انشغل القضاة الفيدراليون بدراسة مدى ضرورة نشر الحرس الوطني الذي أمر به الرئيس دونالد ترمب في مدن ذات أغلبية ديمقراطية، مثل بورتلاند ولوس أنجلوس وشيكاغو. وقد وجدت المحكمة العليا، يوم الثلاثاء، مخرجاً من هذه المسألة، حيث ألغت نشر الحرس استناداً إلى إجراء شكلي. والآن، أمام البيت الأبيض خياران: إما إعادة النظر في استراتيجيته لعسكرة أجهزة إنفاذ القانون، أو تصعيد الموقف.
يُجيز القانون الفيدرالي للرئيس نشر قوات الحرس الوطني إذا "عجز عن تنفيذ قوانين الولايات المتحدة بالقوات النظامية". وقال ترمب إن حوادث المقاومة العنيفة لحملة الترحيل التي شنتها إدارته تُعدّ من قبيل هذا القانون. وتركزت الدعاوى القضائية في المحاكم الأدنى درجة على ما إذا كانت هذه الحوادث قد جعلت الحكومة الفيدرالية "عاجزة" فعلاً عن إنفاذ القانون.
وفي النتيجة قضت المحكمة العليا بأن نشر ترمب للحرس الوطني في شيكاغو غير قانوني استناداً إلى تعريف "القوات النظامية". وكانت الإدارة قد افترضت أن "القوات النظامية" تعني وكالات إنفاذ القانون المدنية مثل إدارة الهجرة والجمارك. ولأن هذه القوات غير قادرة على إنفاذ القانون، فقد رأت الإدارة أن ترامب يستطيع نشر الحرس الوطني.
لكنّ مذكرات تكميلية أوضحت أنه عندما منح الكونغرس الرئيس هذه الصلاحية في أوائل القرن العشرين، كان المقصود بـ"القوات النظامية" الجيش. وهذا يعني، بحسب المحكمة، أن ترامب لا يستطيع نشر الحرس الوطني إلا إذا كان "الجيش النظامي" غير كافٍ لتنفيذ القوانين. وأضاف الرأي أن الظروف التي يُمكن فيها استخدام الجيش لإنفاذ القانون المحلي "استثنائية".
يتيح هذا التفسير النصي للقضاة تجنب الخوض في تحقيق ذي حساسية سياسية حول مدى مقاومة جهود ترامب في إنفاذ قوانين الهجرة. لكن لهذا المنطق دلالات غريبة، إذ يُشير إلى أن ترامب سيضطر إلى محاولة إرسال الجيش النظامي إلى شيكاغو قبل اللجوء إلى نشر قوات الحرس الوطني التابعة للولايات. وفي مذكرة قُدّمت إلى المحكمة العليا في نوفمبر، أشارت إدارة ترامب إلى امتلاكها صلاحية القيام بذلك بموجب قانون التمرد.
لقد امتنعت المحكمة العليا في العام الماضي عن البتّ في ما إذا كان هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول يرقى إلى مستوى "التمرد" أو "العصيان" في قضية تتعلق بمسعى ولاية كولورادو لإقصاء ترامب من الانتخابات. لكن إدارة ترمب حريصة على وصف الاضطرابات المدنية في المدن ذات الأغلبية الديمقراطية بـ"العصيان" لتبرير نشر القوات. وقد يُجبر ذلك القضاة على اتخاذ قرارات أكثر صرامة.
خلاصة القول أن المحكمة العليا حَدَّت استخدام ترمب للجيش في المدن الأمريكية، لكنها لم تمنعه تمامًا. وقد انقسمت المحكمة انقسامًا حادًا، حيث انضم 5 قضاة إلى رأي الأغلبية، وأيد القاضي بريت إم. كافانو النتيجة، بينما عارضها 3 قضاة محافظين: صامويل أ. أليتو، وكلارنس توماس، ونيل إم. غورسوش.
والسؤال المطروح هو كيف ستفسر الإدارة هذه النكسة، قانونيًا وسياسيًا. فقد تعتبرها فرصة لإعادة النظر في استراتيجيتها لعسكرة إنفاذ قوانين الهجرة، أو قد تمضي قدمًا في نهجها قدر استطاعتها، مما قد يؤدي إلى مواجهة أكثر خطورة في المحكمة العليا لاحقًا.