عاجل:

بالإنابة عمن تحدث قاسم ومن استهدف بمواقفه: الداخل أم الخارج؟ ( خاص )

  • ٩٥

خاص "ايست نيوز"

توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية أمام توقيت وشكل ومضمون خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم فسجلت سلسلة من الملاحظات التي يمكن قراءتها في أكثر من اتجاه سواء بالنسبة الى الداخل او الخارج. وهذه عينة منها:

في التوقيت لم ترصد المراجع السياسية والإعلامية والديبلوماسية اي مناسبة محلية للخطاب على وقع الجدال المتنامي حول مصير السلاح غير الشرعي  وكل من يحمل سلاحا خارج إطار المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية. وعليه لم تجمع هذه المراجع سوى أنه جاء عشية الجولة الثانية من المفاوضات الايرانية – الاميركية التي عقدت اليوم في وزارة الخارجية الايطالية في روما برعاية قطرية وبأسلوب لم تتضح آليته بعد.

وبانتظار انتهاء الجولة الجديدة والكشف عما انتهت اليه وسط سيناريوهات عدة سبقت موعدها على وقع مجموعة من الطروحات الايرانية والامريكية عدا عن التوقعات الإقليمية والدولية التي لم يوفرها اصحابها من كل الجهات ومعها تقدير النتائج المحتملة لهذه الجولة.

أما في الشكل فقد جاء الخطاب في توقيت سلبي تجاه العديد من المناقشات الجارية في لبنان ولا سيما ان الحكومة قد بدأت في جلستها الاخيرة في قصر بعبدا بمشاركة قائد الجيش العماد رودولف هيكل بمناقشة ما سمي بـآلية جمع السلاح غير الشرعي بعد ان أجمعت الأطراف كافة على اهمية ان يكون الموضوع في حوار ثنائي بين رئيس الجمهورية وقيادة الحزب من اجل ان تجري العملية في افضل الظروف التي تسمح باستعادة لبنان موقعه بين مجموعة الدول العربية والغربية، بعدما أظهرت المواقف الاقليمية والدولية اهمية بسط سلطة الدولة ليس على الحدود الدولية وفي المرافق العامة البحرية والبرية والجوية فحسب إنما على باقي الأراضي اللبناني بدون استثناء.

اما في المضمون فقد توسعت رقعة التفسيرات وقرأت فيه المراجع مجموعة من التناقضات نتيجة التفسير الذي يقدمه الحزب لمضمون اتفاق "تجميد العمليات العسكرية" الذي لم يرقى بعد الى مرحلة اتفاق وقف النار وتجاهل البنود التي تناولت مصير مصانع الاسلحة غير الشرعية ومخازنها على الاراضي اللبنانية كافة وهو ما اقرت به الحكومة منذ ان اطلعت على مضمون التفاهم من الجانب الأميركي ليل 26 – 27 تشرين الثاني العام الماضي والتزام ما قال به من إجراءات باشر بها الجيش اللبناني في الجنوب وعلى كامل الاراضي اللبنانية بتوافق غير مسبوق بين مختلف السلطات الرسمية في لبنان.

وعليه فإن حديث الشيخ قاسم عن "طاولة حوار" لمناقشة ما سمي بالاستراتيجية الدفاعية او ما شابهها فقد تجاهل انه ليس هناك اي بحث بهذا الموضوع، بعدما توافق رئيس الجمهورية ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري راعي التفاهم باعتباره كان "الأخ الأكبر"  المفوض من قبل "حزب الله" قبل استشهاد امينه العام السيد حسن نصرالله على ضرورة قيام حوار ثنائي بالطريقة التي يتم التفاهم بشأنها بين عون وقيادة الحزب لترتيب المرحلة. فالمشاورات والمناقشات تجاوزت موضوع الحوار حول مصير السلاح وبات محصورا بطريقة وآلية تسليمه للجيش وخصوصا بعدما اعلن الرئيس عون ان العام 2025 سيكون عام "نزع السلاح" وسيشهد نهاية للبحث بهذه العناوين بكل اشكالها.

