عاجل:

أعياد لبنان 2025: "تسونامي" اغترابي يكتسح المخاوف ومطار بيروت يتحول إلى خلية نحل (خاص)

  • ٦٦

خاص ـ "إيست نيوز"

مالك دغمان

يستعد لبنان لاستقبال ليلة رأس السنة لعام 2025 وسط أجواء احتفالية صاخبة تتحدى كافة التوقعات المتشائمة التي سبقت الموسم، حيث تحول مطار رفيق حريري الدولي إلى ما يشبه جسراً جوياً يربط بيروت بعواصم العالم. وتكشف التقارير الرسمية المنشورة عبر الوكالة الوطنية للإعلام عن وصول حركة الملاحة الجوية إلى ذروتها الاستيعابية، حيث سجلت صالات الوصول تدفقاً بشرياً هائلاً تجاوزت أرقامه في الأيام العشرة الأخيرة حاجز المائتي ألف وافد، في حين أكدت نقابة مكاتب السفر برئاسة جان عبود أن شركات الطيران المحلية والأجنبية اضطرت لإضافة أكثر من مئة رحلة استثنائية لمواكبة حجم الطلب غير المسبوق القادم من أفريقيا ودول الخليج وأوروبا.

إيست نيوز وترقب اللحظة الأخيرة

وقد تواصل موقع "إيست نيوز" مع عدد من أصحاب مكاتب السياحة والسفر الذين أكدوا وجود تذبذب واضح في سلوك المسافر اللبناني الذي فضل التريث حتى اللحظات الأخيرة قبل تأكيد السفر نتيجة الظروف الميدانية المتقلبة. وأشار أصحاب المكاتب في حديثهم للموقع إلى أن هذا "الترقب القلق" تحول فجأة وبشكل دراماتيكي إلى انفجار في الطلب خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر، مما أدى إلى نفاد المقاعد بالكامل حتى في الدرجات السياحية المرتفعة السعر. هذا النمط المفاجئ من الحجوزات وضع المكاتب أمام تحديات لوجستية كبيرة وضغط عمل مضاعف، إلا أن إصرار المغتربين على القدوم حسم الموقف في النهاية، محولاً الموسم السياحي إلى رافعة اقتصادية أساسية تضخ مئات الملايين من العملة الصعبة في السوق المحلية المنهكة.

شهادات من قلب صالات الوصول

وعند سؤال المغتربين في صالات الوصول، تبرز قصص تعكس عمق الارتباط بالأرض، حيث تقول "سارة" لـ "ايست نيوز"، وهي مهندسة لبنانية مقيمة في فرنسا، إنها ترددت كثيراً قبل حجز تذكرتها بسبب الأخبار المتضاربة، لكنها قررت في النهاية أن الميلاد لا يحلو إلا في بيروت، مؤكدة أنها دفعت ضعف ثمن التذكرة العادي نتيجة حجزها المتأخر لكنها لا تشعر بالندم. ومن جانبه، يروي "سامر" القادم من أبيدجان لـ "إيست نيوز" أنه واجه صعوبة بالغة في إيجاد مقعد شاغر لعائلته المكونة من خمسة أفراد، موضحاً أن جميع أصدقائه في الغربة اتخذوا القرار نفسه بالعودة رغم التكاليف المرتفعة، لأن لبنان في رأس السنة يمتلك روحاً احتفالية لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر، خاصة مع وجود الأهل والأصدقاء.

خارطة الحجوزات بين الفنادق وبيوت الضيافة

ميدانياً، ترسم نسب الإشغال لوحة سياحية متنوعة، فبينما سجلت فنادق بيروت الكبرى نسباً قاربت الثمانين بالمئة وفق تصريحات النقيب بيار الأشقر، كانت "بيوت الضيافة" في الجبال هي النجم الساطع لهذا الموسم. أما المناطق الجبلية في فاريا وفقرا واللقلوق والشوف تعيش حالة من الإشغال الكامل الذي وصل إلى مئة بالمئة، حيث يفضل المغتربون القادمون من بلاد باردة أو حارة الاستمتاع بثلج لبنان وخصوصية المنازل الريفية خصوصا من دول الخليج التس سجلت اعلى نسبة من القادمين. ويقول "مارك" لـ "أيست نيوز"، وهو مغترب لبناني مقيم في دبي، إنه استأجر بيتاً ريفياً في منطقة البترون لقضاء الأعياد، مشيراً إلى أن الحجز تم قبل شهرين لضمان الحصول على مكان، ومؤكداً أن "بيوت الضيافة" باتت توفر تجربة سياحية تضاهي أفخم فنادق العالم بلمسة لبنانية دافئة.

مطاعم بيروت وسحر السهر المتجدد

وفيما يخص قطاع السهر، يؤكد رئيس نقابة أصحاب المطاعم طوني الرامي لـ "ايست نيوز" أن العاصمة والمدن الساحلية أصبحت "محجوزة بالكامل" لليلة رأس السنة، مع تنوع لافت في البرامج الفنية التي استقطبت النجوم والمطربين. وتوضح التقارير النقابية أن القطاع المطعمي أثبت مرونة فائقة في التعامل مع الأزمات، حيث تم طرح قوائم طعام بأسعار تنافسية لاستيعاب كافة القدرات الشرائية. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الفورة السياحية ليست مجرد احتفال عابر، بل هي بمثابة "رئة اصطناعية" تمد الاقتصاد اللبناني بالأوكسجين، حيث ينتعش معها قطاع تأجير السيارات، والأسواق التجارية، ومحلات بيع الهدايا، مما يخفف من وطأة الركود ويؤكد أن لبنان سيظل وجهة سياحية عصية على الانكسار مهما بلغت حدة الضغوط.

المنشورات ذات الصلة