عاجل:

الخطيب لـ"اللبنانيين جميعا": لا تخضعوا ولا تستسلموا لإرادة العدو مهما كانت الضغوط

  • ٢٩

ادى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس والقى خطبة الجمعة التي قال فيها:

نحن في خضم الأحداث التي نعيشها في لبنان في ظل الأزمات الداخلية والضغوطات الخارجية، ينبغي أن يدفعنا هذا الواقع جميعاً الى التضامن والوحدة لنستطيع كلبنانيين أن نعبر هذه المرحلة بأقل الخسائر، لا نقول حتى نعبر هذه المرحلة بدون خسائر، فالخسائر واردة وكبيرة وجمّة، وأهمها الخسائر في الأرواح المدنية التي يسببها العدوان الاسرائيلي بعدوانه اليوم على مناطقنا، على بلادنا، على طرقاتنا، على قرانا، ويسببه القلق وعدم الاستقرار، ويسبب الخراب والدمار ويسبب التهجير، وهذا وإن سبب خسارة لفئة محدودة من اللبنانيين ولكنه بالنهاية هي خسارة للبنانيين جميعاً، فهل كما نسمع ونرى من بعض الاصوات أن هذه الخسائر وهذه المصاعب التي تعرض لها شعبنا وأهلنا في الجنوب اللبناني أو في البقاع هي خسائر تخصّ الطائفة الشيعية؟ نعم بالمباشر هي تخصّ الطائفة الشيعية، ولكن لا ندري ما هي الموازين التي يرتكز عليها هؤلاء في هذه الحسابات وكأنها لا تخصهم، وفوق ذلك نرى بعض هذه الأصوات التي تبرر للعدو الإسرائيلي عدوانه، وتبرر له هذه الوحشية وهذا التجاوز لكل قرارات الأمم المتحدة ولكل الأعراف الدولية، و بعد ان التزم لبنان بكل موجبات هذا القرار والاتفاق على تطبيق القرار الدولي 1701 ، أن يبرر للعدو الإسرائيلي استمرار عدوانه وتحقيق المزيد من الضغط على لبنان للمزيد من التنازلات من السلطة اللبنانية لهذا العدو، ما هو المبرر لهذه الأصوات؟ وما هي الوطنية؟ والبلد يتعرض لحرب أكلت الأخضر واليابس، أمام هذا العدو أن تأتي فئة لبنانية وتبرر للعدو الإسرائيلي استمرار عدوانه.

واضاف... كان يمكن أن يكون هذا المنطق مقبولاً ، فيما العدو الإسرائيلي بعد صدور القرار الدولي المعروف 425 واحتلاله قسما من جنوب لبنان لم يلتزم به طيلة هذه الفترة منذ 1978 إلى عام 2000، واضطر أهل هذه المناطق أن يحملوا السلاح ليحرّروا ارضهم وليدفعوا عدوان هذا العدو على كل لبنان، ومع ذلك وُجهت السهام إلى المقاومة وأريد من هذه المقاومة أن تلقي سلاحها وأن تستسلم للإرادة الإسرائيلية. الإسرائيلي هو الذي لم يلتزم، وكل الشرائع الدولية وكل الأعراف هي مع حق مقاومة الشعب اللبناني لهذا العدو ليدفع عدوانه وليحرر أرضه، ومع ذلك كانت الأصوات من بعض الجهات التي تتغنى بالسيادة وبالاستقلال وبلبنان وبأرزة لبنان ،ومع ذلك كانت تطلق سهامها ليس ضد العدو الإسرائيلي وإنما ضد المقاومة وضد أهل قسم عزيز من لبنان يقف درعاً لكل لبنان، ما هو المقصود؟ ما هو المراد؟ ما هو المطلوب؟

الآن وبعد استجابة لبنان للقرار 1701 وتنفيذ كافة مندرجاته وبعد المطالبة بأن يذهب الجيش اللبناني ويبسط سلطة الدولة كما يقولون على جنوب لبنان، يبسط سلطة الدولة في مقابل ماذا؟ في مقابل ان أهل الجنوب تنتهك حرماتهم ويتعرضون للإعتداء والعدوان وتتعرض بيوتهم للخراب ويتعرضون للنزوح وبيوتهم للدمار وقراهم ومزارعهم للخراب، أو أن مهمة الجيش هي بسط سلطة الدولة في مقابل الاحتلال الإسرائيلي.