ولا تغفل المراجع في قراءتها لمضمون الخطاب ان إشادته بـ "فخامة رئيس الجمهورية" ومواقفه جاءت في بعض منها في موقع الانتقاد غير المباشر وربما يفسرها البعض من موقع "الذم"، ليس للرئيس فحسب انما للحكومة وكل الاطراف التي تدعمه من الداخل والخارج  في موقفه من مصير السلاح. وما زاد في الطين بلة ما تضمنه الخطاب من تهديدات طالت كل من لا يشاركه الرأي ودعوته الى تقديم برامج الاعمار للمناطق المدمرة قبل التفكير بمصير السلاح متجاهلا سيل المواقف الخارجية ولا سيما من قبل الدول والمؤسسات المانحة باستحالة تقديم اي هبة او الاقدام على اي استثمار ما لم يثبت ان كل ما يهدد السلم الأهلي وأمن المنطقة قد زال.

وهو امر بات رهنا بمصير السلاح الذي قاد لبنان والمنطقة الى حرب تدميرية لم يكن لغير قيادة المقاومة ومن كان يدعمها من الخارج رأي فيها. وجاءت هذه القيادة وراعيها لتحاسب اللبنانيين والعرب والعالم وتحملهم مسؤولية ما انتهت اليه من دمار ودم ودموع وتطالبهم بإعادة اعمار ما تهدم بعد مسلسل من التدمير وإعادة الإعمار امتد لأربعين عاما خلت نتيجة الحروب التي خيضت على التوالي.

وما زاد في الطين بلة اشادة الشيخ نعيم قاسم بما انجزته المقاومة من تحرير للأرض في العام 2000 وما وفرته من أمن تدعيه انه كان على مسؤوليتها بعد حرب تموز 2006 لتتبخر كل هذه الانجازات ان كانت قد تحققت بنسبة كبيرة بعد حرب العام 2023 – 2025 فكبر عداد الشهداء والمعوقين والجرحى والمصابين وحل الدمار الشامل في عشرات قرى الجنوب الآمنة ومازال اهلها مهجرون في الداخل وفي أصقاع العالم.

وتستطرد المراجع السياسية والديبلوماسية في قراءتها لخطاب الأمين العام للحزب لتعبر عن قلقها من هذا المنطق وما يمكن ان يقود اليه من  تعثر كل الخطوات الايجابية المنتظرة إن على مستوى تجاوز الازمة المالية والنقدية بعد هيكلة المصارف وتحديد مصير ودائع اللبنانيين ان كان ذلك ممكنا في مثل الاجواء التي عكسها الخطاب او اعادة اعمار ما تهدم بعد إحياء الدولة ومؤسساتها لتستعيد ثقة الداخل والخارج. وعليه فلماذا لم يقدم "الثنائي الشيعي" رؤيته الواضحة والصريحة لما يمكن القيام به. فليس واضحا ان هناك توافقا بين طرفيه "امل" و"حزب الله" على رؤية واحدة إن كان الرئيس بري الى جانب رئيس الجمهورية في ما هو مطروح. وعليه فإن ساد هذا المنطق وترسخ اكثر على مساحة أوسع من قيادة الحزب فان ذلك يعتبر ايذانا بان الازمة لن تنتهي وأن المعالجات الجارية مهددة في اي لحظة وأن الحرب التي لم تتوقف بعد قد تعود من جديد كما تشير بعض التقارير الاستخبارية المتداولة. وقد تكون أوسع واشمل من تلك التي شهدها لبنان والمنطقة.

وتختم هذه المراجع لتقول ان الغليان بلغ الذروة ولم يستفد اللبنانيون بعد مرة واحدة من مسلسل الفرص الذهبية التي عبرت، وقد يكون اغلاها تلك المعروضة عليهم اليوم. فهل سيعيد التاريخ نفسه في اشهر قليلة. وتتبخر الآمال بالأمن والاستقرار  ومشروع إحياء الدولة ومؤسساتها على حساب الدويلات الموزعة في بعض المناطق؟!.

المنشورات ذات الصلة