كتبت صحيفة "الجمهورية" أنّ استمرار التهديدات الإسرائيلية بـ«موجات من الهجمات»، كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يُفسَّر كرفض غير معلن للعرض اللبناني بالتفاوض، في ظل قراءة مماثلة لإلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، بما يوحي باعتراض أميركي على مبادرة التفاوض أيضاً. هذا المناخ يضع البلاد أمام احتمالات مفتوحة حتى نهاية العام، فيما يعوّل البعض على زيارة البابا لاوون الرابع إلى لبنان نهاية الشهر لإحداث خرق في المسار التهدوي وإعطاء الفرصة للمساعي الدبلوماسية.
وتشير الصحيفة إلى أن أركان الحكم يسعون لاحتواء موجة التوتر التي سبّبها الإلغاء الأميركي لزيارة قائد الجيش، انطلاقاً من قناعة بأن أي اختلال في العلاقة اللبنانية-الأميركية سيقود البلاد إلى مأزق خطير، خصوصاً أنّ واشنطن تشكّل الراعي الأساسي للتسويات في الشرق الأوسط، وتدير فريق «الميكانيزم» المعني بالتفاوض ووقف التصعيد في الجنوب، كما تلعب دوراً محورياً في دعم مسار النهوض السياسي والاقتصادي للبنان.
ونقلت "الجمهورية" عن مصادر مطلعة ضرورة التعاطي بهدوء ومسؤولية مع تداعيات ما جرى، وعدم الانجرار إلى شعارات تصعيدية، مع الحفاظ على معنويات المؤسسة العسكرية وثوابتها. وأشارت إلى أن مجلس الوزراء تجنّب الخوض في هذا الملف وتركه «في عهدة فخامة الرئيس وقيادة الجيش»، فيما يواصل الرئيس جوزف عون اتصالاته مع واشنطن وسيلتقي قريباً السفير الأميركي.
وفي موازاة ذلك، أشار عون خلال جلسة الحكومة إلى ضرورة أن يشهد استقلال العام المقبل تحرير كامل الأراضي اللبنانية، معلناً إلغاء الاحتفالات الرسمية بسبب الظروف الراهنة، مع تكريم رجالات الاستقلال وفق التقليد. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فشدّد في رسالته للبنانيين على أنّ الاستقلال «امتحان يومي» وأن الجنوب يشكل اليوم «ميدان هذا الاختبار».
وعلى خط التفاوض، أكد رئيس الحكومة نواف سلام في حديث إلى "بلومبيرغ" أنّ لبنان مستعدّ للانخراط في مفاوضات مع إسرائيل حول الحدود البرية والمناطق المحتلة، مشيراً إلى أن خطة نزع السلاح جنوب الليطاني تسير على المسار الصحيح، وأن الجيش يوسع انتشاره ويضبط طرق التهريب، فيما تواصل إسرائيل خرق وقف إطلاق النار وتحتفظ بخمسة مواقع حدودية «منعدمة القيمة العسكرية».
ميدانياً، كثّفت إسرائيل عملياتها عبر الطائرات المسيرة في الأجواء اللبنانية، فيما أعلن نتنياهو أن الوضع الأمني تغيّر جذرياً منذ حرب غزة وأنّ إسرائيل تتجه إلى «موجات من الهجمات» أكثر اتساعاً باتجاه أهداف متعددة، في إشارة إلى احتمال انتقال تل أبيب من ضربات محدودة إلى عمليات واسعة. وتوقعت «القناة 14» أن الهدف النهائي هو نزع سلاح حزب الله.
وفي السياق، كشفت «اليونيفيل» أنها رصدت أكثر من 7,500 انتهاك جوي و2,500 انتهاك بري شمال الخط الأزرق منذ توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية، إضافة إلى 360 مخبأ أسلحة متروك تم تحويلها إلى الجيش.
وفي نيويورك، قدمت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة جينين هينيس-بلاسخارت إحاطة أمام مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701، مشيرة إلى «تقدّم ملحوظ» في بعض بنوده، مقابل استمرار التباطؤ في بنود أخرى. وأكدت أن «عامل الوقت أصبح حاسماً» وأن على لبنان تجنب الظهور بمظهر المماطل في الحوار وحصر السلاح بيد الدولة، مؤكدة أن الجيش اللبناني حقق تقدماً لافتاً جنوب الليطاني، لكنه وحده لا يستطيع تنفيذ القرار. كما شددت على أن وجود الجيش الإسرائيلي شمال الخط الأزرق والانتهاكات العسكرية الإسرائيلية المتكررة يشكلان خرقاً لسيادة لبنان وتهديداً لاستقراره.