نحن على موعد قريب من عيد الاستقلال الوطني، أين هو الاستقلال؟ نحن لم نشعر بالاستقلال منذ قيام هذا العدو على حدودنا واحتلاله لفلسطين والذي كان يتعرض دائما بالعدوان على قرانا في الجنوب وتتعرض قرانا للمجازر وأهلنا للتهجير، منذ أول يوم كان العدوان على لبنان مصاحباً ومزامناً للعدوان والإحتلال لفلسطين ، أنا أسأل هؤلاء الذين يتغنون بلبنان وبالسيادة، كيف يكون الاستقلال وكيف تكون السيادة؟ بالارتباط بالخارج و بالدفاع عن العدو؟ وبمواجهة أهلهم ومواطنيهم بدل أن يكونوا معهم في وقت الشدة حينما يتعرض لبنان للعدوان ويتعرض أهله للضغوط، بل يساهمون للأسف مع هذا العدو في هذا الضغط على هذه الفئة من اللبنانيين التي أثبتت طوال هذه الفترة أنها الدرع الحصين للبنان في مواجهة هذا الاحتلال، من حظ اللبنانيين أن نكون وأن يكون أبناء هذه الطائفة هم الموجودون على هذه الحدود، لأنه لولا ذلك لما كان هناك استقلال وما كان هناك لبنان، نحن درع لبنان في مواجهة هذا الاحتلال، وقد دفعنا في سبيل ذلك الالاف من أبنائنا شهداء وجرحى ومعوقين، وقرانا تهدمت وأهلنا تهجروا وعاشوا حالة من عدم الاستقرار، الاستقلال أن نكون أسياد أنفسنا وأن يكون القرار قرارنا لما فيه مصلحة لبنان ولما فيه مصلحة الشعب اللبناني وأن تكون القرارات نابعة من إرادتنا الذاتية وليس أن تُفرض علينا وأن نكون نحن مجرد عاملين منفذين لإرادة العدو ومنفذين لإرادة الذين يريدون أن يسلبونا هذا الاستقلال، أين هو هذا الاستقلال، هل الاستقلال هو بالخضوع لإرادة العدو؟ مع إقرار الأمم المتحدة بأن العدو الإسرائيلي هو الذي يمنع الجيش اللبناني من الانتشار في جنوب لبنان، ليس فقط السلطة اللبنانية وليس فقط رئيس الجمهورية وليس فقط الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني وإنما الأمم المتحدة بصريح العبارة تقول أن الذي يمنع الجيش اللبناني من الوصول ومن الانتشار على كافة الأراضي اللبنانية في الجنوب والى الحدود هو العدو الإسرائيلي، لذلك من المستغرب جدا أن نجد أصواتاً في الداخل اللبناني تريد منا أن نستسلم لإرادة العدو، وأن ينفذ لبنان ما يُملى عليه لمصلحة العدو الإسرائيلي، ما هي مشكلة الجيش اللبناني؟ ما هي مشكلة قائد الجيش اللبناني الذي أُلغيت زيارته للولايات المتحدة الأميركية ولقائه مع المسؤولين الأميركيين بحجة أنه سمى العدو الإسرائيلي، إسرائيل ما زالت تحتل أرضنا في جنوب لبنان، وما زال الدستور اللبناني يقول بأن الكيان الإسرائيلي هو كيان عدو للبنان، وما زالت الولايات المتحدة الأميركية تريد من الرئيس اللبناني أن يتصل بتنياهو وأن يستسلم الجيش اللبناني للعدو الإسرائيلي، وأن تكون هناك علاقات مباشرة ومحادثات مباشرة ومفاوضات مباشرة سموها كما شئتم مع العدو الإسرائيلي، يعني في الواقع هي فرض الاستسلام على اللبنانيين لمطالب العدو الإسرائيلي.

