عاجل:

"رسائل الشراونة".. الجيش يضرب بيد من حديد و"مملكة" المخدرات تتهاوى (خاص)

  • ٧٠

خاص - "إيست نيوز"

ابتسام شديد

يخوض الجيش اللبناني مؤخرا معارك على أكثر من جبهة في السياسة والأمن ومكافحة الإرهاب والمخدرات من اجل تحصين الوضع الداخلي وتمتين الامن وحماية لبنان وإعادة الثقة الدولية به. وأبرز الحروب التي تخوضها المؤسسة العسكرية اليوم هي الحرب على المخدرات لتفكيك المنظومة القوية المتشعبة التي اقامتها المافيات في مناطق معينة صنفت على أنها الأخطر في الشرق الأوسط.

البقاع الجميل بسهوله وطبيعته الجغرافية تلوثت سمعته بالتهمة البشعة، بعد ان تحولت قرى واحياء فيه الى مناطق مرادفة لكلمة "مخدرات"، و"حي الشراونة" واحد من هذه البقع التي ارتبط اسمها بالفارين والملاحقين بقضايا المخدرات وكونها مصنعا لإنتاجها وتصنيعها وتخزينها مع باقي الممنوعات، من المواد المخدرة بنوعية جيدة.

وليس غافلا على احد، ان حي الشراونة، كما يقول العارفون بطبيعة المنطقة قد تحول في الآونة الاخيرة ملاذا آمنا ومكانا مقفلا يصعب الدخول اليه بفعل احيائه المتفرعة والبنية التحتية المحصنة التي أقامتها العصابات، وهي التي قادات الى مجموعة من المواجهات التي تلاحقت في الأشهر القليلة الماضية، وكانت حصيلة آخرها اول امس ثلاثة شهداء للجيش في عبوة مفخخة زرعت في مدخل احد المباني المستهدفة خلال مطاردة الجيش لاحد قادة العصابات .

 ليست المرة الاولى التي يسقط فيها شهداء للمؤسسة العسكرية في الحرب ضد هؤلاء التجار، إذ انه مستمر بمطاردة الشبكات وملاحقة افرادها، أينما وجدوا سعيا الى تفكيك المنظومة التي صارت ناشطة لبنانيا في السنوات الأخيرة بعد ان تحول لبنان الى "بلد مصدر" او "بلد عبور" للمخدرات الى دول الخليج العربي عبر بلدان مختلفة أوروبية وافريقية، مما أطلق العنان لمعركة القضاء على شبكات المخدرات بين الأجهزة الأمنية بالتعاون مع الإنتربول وسفارات بعض الدول التي تزود لبنان بتقارير ومعلومات عن تجارة ومواقع مشبوهة.

رسائل "عملية الشراونة" كما يقول مصدر عسكري كثيرة، فالجيش أسقط الخطوط الحمراء وبات قادرا على دخول المربعات "المقفلة" و"الممنوعة" على أي شكل من اشكال السلطة، في رسالة واضحة بان الجيش يضرب ادق الشرايين وأكثرها حيوية لعصابات لها امتدادات حدودية تتخطى الرقعة اللبنانية وترتبط بالتهريب على الحدود اللبنانية – السورية، وصولا الى ما هو اعمق منها بكثير .

تجارة المخدرات آفة تهدد الشباب اللبناني والمجتمع لكنها قبل كل شيء تهدد علاقات لبنان الخارجية وتعرضها لخضات وهزات كبيرة. ومن هذه النقطة بالذات تؤكد مصادر مطلعة ان الجيش تبلغ الجيش القرار السياسي بالمواجهة من أجل القضاء بدون أي سقوف سياسية او مناطقية او طائفية وعشائرية على بؤر ومصانع المخدرات وسجلت الاجهزة الأمنية عمليات نوعية عندما نجحت في قتل او توقيف رؤوس وأسماء بارزة كان من الصعب التفكير بإمكان الوصول إليها في الماضي لأنها كانت محمية بغطاء عسكري وحزبي وعشائري سياسي عابر للحدود عدا عن الحماية التي كانت توفرها قوى عسكرية من الجانب السوري واشخاص من الجانب اللبناني، وقد سجلت الأشهر الاخيرة اعتقال رؤوس وشخصيات بارزة في عالم التجار بالمخدرات وضعوا على لائحة المطلوبين في التجارة والترويج فيما قتل آخرون في مواجهات غادرة مع الجيش والاجهزة الأمنية، كذلك شهدت الفترة الأخيرة تفكيك اكبر معامل المخدرات في منطقة البقاع .

وعلى هامش التطورات المتلاحقة حول انهيار بعض الشبكات الكبيرة، كشفت معلومات خاصة لموقع "ايست نيوز" ان الحملة العسكرية على تجارة المخدرات قطعت اشواطا كبيرة ولا يزال لبنان يتابع الملف وهي لن تتوقف حتى "تصفير" مشكلة المخدرات والقضاء عليها نهائيا.

ولا يشكك احد بان نتائج العمل الامني ظهرت في ردات الفعل الخليجية والدولية التي دلت الى مؤشرات إيجابية رافقها تنويه كبير بما حققه التعاون الاستخباري والأمني مع لبنان، وتقدير لا يقاس بعمل الجيش اللبناني. ولعل من ابرز الدلائل ما بلغه الانفتاح الاقتصادي السعودي على لبنان حيث كانت مسألة تهريب "الكابتاغون" المغلف بـ "الليمون" و"الشاي" المخدر الى المملكة ودول الخليج العربي من ابرز القضايا العالقة بين لبنان والمملكة وسببت خلافا سياسيا عميقا بين الدولتين ما لبث ان امتد الى دول مجلس التعاون الخليجي تضامنا معها.

وفي الاطار عينه، يؤكد خبير عسكري عبر "ايست نيوز": "أن تجارة المخدرات من أبرز الملفات المعقدة التي تتطلب جهدا لا يقل عن اي معركة عسكرية او حرب أخرى". وان الحملة ضد العصابات تحتاج الى متابعة حثيثة وفرق مدربة وعناصر أمنية متخصصة والى رصد وعمل استخباراتي دقيق وربط معلومات واستقصاء قبل التحرك على الأرض. ذلك ان مافيا المخدرات هي من اخطر العصابات في الدول عادة وصار معروفا ان الديها في لبنان لديها بنية تحتية متشعبة، وتستخدم تقنيات متطورة وتمتلك اجهزة وأسلحة متطورة ولها قدرة على رصد تحركات القوى الأمنية المكلفة بملاحقتها، مما يرفع من كلفة المواجهة معها. عدا ما توفرت لهم من رعاية وحماية سياسية وحزبية وعشائرية - ميليشيوية وشعبية وقد تغلغلوا في مناطق صنفت عاصية ومقفلة لفترة طويلة في الماضي على الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى الى ان حان الوقت اليوم مع قرار الدولة ببسط سلطتها وسيادتها على كامل الاراضي اللبنانية.

المنشورات ذات الصلة