاستشارية إلى التواجد في منطقة الخليج بشكل خاص للاستفادة من هذ الإنفاق الذي حفّز الشركات الضخمة على التوسع هنا.

وتعد السعودية أكبر وأسرع سوق نموا للاستشارات في الخليج العربي، حيث تمثل أكثر من نصف الإيرادات الإقليمية البالغة 6 مليارات دولار، وفقا لشركة الأبحاث “إنسايتس”.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن مصادر مطلعة، قولها “رغم استمرار السعودية كأحد أكبر الأسواق لخدمات الاستشارات، فإن وتيرة منح العقود بدأت في التباطؤ، ما أدى إلى انتقال بعض الشركات العاملة في هذا المجال بنشاطها إلى أماكن أخرى، مثل الدوحة”.

شمل هذا التأثير شركات كبرى، مثل “بوسطن كونسالتينغ غروب” وغيرها والتي توسعت في التوظيف بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة، حتى تجاوز عدد موظفيها الألف.

ومع ذلك، تقول المصادر إن العشرات من مستشاري الشركة في السعودية ودول الخليج الأخرى لا يعملون حاليًا في مشاريع، وهو ما يُعرف في القطاع بمصطلح “على الشاطئ”، الذي يشير إلى المستشارين غير المكلفين بمهام محددة.

وانعكس هذا التباطؤ على خفض الوظائف في شركات استشارية أخرى، مثل وحدة “استراتيجي آند” التابعة لـ”برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC) وشركة “رولاند بيرغر”، على مدار العام الماضي.

“برايس ووترهاوس كوبرز”، تلقت ضربة موجعة مؤخرًا بعد أن حظر صندوق الاستثمارات العامة منحها عقود استشارات لمدة عام، وهو ما عزت الشركة سببه في مذكرة داخلية لموظفيها إلى أن الأمر يتعلق بـ”مشكلة في التعامل مع العملاء”، لكن أشخاص مطلعين أكدوا أن شركات استشارية منافسة لا تزال تبرم صفقات مع الصندوق.

رنا ماريستاني، الرئيسة التنفيذية في “آر كونسالتنسي غروب” تقول: “لسنوات، هيمنت شركات الاستشارات الكبرى على الشرق الأوسط، وحصلت على عقود من الحكومات والكيانات السيادية، لكن الوضع بدأ يتغير”.

ورغم احتمال تقليص المملكة إنفاقها على بعض المشاريع الضخمة، إلا أن نشاطها الاستثماري المكثف في مجالات أخرى وحجم نفقاتها الإجمالية سيظل كبيرًا، وبالنسبة لبعض الشركات، قد يُمثّل الحظر المؤقت على ” PwC” فرصةً لعزيز حضورها في السوق.

وتواجه شركات الاستشارات تحديًا إضافيًا يتمثل في تغير الرأي العام، فقد أظهر التفاعل مع قرار حظر “برايس ووترهاوس كوبرز” (PwC) مؤشرات على تبدل وجهات النظر المحلية، حيث انتقد سعوديون على وسائل التواصل الاجتماعي الإنفاق الكبير على المستشارين الدوليين، بينما طالب آخرون بزيادة التوظيف المحلي.

وترى رنا ماريستاني، الرئيسة التنفيذية لـ “آر كونسالتنسي غروب”، أن الشركات العالمية كثيرًا ما ترسل مستشارين مبتدئين لديهم معرفة محدودة بالمنطقة، ويطبقون نماذج أعمال غربية على أسواق تعمل وفق آليات مختلفة تمامًا.

وأضافت: “هناك أيضًا عامل التكلفة، فالشركات والجهات الحكومية بدأت تتساءل عن جدوى دفع ملايين الدولارات مقابل استشارات يمكن للذكاء الاصطناعي والفرق الداخلية تقديمها بسرعة وكفاءة أكبر، وبتكلفة أقل”.

المنشورات ذات الصلة