واردف... أنا أقول للبنانيين جميعاً أن كرامتكم الوطنية وأن استقلالكم وأن حصانتكم هي بالدفاع عن شرفكم المرتبط بالدفاع عن جنوب لبنان وعن حدوده وعن سمائه لبنان و بحره وعدم الإستسلام لإرادة العدو، لا تخضعوا لإرادة العدو، لا تستسلموا لإرادة العدو، مهما كانت هذه الضغوط فإن الحق أقوى، وإننا بشرط وحدتنا بوحدة اللبنانيين قادرون على اجتياز هذه الفترة وهذه المرحلة من الصعوبات ومن الضغوطات التي يفرضها علينا أعداؤنا، والتي تفرضها علينا الولايات المتحدة الأميركية للأسف التي لم نكن يوماً من الأيام نحب أن نكون في هذا الموقع وأن تكون الولايات المتحدة في هذا الموقع ضد مصالح لبنان وضد الشعب اللبناني الذي يريد أن يكون صديقاً للولايات المتحدة الأميركية وليس عدواً لها، لكن الذي يختار أن يكون عدواً للبنان ويتخذ من لبنان عدواً هي الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم العدوان الإسرائيلي وتُسلح العدو الإسرائيلي بكافة الإمكانيات وتضغط على لبنان وتحاصره اقتصادياً ومالياً، وللأسف ان القرارات التي اتخذها مصرف لبنان هي ليست قرارات سيادية هي قرارات تنفذ إرادة الولايات المتحدة الأميركية والغرب، والولايات المتحدة الأميركية بالأخص التي تريد أيضاً من الداخل اللبناني أن يكون اللبنانيين أعداء لبعضهم البعض، والقرار الذي اتخذه مصرف لبنان في الغاء بعض النشاطات المالية التي تختص بالفقراء وبالمعوزين والتي لا تمارس نشاطاً ربحياً ولا تأخذ دور المصارف في لبنان، واسأل كيف يؤخذ القرار بإغلاقها وبمنع هذا النشاط، هل أنتم قدمتم في هذا الظرف بالخصوص التي يتعرض فيه اللبنانيون لهذه المأساة الإجتماعية والاقتصادية والنقدية والحصار، هل قدمتم للشعب اللبناني أي شيء حتى تأخذوا هذا القرار وتسيروا في هذا المسار؟ هل قدمتم للشعب اللبناني ما يستطيع به أن يكمل حياته بعزة ويمتّن مواقفه الداخلية، من هم الأكثر استقلالاً وحفاظاً على استقلال لبنان ، هل هم الذين ينعقون في الإعلام ويوجهون الاتهامات اللاأخلاقية ويحرّضون اللبنانيون بعضهم على بعضهم؟ هل هذا يؤدي إلى الاستقلال؟ ويقولون انه مظهر من مظاهر الاستقلال؟ ماذا قدمتم لشعبكم؟ ما هي مهمة الحكومة؟ ما هي مهمة السلطة؟ ليست مهمة السلطة أن تجلس على عرشها ثم تنفذ إرادة الخارج، وإنما أن تخطط وأن تقوم بما يلزم للحفاظ على كرامة شعبها، هل هذه القرارات التي تتخذونها تحافظ على صمود الشعب اللبناني في مواجهة ما يتعرض له من هذا العدوان ومن هذا الحصار؟ أم انكم تريدون إفقار هذا الشعب وإضعافه أمام الضغوط الخارجية حتى يستسلم لإرادة الخارج؟ هل هذه هي مظاهر الاستقلال؟ بماذا نهنئ اللبنانيين ونهنئ أنفسنا بهكذا استقلال؟ نحن نريد الاستقلال ونحن الاستقلاليون الحقيقيون الذين يدفعون الدم للحفاظ على هذا الاستقلال، وليس الذين يتعاطفون مع إرادة الخارج وينفذون إرادة الخارج ضد أبناء وطنهم.

لذلك هذا هو الاستقلال الذي يمارسه أهلنا وتمارسه مقاومتنا، وللجيش اللبناني ولفخامة رئيس الجمهورية ولقائد الجيش اللبناني نوجه لهم التحية بهذه المناسبة الذين يدافعون فعلاً عن استقلال لبنان، نوجه التحية لأهلنا ولشهدائنا لآباء وأمهات الشهداء ولأسر الشهداء الذين يتعرضون لكل هذه المظالم ولكل هذه الضغوط، لماذا؟ لأنهم يحافظون على الاستقلال اللبناني الحقيقي، المقاومة إلى جانب الجيش اللبناني وإلى جانب الشعب اللبناني الأبي الذي يقف حقيقة إلى جانب جيشه وإلى جانب بلده في مواجهة العدوان الإسرائيلي وفرض الإملاءات على لبنان.

المنشورات ذات الصلة