كتبت صحيفة البناء أنّ جيش الاحتلال صعّد منسوب التوتر عبر تنفيذ غارة جوية على الضاحية الجنوبية استهدفت القائد الجهادي البارز هيثم الطبطبائي (أبو علي)، في أول عملية من نوعها منذ اتفاق وقف إطلاق النار، وفي رسالة مباشرة للبنان مفادها أنّ الضغوط ستستمر لفرض نزع سلاح المقاومة، رغم عدم تنفيذ «إسرائيل» أيٍّ من بنود الاتفاق مقابل التزام لبنان الكامل.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ رئيس الجمهورية اعتبر أنّ الغارة، التي تزامنت مع ذكرى الاستقلال، دليل على عدم اكتراث الاحتلال بالقرارات الدولية أو المساعي الرامية لاحتواء التوتر، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته لوقف الاعتداءات المتكررة.
وفي ظل تصاعد الضغوط الأميركية على الدولة اللبنانية للقبول بتسويات ترتبط بمستقبل السلاح، رأت البناء أنّ واشنطن تسوّق لفكرة أن «كلفة الحرب المقبلة ستكون أكبر من كلفة الحرب الأهلية»، فيما يتساءل سياسيون عمّا إذا كانت أي تنازلات ستؤدي فعلاً إلى انسحاب إسرائيلي، مستشهدين بتجارب تفاوضية سابقة لم تُثمر أمنًا ولا سيادة.
من جهته، أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، خلال تشييع الطبطبائي في الضاحية الجنوبية، أنّ المقاومة «غير معنية بأي طرح أو مبادرة جديدة» قبل أن يلتزم الاحتلال بموجبات وقف النار، مشدداً على أنّ اغتيال أبو علي «لن يغيّر من معادلة المقاومة ولا من إرادتها»، وأنّ دماءه ستزيدها ثباتاً وتمسّكاً بحق الدفاع عن لبنان.
وأضاف دعموش أنّ على الدولة حماية مواطنيها وسيادتها ورفض الإملاءات الخارجية، لافتاً إلى أنّ «كل التنازلات التي قُدّمت لم تُثمر»، ومحمّلاً الاحتلال مسؤولية فتح أبواب التصعيد.
وتنقل الصحيفة عن مصادر مطلعة على موقف المقاومة أنّ اغتيال الطبطبائي يحمل رسائل تتعلق بمحاولة فرض قواعد اشتباك جديدة، والضغط على الدولة للتراجع عن طرحها التفاوضي حول إنهاء الاحتلال وحصرية السلاح. وتؤكد المصادر أنّ المقاومة «تدرس خيارات الردّ بميزان دقيق»، مع الحرص على عدم الانجرار إلى مواجهة تخدم أهداف الاحتلال السياسية.
ميدانياً، أشاعت عملية الاغتيال أجواء قلق في شمال فلسطين المحتلة، حيث أعلن جيش الاحتلال فتح الملاجئ ورفع مستويات الجهوزية، كما تفقد رئيس الأركان منطقة الفرقة 210 ضمن تمرين مفاجئ. ونقلت البناء عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن «جولة إضعاف حزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام».
دولياً، حذرت فرنسا من مخاطر التصعيد عقب الضربة، فيما يصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى بيروت لاستكمال المسعى المصري لتفادي حرب واسعة. وبحسب مصادر دبلوماسية عربية، لا تملك القاهرة «مبادرة كاملة»، بل مجموعة اقتراحات مطروحة على الجانبين بانتظار الردود تمهيداً لمواصلة الوساطة.