اكتسب كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون حول «امتهان فئة من اللبنانيين بخّ السمّ في الولايات المتحدة» أهمية خاصة كونه صادرًا عن رأس الدولة، في ظلّ تصاعد حملات تستهدف موقع الرئاسة ومؤسسة الجيش. ووفق ما كتبت ندى أيوب في «الأخبار»، فقد نشأت خلال السنوات الماضية مجموعات لبنانية صغيرة في واشنطن بنت حضورها داخل مراكز الأبحاث والدوائر السياسية، وقدّمت نفسها كقوّة ضغط لمحاصرة حزب الله. لكن نشاط هذه المجموعات تجاوز مؤخرًا الصراع التقليدي مع الحزب، لينتقل إلى استهداف رئاسة الجمهورية والجيش منذ وصول العماد عون إلى بعبدا.
وتشير المعطيات إلى أنّ هذا التحوّل لم يأتِ صدفة، بل يرتبط برفض الرئيس عون الانزلاق إلى مواجهة داخلية يمكن أن تُستخدم فيها مؤسسات الدولة كأدوات ضغط. ومع تمسّكه بالموازنة بين الضغوط الخارجية والاعتبارات الداخلية، وجد «السياديون الجدد» أنفسهم أمام رئيس لا يستجيب لرغبتهم في تحويل السلطة إلى منصة صدام، الأمر الذي ظهر جليًا خلال حادثة إضاءة صخرة الروشة حين تعاطت الدولة وأجهزتها مع التوتر بـ«حجب الدم» واحتواء الأزمة، خلافًا لما كان يرغب به دعاة المواجهة.
هذا النهج أثار غضب المجموعات نفسها التي بدأت حملة تشويه واسعة للتشكيك بدور الرئاسة والجيش، وصولاً إلى المطالبة بإقالة وزير الدفاع وقادة الأجهزة وقائد الجيش رودولف هيكل، واعتبار الحفاظ على الاستقرار «مهادنة» للحزب. وتوسّعت الحملة إلى رسائل تُرسل إلى أعضاء في الكونغرس الأميركي وتقارير تكتب في مكاتب بعض المؤسسات في واشنطن، في محاولة لإعادة تعريف موقع الدولة: من يتحدث باسمها، ومن يدير قرارها، ومن يحدّد مفهوم السيادة الواجب الدفاع عنه.
وبينما يصرّ الرئيس عون على الحوار كطريق وحيد للحلول، تعمل هذه الجهات على تسويق صورة دولة «قاصرة» وجيش «عاجز» عن حصر السلاح، بهدف إقناع الخارج بأن لبنان بحاجة إلى وصاية جديدة وأن بعض «السياديين» قادرون على لعب هذا الدور. وتلتقي هذه الحملة مع خطاب خارجي يسعى إلى إضعاف الدولة ومؤسساتها، عبر ضرب شرعية الجيش في عيون المجتمع الدولي وتشويه صورة الرئاسة في مرحلة سياسية وأمنية حساسة.
وتخلص «الأخبار» إلى أنّ الصراع القائم لم يعد بين «السياديين» وحزب الله فحسب، بل بات صراعًا بين مشروع دولة يسعى الرئيس جوزاف عون إلى حمايته، ومشروع آخر يريد دولة تُدار من الخارج، ولو أدّى ذلك إلى إسقاط العهد إذا لم يُطوَّع.