في كلمة ألقاها خلال مؤتمر “نساء على خطوط المواجهة”، دعا رئيس الحكومة نواف سلام إلى كسر القيود الذكورية التي لا تزال تتحكم بالمنظومة السياسية والاجتماعية في لبنان، مؤكداً أن تمثيل المرأة اللبنانيّة ما زال في أدنى مستوياته، وأن “النهضة الحقيقية لا يمكن أن تقوم في ظل نظام يحاصر نصف المجتمع خلف جدران الذهنية الذكورية المتخلفة”، على حدّ قوله.
استهلّ سلام كلمته بإشادة خاصة بنضال النساء اللبنانيات عبر التاريخ، مستذكراً تجربة الإعلامية ماي شدياق التي "حوّلت الألم إلى التزام"، كما قال، مؤكداً أن “من حاول إسكاتها فشل لأنها اختارت أن تجعل من الجرح منبرًا للحرية”.
كما استعاد سلام أسماءً رائدة مثل ابتهاج قدّورة، جوليا طعمة وعنبر السلام الخالدي، اللواتي ناضلن حتى نالت المرأة اللبنانية حق الانتخاب والترشح عام 1952، وفتحْن الباب أمام أجيال من النساء خضن الميدان العام بثبات وشجاعة.
وأشار سلام إلى أن تاريخ النساء اللبنانيات هو تاريخ أفعال لا شعارات، مستذكراً ترشح إيميلي فارس إبراهيم عام 1953 كأول امرأة تخوض الانتخابات النيابية، معتبراً أنها “ترجمت الحقّ إلى فعل”.
كما خصّ بالذكر المناضلتين ليندا مطر وبرت لور مغيزل، اللتين لعبتا دورًا محوريًا في الدفاع عن كرامة المرأة اللبنانية وفي تطوير القوانين لتنسجم مع اتفاقية سيداو، مؤكدًا أن “الإصلاح لا يكتمل ما لم تُصَن حقوق المرأة في صميم الدستور والقوانين”.
وقال سلام إن مشاركة النساء في السياسة ليست ترفًا بل “شرط لنهضة الوطن”.
وأضاف أن النساء كنّ في الساحات كما في المنابر يهتفن ويكتبن وينظمن دفاعاً عن الكرامة والعدالة، مشيرًا إلى أن المرأة كانت دائمًا شريكًا في صياغة مصير البلاد، لا متفرجًا على قراراتها.
وبحسب سلام، فإن نسبة تمثيل المرأة في البرلمان اللبناني لا تتجاوز 6% (ثماني نائبات من أصل 128 نائبًا)، مقابل معدل عالمي يقارب 26%.
وشدّد على أن المشكلة لا تكمن في غياب الكفاءة، بل في “منظومة اجتماعية وسياسية يحكمها عقل ماضوي ذكوري”، موضحًا أن مرشحات انتخابات 2022 تعرّضن لحملات تحقير جندري وعنف رقمي طالت حتى مظهرهن وصوتهن.
وكشف سلام أن عدد النساء في مكتبه يفوق عدد الرجال، وأن حكومته تضم خمس وزيرات في مجالات التربية، البيئة، السياحة، الشباب، والشؤون الاجتماعية، لكنّه أقرّ بأن “هذا لا يكفي”، داعيًا إلى سياسات وتشريعات تفتح أبواب المشاركة أمام النساء بشكل أوسع، مؤكدًا أن “تمكين المرأة ليس منّة، بل أساس قيام دولة حديثة”.
وتحدّث سلام عن تجربته في الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب التي أعدّت مشروع فؤاد بطرس عام 2006، مشيرًا إلى أن المشروع تضمّن اقتراحًا لإلزام اللوائح الانتخابية بدعم مشاركة النساء لدورتين متتاليتين على الأقل.
وقال: “لو طُبّق هذا الإصلاح البسيط، لكنا شهدنا تمثيلاً نسائياً حقيقياً دون الحاجة إلى كوتا معقدة في نظامنا الطائفي”.
وكشف سلام أن النساء يشكلن 27% فقط من القوى العاملة في لبنان، فيما لا تتجاوز 10% من ملكية الشركات، وهي نسب “تتناقض مع قدرات المرأة اللبنانية ومؤهلاتها العالية”.
وأضاف أن النساء يمثلن أكثر من 80% من ضحايا العنف الرقمي في البلاد، مؤكدًا أن “لا تهاون مع أي معنف أو متحرش، أياً كان موقعه”.
اختتم سلام كلمته بتفاؤل واضح، قائلاً: “رغم الواقع الصعب، يبرز كل يوم نجاح جديد لامرأة لبنانية في الطب، والعلوم، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي. المستقبل لهنّ. وأدعو جميع نساء لبنان إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة، ترشيحًا واقتراعًا، لأن التاريخ لا ينتظر المترددين.”
تصوير: "عباس سلمان"