عاجل:

غزة على خط الأزمة... ما هو "الخط الأصفر" ولماذا يثير الجدل؟

  • ٢٧

لم يعد "الخط الأصفر" مجرد مصطلح تقني في خرائط عسكرية مؤقتة، بل تحوّل إلى عنوان أزمة سياسية وقانونية وإنسانية مفتوحة، تختصر الصراع على مستقبل قطاع غزة وحدوده ووظيفته الديموغرافية. فوفق تقارير متقاطعة لوكالات دولية ومصادر سياسية مطّلعة، يشمل هذا الخط ونطاقاته الأمنية ما بين 52 و58 في المئة من مساحة القطاع، ما يجعله أحد أكثر عناصر خطة وقف النار إثارة للجدل والخلاف.

ما هو "الخط الأصفر"؟

يُستخدم مصطلح "الخط الأصفر" للإشارة إلى خط تموضع وانسحاب عسكري إسرائيلي أولي، طُرح ضمن المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار متعددة المراحل في قطاع غزة.

في بدايته، تم تقديمه بوصفه إجراءً مؤقتاً، يهدف إلى الفصل المرحلي بين القوات، تمهيداً للانتقال إلى مراحل لاحقة تشمل انسحاباً أوسع وترتيبات حكم وإعادة إعمار بإشراف دولي.

أين يمتد وما حجمه؟

يقسم الخط الأصفر قطاع غزة إلى قسمين، وبحسب تقديرات نشرتها الأسوشيتد برس ورويترز، يمتد "الخط الأصفر" عبر مناطق شديدة الحساسية السكانية، من بيت حانون وبيت لاهيا شمالاً، مروراً بمحاور خان يونس، وصولاً إلى أجزاء واسعة من رفح جنوباً.

ويختلف تقدير المساحة المشمولة بين 52 و58 في المئة من قطاع غزة، تبعاً لما إذا كان القياس يعتمد خط التموضع نفسه أو يشمل أيضاً "نطاقات العمليات" المحيطة به، التي يتراوح عمقها بين كيلومترين و7 كيلومترات داخل القطاع.

من إجراء مؤقت إلى "حد دفاعي"؟

رغم الطابع المرحلي الذي أُسبغ على الخط في الوثائق الأولية، فإن تصريحات عسكرية إسرائيلية لاحقة أعادت توصيفه بوصفه "حداً دفاعياً جديداً".

هذا التحول في الخطاب أثار مخاوف من تكريس الخط كواقع دائم، لا كإجراء انتقالي، وهو ما اعتبرته صحيفة "الغارديان" البريطانية خروجاً على روح الترتيبات المرحلية التي يفترض أن تقود إلى انسحاب لا إلى تثبيت سيطرة.

التأثير الإنساني والاقتصادي

لا يقتصر أثر "الخط الأصفر" على إعادة انتشار القوات، بل يمتد مباشرة إلى حياة المدنيين. فالمناطق الواقعة خلفه تُصنَّف عملياً كمناطق عمليات أو منع وصول، مع قيود مشددة على الحركة وعودة السكان ودخول المساعدات.

ويحوّل ذلك الخط إلى أداة ضغط اقتصادي وإنساني، تعرقل إعادة الإعمار وتفاقم هشاشة الحياة اليومية في قطاع يضم أكثر من مليوني نسمة.

لماذا يثير رفضا عربيا؟

سياسياً، يتعارض تثبيت "الخط الأصفر" مع جوهر المرحلة الثانية من خطة وقف النار، التي تقوم على انسحاب تدريجي وفتح أفق لإعادة الإعمار.

وترى دول عربية أن القبول ببقاء عسكري دائم داخل نحو نصف قطاع غزة يشكّل سابقة خطيرة في القانون الدولي، تكرّس ضماً بحكم الأمر الواقع، وتفتح الباب أمام تفكيك غزة ديموغرافياً عبر الضغط الاقتصادي والهجرة القسرية غير المباشرة.

موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي

أعربت الأمم المتحدة ومؤسسات حقوقية دولية عن قلقها من غموض الخط وحدوده، محذّرة من أن تحويله إلى أمر واقع دائم يقوّض حماية المدنيين ويضعف فرص أي تسوية سياسية مستدامة.

ووفق هذه المقاربات، فإن "الخط الأصفر" لا يمثل فقط خلافا على خريطة، بل اختباراً حاسماً لمسار الحرب والسلام في غزة.

وبين توصيفه كإجراء أمني مؤقت ومحاولات تحويله إلى حدّ دائم، يقف "الخط الأصفر" في قلب معركة أوسع على مستقبل قطاع غزة، فهو خط يفصل الأرض، لكنه في الوقت نفسه يكشف عمق الانقسام السياسي والقانوني حول ما إذا كانت غزة تتجه نحو تهدئة قابلة للحياة، أم نحو واقع جديد تُعاد فيه صياغة الحدود بالقوة.

المنشورات ذات الصلة