نشرت "روسيا اليوم":
شهد عام 2025 سلسلة من التحولات الجيوسياسية العميقة، شكّلت ملامح جديدة للمشهد الدولي، من تغييرات قيادية جذرية في القوى العظمى، إلى اندلاع مواجهات إقليمية غير مسبوقة، ومبادرات دبلوماسية مفاجئة غيّرت مسارات صراعات مستمرة منذ سنوات.
1. عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسط جدل داخلي ودولي
مطلع يناير 2025، عاد دونالد ترامب إلى منصب رئيس الولايات المتحدة، ليصبح الرئيس السابع والأربعين في تاريخ البلاد، مُعلنا عن حقبة جديدة تحت شعاره الشهير "أميركا أولاً". وفور تولّيه الرئاسة، أصدر سلسلة أوامر تنفيذية انعكست على السياسة الداخلية والخارجية معا: بدأت بفرض رسوم جمركية جديدة على شركاء تجاريين كبار مثل الصين والاتحاد الأوروبي، مما أشعل موجة جديدة من الحرب التجارية.
كما أطلق حملة ترحيل جماعي للمهاجرين غير النظاميين، بذريعة "حماية الأمن القومي"، وهو القرار الذي قوبل بانتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان وبعض المحاكم الفيدرالية، التي اعتبرته انتهاكاً للدستور وتشريعا فرديا يُقوّض المؤسسات الديمقراطية.
2. قمة ألاسكا التاريخية.. ترامب وبوتين يبحثان إنهاء الحرب الأوكرانية
في 15 أغطس 2025، انعقدت قمة استثنائية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، في سابقة جغرافية نادرة. وتركّزت المباحثات على مستقبل الصراع في أوكرانيا، الذي دخل عامه الرابع دون تسوية واضحة.
وأعلن الطرفان أن اللقاء "كان بنّاءً ومثمرًا"، واتفقا على إطلاق مسار دبلوماسي جديد يهدف إلى التوصّل إلى تسوية سياسية تُنهي الحرب، مع تلميحات إلى احتمال تجميد خطوط التماس الحالية مقابل ضمانات أمنية متبادلة.
وقد أثارت القمة انقساما واسعا في أوروبا، إذ رحّب البعض بها كفرصة للسلام، بينما اعتبر آخرون أن واشنطن تتخلى عن حليفتها كييف.
3. تحوّل ألمانيا.. فريدريش ميرتس مستشارا بعد صعود اليمين
في فبراير 2025، شهدت ألمانيا انتخابات مبكرة للبوندستاغ في ظل تفكك حكومة الائتلاف الثلاثي السابقة. وحقّق الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU) بقيادة فريدريش ميرتس فوزا كبيرا، بينما سجّل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) تقدما غير مسبوق، خاصة في الولايات الشرقية. وفي مايو، تم تشكيل حكومة ائتلافية واسعة جمعت المحافظين مع الديمقراطيين الأحرار، وانتُخب ميرتس مستشارا جديدا لألمانيا. وتميزت سياسته المبكرة بالتشدد في ملفات الهجرة، وزيادة الإنفاق الدفاعي، وتبني موقف أكثر براغماتية تجاه روسيا.
4. تصعيد غير مسبوق.. ضربات إسرائيل المباشرة على إيران وقطر
في يونيو 2025، نفّذت إسرائيل سلسلة غارات جوية غير مسبوقة على مواقع عسكرية واستراتيجية داخل الأراضي الإيرانية، استمرت قرابة 12 يوما، واستهدفت منشآت نووية وقواعد صواريخ في إصفهان وشيراز وأصفهان.
وشاركت الولايات المتحدة بشكل مباشر في بعض الضربات، مستندة إلى "تحالف دفاعي طارئ" ضد "التهديد النووي الإيراني". ولم يعلن عن الخسائر بدقة، لكن المصادر الإيرانية تحدثت عن تدمير جزئي لمنشأة نطنز، بينما أكدت طهران أنها ستردّ "في الوقت والمكان المناسبين".
وفي سبتمبر، وسعت إسرائيل نطاق عملياتها لتصل إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث استهدفت غارات محدودة على مقرات تابعة لقيادة حماس. وقد أدانت الدوحة الهجوم بشدة، ووصفته بأنه "اعتداء على سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة"، مما أدّى زاد حدة التوتر في العلاقات الخليجية-الإسرائيلية،.
5. وقف إطلاق النار في غزة.. صفقة ترامب تدخل حيز التنفيذ
في أكتوبر 2025، وبعد أكثر من عامين من الحرب المدمرة التي خلّفت دمارا هائلا في قطاع غزة، تم التوصل إلى هدنة شاملة برعاية أميركية مباشرة. وعرف الاتفاق باسم "خطة ترامب للتسوية"، وشمل تبادلا واسعًا للأسرى (أحياء وأموات)، وفتح معابر إنسانية دائمة، وضخّ مساعدات إغاثية طارئة.
