كتب ميشال نصر:
على خطين متوازيين تسير الدولة اللبنانية، عنوان الاول الاصلاح، والثاني السلاح، حيث تزداد القناعتان الداخلية والخارجية بارتباطهما، وهو ما سمعته القيادات اللبنانية من نظرائها الاجانب، واعاد التاكيد عليه المسؤولون الماليون الدوليون، للوفد اللبناني الذي شارك في اجتماعات الربيع في واشنطن.
ففي ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتشابك الأزمات السياسية والاقتصادية في الداخل اللبناني، يعيش اللبنانيون حالة من الترقب والقلق مع تزايد التحديات الامنية، في ظل التحركات العسكرية والرسائل السياسية الخارجية، والانقسامات الداخلية الحادة حول الملفات الحساسة، ما يضع البلاد أمام مرحلة دقيقة ومفتوحة على مختلف الاحتمالات.
حَراك رئاسي
واقعٌ حرك المشهد السياسي في اتجاه مزدوج: تثبيت الاستقرار الداخلي عبر الإصرار على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، ومواصلة المساعي الديبلوماسية لاحتواء التصعيد، واستكمال ورشة الاصلاح التي خطت خطوتها الاولى في رحلة الالف ميل.
وفي خضم هذه التطورات، يكثف رئيس الجمهورية حراكه الديبلوماسي، معتمدا على اتصالاته ومساعيه لاحتواء التوتر وتثبيت الهدنة، بالتنسيق والتعاون مع الأطراف الداخلية والدولية، في محاولة لترسيخ معادلة السيادة الوطنية ومواصلة تنفيذ التزامات الدولة، لا سيما قرار حصر السلاح، وسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة، غداة اعتبار الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الدولة مقصرة في ردع الاعتداءات الاسرائيلية وفي اعادة الاعمار.
عون الى الامارات
وغدا يحط رئيس الجمهورية في الامارات، في زيارة ليومين، قبل ان يعود لترؤس الجلسة الاولى للمجلس الاعلى للدفاع في عهده، تتناول محادثاتها القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى التحديات التي يواجهها لبنان في الوقت الحالي، سياسيا واقتصاديا، حيث تتوقع معلومات بعبدا، أن تثمر الزيارة عن خطوات جديدة نحو تعزيز التعاون بين لبنان والإمارات في مجالات متنوعة، لا سيما الحيوية منها التي تهم الشعب اللبناني، بما في ذلك الاستثمارات الإماراتية في لبنان، وتوسيع التعاون الثقافي والتعليمي، كما سيبحث الطرفان ما يتعلق بإعادة الإعمار، وزيادة المساعدات الإنسانية المقدمة من الإمارات.
مصلحة اميركية
في السياق، أكد رئيس الجمهورية خلال لقائه وفدًا من معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن أن «من مصلحة الولايات المتحدة الأميركية أن يبقى لبنان بلدًا مستقرًا وآمنًا، وعليها أن تبادر إلى مساعدته في تحقيق هذا الهدف»، مشيرا في الوقت عينه إلى ان «لبنان متمسّك بعودة النازحين إلى بلادهم، ورفع العقوبات الاقتصادية عن سورية من شأنه أن يحرّك اقتصادها من جديد ويوفّر فرصًا تسهّل عودتهم»، مضيفا: «لبنان ماضٍ في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، ومكافحة الفساد تبقى من أبرز الأهداف التي أعمل لتحقيقها بالتعاون مع الحكومة ومجلس النواب».
جيفرز
وفي ظل «سوء التفاهم» الذي سببته الغارة الاسرائيلية على الضاحية، على خط بيروت – واشنطن، يصل الى لبنان رئيس اللجنة الخماسية لمراقبة وقف اطلاق النار، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، بعد عطلة طويلة قضاها في بلاده، للاطلاع على ما تحقق من تقدم على صعيد تنفيذ اتفاق وقف النار، ناقلا رسائل واضحة الى الجانب اللبناني، وسط حديث عن تعيينه في منصب قيادي في القيادة المركزية، يحتم عليه مغادرة موقعه كرئيس للجنة المراقبة.
