خاص ـ "إيست نيوز"
مالك دغمان
على مدار ثلاثة أيام متواصلة، احتضن المركز الثقافي الروسي في بيروت فعاليات المؤتمر الإعلامي والثقافي "زمن الأبطال"، تحت رعاية RT DOC، بمشاركة إعلاميين ومراسلين ميدانيين من روسيا ولبنان.
كانت الأيام فرصة لاستعراض شجاعة المراسلين وتجاربهم الإنسانية في ساحات النزاع، حيث تواجه الكلمة الحقيقة على أرض الواقع، ويتجسد التعاون الثقافي والإعلامي بين البلدين في كل نقاش، وكل ورشة عمل، وكل صورة وكلمة تُسجّل على الشاشة.
رسائل من الميدان إلى الإنسان
وفي حديث خاص لـ "إيست نيوز"، قالت مديرة مهرجان "زمن الأبطال" إيكاتيرينا ياكوفليفا: "رغم الحصار والتضييق الإعلامي على روسيا ووسائلها، أصررنا على المضي في مشاريعنا، لأننا أصحاب رسالة، وهدفنا أن نُوصل فكرتنا وأصواتنا... هذا هو جوهر أي عمل إعلامي حقيقي."
أما مؤلف ومخرج فيلم "قوة لبنان الناعمة" أوليغ نكيشيف، فأكد أن الفيلم الذي صُوّر بين دونباس ولبنان كان تحية للشعب اللبناني الصامد رغم الأزمات، قائلاً: "ما لمس قلبي هو تلاحم الناس في لبنان وإصرارهم على إيصال المساعدات إلى دونباس. الفيلم لم يكن للضجة الإعلامية، بل لتصوير ذكرى جميلة عن بيروت. فالحرب ليست بين الشعوب، بل بين الشركات التي تبحث عن مصالحها."
بدوره، شدّد المراسل الحربي ورئيس مكتب وكالة روسيا سيغودنيا خلال حديثه لـ"إيست نيوز" على أن: "الأعمال الحربية لا تُؤلَّف، نحن نصور في الميدان، والناس هم الحكم على صدق ما يُبث. خسرنا زملاء في غزة ولبنان وروسيا، لكننا سنبقى مستعدين لأي مهمة، في أي وقت."
اليومان الأول والثاني: نقاشات وورش عمل
شهد اليومان الأول والثاني سلسلة من النقاشات وورش العمل التي تناولت واقع الإعلام الحربي، وأخلاقيات التغطية الميدانية، والتحديات التي تواجه المراسلين في مناطق الصراع.
تبادل الصحافيون تجاربهم من الخطوط الأمامية، متحدثين عن مواقف إنسانية تركت أثرًا في مسيرتهم، وعن دور الكلمة والصورة في نقل الحقيقة وسط أجواء الخطر والنار.
اليوم الثالث: عروض أفلام وثائقية
أما اليوم الثالث، فخُصص لعرض مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تنوّعت بين التجربة الإنسانية، والبطولة في الميدان، والبحث عن المعنى الثقافي والروحي.
بدأت العروض بفيلم "الاسم الحركي: القيصر" (26 دقيقة) من إنتاج RT Documentary، يروي قصة حفيد الإمبراطور الروسي نيكولاي الأول، الذي ترك حياته في فرنسا ليقاتل متطوعًا في دونباس دفاعًا عن العلم الروسي، تلاه نقاش مع الكاتبة إيكاتيرينا ياكوفليفا.
ثم عُرض فيلم "شاب من حارتنا" (29 دقيقة) من إنتاج ريا نوفوستي، تكريمًا لذكرى الصحفي العسكري روستيسلاف جورافليوف الذي قضى أثناء تغطيته في زابوروجيا، مستعرضًا لقطات التقطها بنفسه أو زملاؤه في الميدان.
تلا ذلك فيلم "البحث عن رسول" (30 دقيقة) من إنتاج RT Arabic، رحلة في سيرة الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف، تستكشف جذوره الشرقية وصلته بالعالم العربي، وتعيد قراءة فلسفته في الحياة والأدب.
واختُتم اليوم بفيلم "صمود النعمان" للمخرجة اللبنانية منى حمود، الذي تناول قصص مجموعة من فناني الـ "ستاند أب كوميدي" في لبنان، وكيف تحوّل الفن والضحك إلى فعل مقاومة في وجه الأزمات.
ختام "زمن الأبطال": رسالة ثقافية وإنسانية
وفي ختام المؤتمر، أكدت مديرة المركز الثقافي الروسي أن الحدث "يشكّل جسرًا ثقافيًا بين موسكو وبيروت، يجمع الإعلاميين حول رسالة إنسانية واحدة: نقل الحقيقة مهما كانت التحديات".
وخلال فعاليات "زمن الأبطال" أكد المشاركون أن الإعلام الميداني هو خط الدفاع الأول عن الحقيقة، وأن الكلمة والصورة لا تقلان شجاعة عن السلاح في زمن الحروب. ثلاثة أيام من النقاش والعروض ربطت موسكو وبيروت بجسر من المواقف الصادقة والتجارب الواقعية، لتثبت أن رسالة الإعلام لا تُقاس بالموقع الجغرافي، بل بمدى التزامها بالإنسان والحقيقة.