ومع ذلك، انتقد مراقبون دوليون الخطة لكونها "دون الحد الأدنى من المتطلبات الإنسانية"، خاصةً في ظل استمرار الحصار الجزئي وتفشي الأوبئة في القطاع المحاصر.
6. تفاقم الأزمة في السودان.. مجازر الفاشر وكارثة إنسانية
في السودان، استمر الصراع الدامي بين الجيش وقوات الدعم السريع طوال عام 2025، مع تصاعد حدة المعارك في دارفور والخرطوم. وفي أكتوبر، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، وسط تقارير موثقة من منظمات حقوقية عن ارتكاب مجازر جماعية ضد المدنيين. وبحلول نهاية العام، تشرد أكثر من 8 ملايين سوداني داخليًا وخارجيا، بينما واجهت وكالات الإغاثة صعوبات جمة في إيصال المساعدات بسبب القتال العشوائي وانهيار البنية التحتية.
7. العرض العسكري الصيني الأضخم في التاريخ الحديث
في 3 سبتمبر 2025، نظمت جمهورية الصين الشعبية عرضا عسكريا ضخما في ساحة تيان ببكين، بمناسبة الذكرى السنوية الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية والانتصار على اليابان. ووصفه مراقبون بأنه الأكبر في تاريخ البلاد من حيث الحشد والعتاد، إذ شمل صواريخ باليستية عابرة للقارات، وطائرات مقاتلة من الجيل السادس، وأنظمة دفاع جوي متطورة.
وحضر العرض رؤساء وقادة من أكثر من ثلاثين دولة، في رسالة صينية واضحة حول صعودها كقوة عسكرية عالمية لا يمكن تجاهلها.
8. شرارة كشمير تهدّد جنوب آسيا
في أبريل 2025، أدّى هجوم مسلح في منطقة كشمير المتنازع عليها إلى مقتل عشرات الجنود الهنود، ما دفع الهند إلى شنّ عملية عسكرية داخل الأراضي الباكستانية في 7 مايو. ووصفت إسلام آباد التصعيد بأنه "إعلان حرب"، وردّت بحشدها العسكري على طول خط السيطرة.
ورغم جهود الوساطة من الصين والولايات المتحدة، كادت المنطقة أن تندلع في حرب شاملة، خاصةً مع التلويح الضمني باستخدام أسلحة نووية. وانتهى التصعيد باتفاق هش على وقف إطلاق النار في يوليو، لكن التوتيرات ظلت كامنة.
9. رفع العقوبات عن سوريا.. انعطافة جيوسياسية كبرى
في مايو 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي في الرياض رفع جميع العقوبات الأميركية عن "الحكومة الانتقالية السورية"، مشيرا إلى أن نظام بشار الأسد قد سقط فعليًا في ديسمبر 2024 بعد سلسلة انتفاضات داخلية وتدخلات إقليمية.
ورغم غياب اعتراف أممي رسمي بالحكومة الجديدة، فقد فتح القرار الباب أمام استثمارات غربية وعربية ضخمة، في محاولة لإعادة إعمار ما دمّره أكثر من عقد من الحرب. واعتبر محللون القرار جزءا من استراتيجية أميركية جديدة لإعادة ترتيب التحالفات في المشرق العربي.
10. أول بابا أميركي في تاريخ الفاتيكان
في مايو 2025، انتُخب الكاردينال الأميركي روبرت فرانسيس بريفوست (ليو الرابع عشر) بابا للكنيسة الكاثوليكية، ليكون الأول من خارج أوروبا منذ القرن السادس عشر، والأول من الأميركيتين. ويُعرف بريفوست بانفتاحه على القضايا الاجتماعية، وحرصه على الإصلاح الإداري داخل الكرسي الرسولي.
وركزت رسالته الأولى على "الوحدة في زمن الانقسام"، داعيًا إلى حوار بين الأديان وحماية المهاجرين والضعفاء.
11. سنايي تاكايتشي.. أول رئيسة وزراء لليابان
في أكتوبر أصبحت سنايي تاكايتشي أول امرأة تتولّى منصب رئيسة الوزراء في اليابان، بعد فوز حزب الليبراليين الديمقراطيين في انتخابات برلمانية مبكرة.
وتميّزت خطاباتها باتجاه يميني واضح، تجاهلت فيه سياسات "الانفتاح" التي اتبعها سلفها، وركّزت على تعزيز الهوية الوطنية، وزيادة الإنفاق العسكري، وتبني موقف أكثر صرامة تجاه الصين وكوريا الشمالية.
ويشير محللون إلى أن رئاستها قد تمثّل بداية عصر جديد من السياسة اليابانية المحافظة.