عاجل:

الشرع في واشنطن: لحظة إقليمية ودولية تبحث عن توازنات جديدة في سوريا والمنطقة (خاص)

  • ٤٤

 خاص - "ايست نيوز"

وسام عبد لله

قبل يومين التقى الرئيس السوري أحمد الشرع نظيره الأميركي دونالد ترامب في قمة نسجت حولها النظريات والسيناريوهات المتعددة. وبالرغم من تناقضاتها فقد التقوا على وصفها بـ "أنها إعادة تموضع دمشق في مساحة دولية مختلفة جذريا عن سياسة اتبعتها لأكثر من نصف قرن في التحالفات المقابلة للغرب".

اختبار العلاقة

 وفي حديث الى موقع "ايست نيوز" قال الباحث في الشؤون الأميركية ماهر العلي: "أن ترامب يسعى إلى اختبار استعداد القيادة السورية للانخراط في تفاهمات أمنية تضمن استقرار الحدود ومنع عودة التنظيمات المتشددة، مقابل تخفيف جزئي في بعض القيود السياسية والاقتصادية المفروضة على دمشق".

وتابع العلي قارئا في شكل الاستقبال الذي نظم للشرع في البيت الأبيض بعيدا من الكاميرات وتجاهل عقد مؤتمر صحافي مشترك، فقال: "لربما أراد ترامب مراعاة الاعتراضات لدى عدد من الجمهوريين حول ادارة الملف السوري". وقد يكون "أراد ايضا توجيه رسالة الى الشرع بأن الاعتراف والانفتاح رهن قدرته على تنفيذ التعهدات السياسية والأمنية".

الوضع الداخلي

  في المقابل، يرى العلي أن "الرهان الأميركي ما زال مرتبطا بمدى استعداد دمشق للقيام بإصلاحات داخلية تطمئن الأقليات الدينية والعرقية، ولا سيما في المناطق المتنازع عليها"، لافتًا إلى أن "البيت الأبيض أراد من اللقاء توجيه رسالة مزدوجة، الأولى لحلفائه في المنطقة بأن واشنطن تستكمل مسار التحولات في الشرق الاوسط، والثانية لموسكو وبكين بأنها اللاعب الأساسي في الملف السوري".

ويضيف العلي ليقول :أن تطبيق ذلك على أرض الواقع سيصطدم بتعقيدات الميدان، ولا سيما في ظل استمرار وجود فصائل مسلحة متعددة الولاءات داخل الأراضي السورية، كون العقيدة الدينية لديها بأنها لمواجهة الاعداء ومنهم اميركا، فكيف تصبح واشنطن بالنسبة لهم حليف؟".

العلاقة مع "قسد"

من جهته، اعتبر استاذ العلاقات الدولية الدكتور جمال درويش في تعليق له عبر "ايست نيوز": "أن الزيارة لا تمثل تحوّلًا استراتيجيًا بقدر ما تعكس واقعية سياسية جديدة لدى الطرفين". مشيرا إلى "أن دمشق تحاول استثمار اللحظة لتأمين اعتراف أميركي ضمني بوجودها كسلطة شرعية على كامل الأراضي السورية".

 وأوضح درويش أن أحد أهداف الشرع من هذه الزيارة هو "التفاوض حول صيغة مقبولة لإعادة هيكلة العلاقة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بما يضمن وحدة الأراضي السورية من جهة، ويؤمّن للأكراد حقوقًا مدنية وإدارية تحت إشراف الدولة المركزية من جهة أخرى"، معتبراً أن "واشنطن تدرك أن استمرار دعمها لــ "قسد" دون تفاهم مع دمشق قد يُطيل عمر الفوضى بدل أن يعزز الاستقرار".

ويشير درويش إلى أنه لدى دمشق رغبة في إعادة التموضع ضمن المنظومة الدولية بطريقة "لا تُفقدها استقلالها السياسي، بل تمنحها دورًا مقبولًا في مكافحة التطرف".

المسارات المقبلة

 وان قال الباحثون بـ "أن المرحلة المقبلة ستتوقف على قدرة الطرفين على ترجمة هذا اللقاء إلى تفاهمات عملية" يتوقع العلي أن "تبدأ خلال الأشهر المقبلة مشاورات أمنية محدودة بين الجانبين لبحث آليات التنسيق في ملاحقة خلايا داعش، إضافة للملف الابرز والاهم حول طبيعة الاتفاقية الامنية مع اسرائيل وهل ستؤدي لاحقا لمفاوضات بين الطرفين".

اما درويش فهو يرى "أن الملف الإنساني وإعادة الإعمار قد يشكّلان المدخل الواقعي لإعادة بناء الثقة، قبل أي انفتاح سياسي واسع".

وفي الخلاصة ستبقى زيارة الشرع إلى واشنطن الى حين بروز نتائجها "خطوة رمزية تحمل أكثر من رسالة، لكنها تفتح أيضًا الباب أمام اختبار معقّد في لحظة إقليمية ودولية تبحث عن توازنات جديدة في سوريا والمنطقة".

المنشورات ذات الصلة