ووفقا للمعلومات فان الجانب اللبناني، قد اعد ملفين كاملين، الاول، حول ما تحقق على صعيد اخلاء منطقة جنوب الليطاني من السلاح واستكمال انتشار الجيش، ومن ضمنها جداول بيانية لذخائر مصادرة، والثاني، يتضمن شكاوى لبنانية موثقة من الخروقات الاسرائيلية، خصوصا مع تجاهل جيش الاحتلال المقصود للآلية الموضوعة للتعامل مع اي موقع يشتبه فيه.
خطة اسرائيل
وفي اطار سعيها لفرض اجندتها على الداخل اللبناني، تعتمد تل ابيب على الولايات المتحدة الاميركية، للضغط باتجاه نشر الجيش اللبناني في الجنوب قبل انسحابها الكامل منه وترسيم الحدود بعد تسليم سلاح حزب الله، محتفظة لنفسها بحرية الطيران والعمل في لبنان.
وتشير مصادر ديبلوماسية، الى ان الايام القليلة الماضية توحي بان اسرائيل تحضر لشيء ما ضد لبنان، بدليل الضخ الاعلامي، والتركيز على نقطتين: ترميم حزب الله لقدراته البشرية والتسليحية، وعجز السلطة اللبنانية عن التصدي له، بهدف السعي لتأمين شرعية اميركية، تسمح لها بالعودة الى تصعيد كبير في لبنان، تمهيدا لخلط الاوراق في الاقليم، والذي قد تكون نقطة بدايته «التطور الاستراتيجي» مع غارة الضاحية الاخيرة.
وتكشف المصادر، ان فريقا امنيا وعسكريا اسرائيليا زار واشنطن، بعيد زيارة قائد القيادة الوسطى الاميركية الى تل ابيب، حيث تمت مناقشة «ورقة عمل» حول الخطوات التي يجب اتخاذها تجاه لبنان، في ظل محدودية قدرة الحكومة اللبنانية على تلبية المطالب، ما يستدعي ان تعمل اسرائيل على تحقيق ذلك تدريجيا وبتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، من خلال: تغيير نمط حركة واستراتيجية الجيش الاسرائيلي لجهة تنفيذه لمهامه دون الحاجة الى تبرير الضربات التي يقوم بها، المطالبة بنشر الجيش اللبناني بشكل كامل، في خطوة تستبق الانسحاب من النقاط الخمس، ضمان استمرار حرية العمل ضد ما اسماها الاسرائيليون التهديدات القائمة والمتطورة، وتثبيت ترسيم الحدود، مقابل تنازلات اسرائيلية مرتبطة بالنقاط المختلف عليها.
اعتراض «اليونيفيل»
وفي حادث هو الثالث من نوعه في غضون ايام قليلة، اعترضت مجموعة من الاهالي دورية للقوات الدولية، طالبة اليها العودة الى مكان انطلاقها، وسط مخاوف الاهالي من حصول احتكاكات، خصوصا ان غالبية تلك الدوريات تتحرك دون مواكبة من الجيش اللبناني، وهو ما يرفضه سكان القرى، متهمين افراد بعض وحدات اليونيفيل بالعمل على تجميع معلومات امنية وعسكرية ونقلها الى اسرائيل.
نتائج زيارة واشنطن
وفيما بدأت في بيروت عملية تقييم نتائج اجتماعات الوفد اللبناني وملحقاته الى واشنطن، وسط خلاصة رسمية مفادها «وجود اشارات ايجابية ووعود بتأمين مساعدات مالية لعدد من القطاعات، اضافة الى اعادة الاعمار التي اعلنت فرنسا بخصوصها، خلال مشاركتها في الطاولة المستديرة الى جانب عدة دول، عن مساهمتها ب 75 مليون يورو، هذا فضلا عن ربط البنك الدولي قرض اعادة الاعمار المقدر ب 250 مليون دولار بتعيين اعضاء مجلس الانماء والاعمار «، كاشفة عن توقيع قروض للمياه وللزراعة وايضا لتحويل الوزارة المالية الى وزارة الكترونية، كما حصلت وزارة التنمية الادارية على موافقة مبدئية لاجراء التحول الرقمي في المؤسسات الرسمية، في اطار الحد من الفساد والتهرب الضريبي.