ماذا يقول سكان شمال اسرائيل عن الحرب مع حزب الله وشروط عودتهم الى المستوطنات؟

  • ٩١

تناولت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد INSS في الكيان الاسرائيلي الإجابات عن سؤال ما هو المطلوب لكي يتمكن سكان الشمال من العودة إلى منازلهم؟  أجابت قلة من المشاركين في الاستطلاع (نحو 20٪ فقط) من العينة السكانية العامة وعينة من سكان الشمال، أنها لن تتمكن من العودة إلى منازلها ما دامت لم تُشنّ معركة كبيرة في الشمال، في تناقض مع الانطباع السائد في وسائل الإعلام الإسرائيلية، والذي يفيد بأن هناك تأييداً كبيراً للقيام بعمل عسكري واسع النطاق كشرط لعودة هؤلاء. إلى جانب ذلك، إن تأييد احتمال التوصل إلى تسوية سياسية من أجل ضمان عودة السكان طُرح في الفترة الفاصلة بين استطلاعات الرأي المتعددة، في موازاة انخفاض في استعداد بلدات الشمال للاكتفاء بوجود الملاجئ وتحصين البلدات. ففي حين قال 25٪من الجمهور، في 19/11/2023، إن سكان الشمال سيعودون إلى منازلهم بشرط التوصل إلى خطة سياسية تقضي بإبعاد حزب الله عن الحدود، واستبداله بقوات دولية، فإن نحو ثلث المشاركين في الاستطلاع (33.8٪) أيدوا مثل هذا الخيار، بتاريخ 24/12/2023. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجابة في الحالتين حظيت بدعم أقل من سكان الشمال (14٪ بتاريخ 18/11، و18٪ بتاريخ 24/12).

تُظهر الاستطلاعات أيضاً أن أغلبية المشاركين فيها، ممن يعيشون في الشمال، يدعون إلى توسيع نطاق النشاط العسكري الإسرائيلي، لكنهم لا يؤيدون، بالضرورة، المبادرة إلى شن حملة واسعة النطاق. فعلى سبيل المثال، تم توجيه سؤال في إطار استطلاع المعهد بتاريخ 10/12: كيف يجب أن تكون ردة فعل إسرائيل في مواجهة هجمات حزب الله، في رأيك؟. تعتقد أغلبية كبيرة من الجمهور أن على إسرائيل تصعيد نطاق ردودها على عمليات حزب الله. وافترض 29٪ فقط أن على إسرائيل الالتزام بقواعد التصعيد المعمول بها حالياً، في حين أيّد 20٪ فقط شن حرب واسعة النطاق. أمّا بقية المشاركين في الاستطلاع، فافترضت أن على إسرائيل اختيار طريقة من 3 طرق عمل، أكثر قوة.

يُظهر توزيع الإجابات، بحسب مكان الإقامة، أن سكان حيفا والشمال، كما هي حال سائر سكان إسرائيل، معنيون بتصعيد نشاط الجيش. ومع ذلك، وعلى عكس العينة بأكملها، ربما أيضاً لأن هؤلاء السكان هم الذين سيضطرون إلى تحمّل أعباء الحرب، إذا اتسعت، فإن نسبة كبيرة منهم تعتقد أن هذا النشاط يجب أن يقتصر على إلحاق الضرر بحزب الله. إن نسبة مؤيدي شن حملة عسكرية واسعة، قد تصل إلى حرب إقليمية، هي أكثر انخفاضاً في أوساط سكان الشمال، مقارنةً بالمجموع العام للسكان (10٪ في مقابل 17٪). وفي المقابل، فإن سكان الشمال الذين يؤيدون نشاطاً عسكرياً واسع النطاق، حتى لو كان الثمن اندلاع حرب إقليمية، يؤيدون أيضاً احتلال مناطق في الجنوب اللبناني والسيطرة عليها، وكانت نسبة هؤلاء أعلى كثيراً من نسبة الذين يؤيدون هذا الخيار من العينة العامة للسكان (23٪ مقارنةً بـ18٪). هناك نسبة مرتفعة من سكان الشمال وسكان حيفا تؤيد أن يكون النشاط العسكري هجومياً ومبادراً أكثر، من دون أن يؤدي إلى التدهور نحو حرب إقليمية، وفي حال كان هذا الخطر قائماً، فهم يفضلون إنشاء حزام أمني، على غرار الحزام الذي كان موجوداً في لبنان في الماضي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الخيار الذي حظيَ بأوسع تأييد في أوساط سكان الشمال، يفيد بأن على إسرائيل المبادرة إلى نشاط عسكري محدود يستهدف حزب الله، أي نشاط عسكري يشبه الوتيرة المعمول بها حالياً على الأرض، بعكس ما تروّجه وسائل الإعلام الإسرائيلية.

