خاص- "إيست نيوز"
منذ فترة سبقت الاعياد، لم يكن مرفأ بيروت ولا مطاره مجرّد منشأتين حيويتين متوقفتين عن العمل، بل تحوّلا إلى مرآة فاضحة لواقع إداري وأمني مأزوم. بضائع محتجزة، شحنات متكدّسة، شركات خسرت، وأسئلة تتراكم بلا أجوبة. في بلد يعيش على شريان الاستيراد، يصبح شلل المرفأ والمطار إنذارًا أحمر يهدد الأمن الاقتصادي والغذائي، ويكشف هشاشة القرار وارتباك الجهات المعنية. فما الذي جرى فعليًا خلف الأسوار؟ ومن يتحمّل مسؤولية تعطيل حركة البضائع في أهم بوابتين للبنان على العالم؟
نقابة المستوردين تدق ناقوس الخطر
في هذا السياق، رفعت نقابة مستوردي المواد الغذائية الصوت عاليًا، معربة عن استيائها من استمرار التأخير في تخليص البضائع في مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي. وحذّرت النقابة من الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المستوردون، لا سيما في فترة الأعياد، نتيجة تعطيل عمليات التخليص وارتفاع كلفة التخزين.
وطالبت النقابة باتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الخلل القائم، معتبرة أن الأنظمة المعتمدة حاليًا لم تعد قادرة على مواكبة حجم العمل، وداعية إلى حلول جذرية ومستدامة تقوم على تطوير الأنظمة الجمركية والمرفئية واعتماد المكننة الشاملة.
بضائع الأعياد عالقة… ومخاوف في الأسواق
وبحسب المعطيات، علقت في مرفأ بيروت عدة حاويات تضم مواد غذائية وملابس وبضائع مخصصة للأعياد، نتيجة أسباب إدارية وتقنية متعددة، ما أثار مخاوف لدى المواطنين من احتمال فقدان بعض المواد الغذائية من الأسواق في حال استمرار الأزمة.
نبيل فهد ينفي حصول أي نقص
في المقابل، نفى نائب رئيس غرفة تجارة بيروت نبيل فهد وجود أي نقص في المواد الغذائية، مؤكدًا في حديث لـ“إيست نيوز” أن “البضائع تخرج من المرفأ والمطار بطريقة عادية، ولم يحصل أي نقص بالمواد الغذائية”. وأضاف: “كل الأصناف متوفرة على رفوف السوبرماركت، والناس عم تلاقي كل شي عم تطلبه، وما عنا أي تقارير عن نقص بأي صنف، بالعكس الأمور ماشية بشكل طبيعي”.
وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية ما جرى في مرفأ بيروت، امتنع فهد عن توجيه اتهام مباشر، معتبرًا أن المسؤوليات تقع ضمن صلاحيات الإدارات المعنية، من الجمارك إلى إدارة المرفأ ووزارة النقل، ومشيرًا إلى أن المحاسبة تبقى منوطة بهذه الجهات.
مرافئ بلا إصلاح… وأزمات بلا نهاية
بين نفي رسمي وصرخات قطاع مستوردين يئنّ تحت وطأة الخسائر، تبقى الحقيقة عالقة كما البضائع في المرفأ. فالأزمة، وإن لم تنعكس بعد نقصًا على رفوف الأسواق، كشفت مرة جديدة هشاشة الأنظمة، وغياب الجهوزية، وتراكم الإهمال في واحد من أخطر مفاصل الدولة اللبنانية. السؤال اليوم لم يعد عمّا إذا كانت البضائع ستخرج، بل متى يتوقف التعامل مع المرافئ والمطار بعقلية الطوارئ والارتجال. فإما إصلاح حقيقي يواكب العصر ويمنع تكرار الأزمات، أو بقاء مرفأ بيروت أسير الأعطال، فيما يدفع الاقتصاد والمواطن الثمن مرة جديدة.