نتنياهو حوّل إسرائيل إلى دولة بلا مستقبل، ولا أمل، ولا أحلام...؟

  • ٥٩

تحت عنوان نتنياهو حوّل إسرائيل إلى دولة بلا مستقبل، ولا أمل، ولا أحلام، ورد مقال في صحيفة معاريف الاسرائيلية سرد فيه كاتبه اخفاقات رئيس حكومة الحرب بن يمين نتانياهو وخطر استمراريته في موقعه. وجاء في المقال:
"ما الذي حدث، كي تجد إسرائيل نفسها، بعد 7 تشرين الأول، في موقف دفاعي سياسي ضد محاولات فرض إقامة دولة فلسطينية عليها؟ وما الذي حدث لدولة إسرائيل، بعد هذه المجزرة الفظيعة والكارثة الأكبر في تاريخها، وبدلاً من أن تحصد إنجازات سياسية وعسكرية، باتت تتخبط بلا اتجاه؟ الإجابة القاطعة عن هذين السؤالين هي الافتقار إلى العمل، وغياب القيادة الحقيقية، والتخلي عن الشجاعة والجرأة، والاهتمام بصغائر العمل السياسي الداخلي في الحكومات الإسرائيلية برئاسة نتنياهو.
بعد انشقاق صدع السابع من تشرين الأول، ذلك الصدع الهائل، كان لزاماً على إسرائيل إطلاق مناورة سياسية، والعمل بعزم في الساحة الدولية، وترسيخ المبدأ الفولاذي المتمثل في حدود يمكن الدفاع عنها. كان علينا أن نعلن، في ضوء هذه المأساة الفظيعة و"الإرهاب" الفلسطيني "الوحشي"، أنه يجب تغيير وجه الشرق الأوسط. كان علينا ألّا نقول "لن يتكرر هذا ثانية!" وأن نعلن ضمّ غور الأردن، وتقديم مهلة لحزب الله، تقتصر على أشهر قليلة، للانسحاب إلى خلف خط الليطاني، بحسب قرار الأمم المتحدة 1701، وأن نوضح لأصدقائنا وأعدائنا، على حد سواء، أن ثمن هذه "المجزرة الفظيعة"، إلى جانب القضاء على "حماس"، يجب أن يتمثل في ضم مناطق من قطاع غزة إلى إسرائيل.
لم تتحرك إسرائيل، قبل "المجزرة"، على مدار سنوات التخبط والضياع، بصورة حاسمة، أو مبدعة، لتقديم حلول سياسية لقضية الفلسطينيين. ولم تعمل على الحؤول دون إقامة دولة فلسطينية، ولم تقدم اقتراحاً للحل على شكل حكم ذاتي مطوّر، مثلاً، في مناطق الضفة، يشمل في أقصى حد مناطق "أ" و"ب"، مع ترسيخ سيطرتنا الأمنية على المنطقة، ولم نحاول إشراك الأردن، عبر حل كونفيدرالي ما. كما لم نعمل ضد "حماس"، ولم ندفع في اتجاه أي حل يسعى لنزع سلاح القطاع.
في تلك المرحلة، جلس نتنياهو على الكرسي، فقط من أجل أن يجلس على الكرسي، ولم ينجز أي أمر على الساحة السياسية والدبلوماسية، بل انشغل طوال الوقت بالسياسة الرخيصة، بالاحتفاظ بمنصبه، وبتدمير المجتمع الإسرائيلي (انظروا مثلاً إلى قضية "الإصلاحات القضائية" التي قُصف عمرها). هذا ما يحدث عندما يتولى رئاسة الحكومة، بهلواني سياسي، وشخص لا يأبه سوى لمصلحته السياسية، بدلاً من أن يستلم هذا المنصب زعيم ورجل سياسة.
لم يكتفِ الرجل بعدم تعديل اتفاقيات أوسلو، بل ساهم في ترويجها بكل قوته. وفضلاً عن ذلك، فهو لم يكتفِ بتنفيذ هذه الاتفاقات، وقد أهمل مناطق "ج" على امتداد فترة حُكمه، وسمح بعمليات البناء المكثفة والخطِرة التي يقوم بها الفلسطينيون، حتى بمحاذاة خط التماس. أما في غزة، وبالاعتماد على تفكير كسول، يقول إن سبيل منع إقامة دولة فلسطينية يتمثل في تقوية "حماس"، تعامل نتنياهو مع هذا التنظيم الفتّاك، على أنه رصيد بالنسبة إلى إسرائيل، وسمح بتحويل قطر مئات ملايين الدولارات إلى القطاع، وتجاهل التمويل الواسع النطاق لـ"حماس"، والمعلومات الاستخباراتية المتعلقة بنيات الحركة. بل وقّع اتفاقيات أبراهام، كأنه تجمّد، خوفاً من ممارسة الأميركيين ضغوطهم عليه. يضاف إلى ذلك، أن المهزلة المتعلقة بالتسلح النووي الإيراني، مسجلة باسمه، لأنه لم يحُل دون التقدم الإيراني في هذا الشأن. إن اشمئزاز قادة العالم من سلوكه المراوغ، ساهم في ضعضعة أمن إسرائيل. كل ما يخرج من ذلك الرجل هو الكلام الفارغ، والأكاذيب، والتهريج، وكلام فارغ وصفر أفعال.
من المفارقات، أن نتنياهو الذي يحاول، يائساً، التشبه بونستون تشرتشل، هو آخر مَن يمكن أن يشبه ذلك القائد البريطاني العظيم. إذا بحثنا عن وجه شبه بين زعيم إسرائيلي وبين تشرتشل، فيمكننا طبعاً إيجاد شبيه، هو بن غوريون، والقرارات المصيرية التي اتخذها. يمكننا العثور على الشجاعة والجرأة السياسية والعسكرية في كلٍّ من بيغن، ورابين، وشارون، أما وجه الشبه الوحيد بين تشرتشل ونتنياهو، فلعله يكون تدخين السيجار. لقد حوّل نتنياهو إسرائيل إلى بلد بلا مستقبل، وبلا أمل، وبلا أحلام.

المنشورات ذات الصلة