تَظهر الخشية من اندلاع حرب إقليمية أيضاً في الإجابات المتعلقة بجاهزية الجبهة الداخلية للحرب. ففي 22/10/2023، تم طرح سؤال إلى أي مدى، في رأيك، تُعتبر الجبهة الداخلية محمية من هجوم من حدود الدولة الشمالية؟، واتضح أن نحو نصف الإسرائيليين (46,4٪) يفترضون أن الجبهة الشمالية محمية بصورة ضعيفة، أو أنها غير محمية من مثل هذه الهجمات مطلقاً. إن مثل هذا الموقف يعكس تقييماً واقعياً للأثمان التي ستضطر الجبهة الداخلية، غير المحمية كما يجب، إلى دفعها، في حال حدث تصعيد على الحدود الشمالية. إن مثل هذا التقدير هو السبب الأساسي الداعي إلى التخوف من اندلاع مثل هذه الحرب. إن المستويات العليا في الجيش تؤيد هذا الرأي أيضاً، وخصوصاً في قيادة الجبهة الداخلية، وتقول إن هناك حاجة إلى تحسين التحصين في مواجهة التهديدات الشمالية. وفي موازاة ذلك، لوحظ وجود ثقة عالية جداً بقدرات الجيش على تحقيق النصر في معركة الشمال، في حال اندلعت. لقد طُرح هذا السؤال عدة مرات، ولوحظ في أغلبية الاستطلاعات وجود ثقة عالية جداً، تناهز الـ 90٪، بقدرات الجيش. وعلى الرغم من الثقة العالية بأن الجيش قادر على تحقيق النصر في معركة على الجبهة الشمالية، فإن الجمهور واع تماماً بالأثمان الباهظة التي ستتكبدها الجبهة الداخلية نتيجة ذلك، ولذا، فهو لا يؤيد اندلاعها.

في الخلاصة، يتضح من الاستطلاعات أن الجمهور الإسرائيلي، وخصوصاً سكان الشمال، معنيّ بتصعيد الرد على حزب الله، لكن في المقابل، لا يشترط هؤلاء موضوع عودة السكان إلى منازلهم، بشن حرب شاملة في الشمال. يرى الجمهور أن الرد المطلوب الضامن لأمن سكان الشمال يتمثل في رد متعدد الأبعاد، يشمل نشاطاً عسكرياً إسرائيلياً هجومياً أكثر، مع تحسين كبير في الاستعدادات الدفاعية، (وأهمها تحصين البلدات بمزيد من الملاجئ)، إلى جانب السعي لخطوة سياسية تؤدي إلى التوافق على إبعاد ناشطي حزب الله عن الحدود، وتضمن استعادة الهدوء هناك. يُستحسن أن تقوم الجهات الأمنية والإعلامية في إسرائيل بعرض معلومات أكثر، تتناول نسبة ووتيرة النشاطات العسكرية الإسرائيلية في الشمال وطبيعتها، وصولاً إلى تقليص الفجوة البارزة بين الخطاب العام بشأن ضرورة شن حرب عسكرية شاملة من أجل إعادة السكان إلى منازلهم، وبين مواقف الجمهور، التي تظهر في استطلاعات الرأي.

المنشورات ذات الصلة