عاجل:

المنسّق الكنسي لزيارة البابا فنّد وقائعها وأهدافها.. المطران ميشال عون لـ "الامن العام": سيحمل إلينا رسالة سلام حماية للعيش المشترك

  • ٦٦

- اللقاء بين البابا ورؤساء الطوائف اللبنانية سيكون على مستوى واحد في مواجهة 350 علمانيا

- ستكون للبابا وقفة في مكان تفجير المرفأ ليضع اكليلا ويضيء شمعة محاطا بأهالي الضحايا ومصابين

- الزيارة البابوية تحمل الينا السلام انطلاقا من ارض لبنان الى كل الشرق والرجاء لشاباتنا وشبابنا

- المسؤولون عن امن البابا من الحرس السويسري والجندرما الايطالية مطمئنون على امن الزيارة

- ان لم نكن موحدين في الداخل فأية مساعدة خارجية لن تكون مجدية

- آن الاوان لنعي ان زيارة البابا تدفعنا لنتطلع الى وطن نريد بناءه كمسيحيين، وكمسيحيين ومسلمين


ينتظر لبنان واللبنانيون بكثير من الفرح والامل، الزيارة البابوية الرابعة الى لبنان التي يقوم بها البابا لاوون الرابع عشر في نهاية الشهر الجاري، تلبية لدعوة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون. سيحمل البابا الى كل لبنان رسالة سلام ورجاء، ليؤكد حجم فهمه للوضع في لبنان وتقديره لمعاناة شعبه

على وقع التحضيرات الجارية بين لبنان والفاتيكان لتنظيم زيارة البابا، التقت "الأمن العام" المنسق الكنسي الوطني لهذه الزيارة راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون.

* يستعد لبنان لاستقبال قداسة البابا لاوون الرابع عشر في نهاية الشهر الجاري، ما هي أهمية هذه الزيارة؟

- الزيارة ليست الاولى للباباوات الى لبنان. كانت الاولى عام 1964 عندما زارنا البابا القديس بولس السادس حين كان في طريقه الى الهند وحظي باستقبال رسمي في المطار. اما الثانية، التي اكتسبت اهمية استثنائية، فكانت زيارة البابا القديس البابا يوحنا بولس الثاني في 10 و11 ايار عام 1997 وقد سلمنا يومها "الارشاد الرسولي - رجاء جديد للبنان". فكانت المرة الاولى في تاريخ الكنيسة التي يقام فيها سينودوس من اجل بلد. ومن ثم كانت الزيارة الثالثة للبابا بنديكتوس السادس عشر في 14 و15 و16 ايلول عام 2012، وسلمنا يومها والى كل مسيحيي الشرق الارشاد الرسولي الذي عقد من اجل المسيحيين في الشرق الاوسط. وفي ختامه، قرر نقله الينا شخصيا بمشاركة بطاركة الشرق الأوسط، ومنهم بطريرك الاقباط الكاثوليك في مصر وبطريرك الكلدان في العراق وبطريرك اللاتين في اورشليم – القدس.

عن اهمية هذه الزيارة، يمكنني القول انها الاولى التي قرر البابا القيام بها خارج الفاتيكان، وانه سيكون في جزئها الاول في تركيا بهدف الاحتفال بذكرى 1700 سنة على مجمع "نيقيا" الى جانب البطريرك المسكوني في القسطنطينية. وهو المجمع المسكوني الاول الذي وضع "قانون الايمان" على مرحلتين الاولى عام 325 والثانية في عام 381، وهو الذي حدد فيه ايضا موعد عيد الفصح. وهو ما جعله يزور تركيا كمحطة في طريقه الى لبنان للقيام بهذه الزيارة الرسولية لما لها من اهمية في هذه المرحلة.

* اين اصبحت التحضيرات للزيارة المقررة نهاية الشهر الجاري، وما رأيك في اقتراح رئيس الجمهورية بإعلان يومي الزيارة عطلة؟

- انها خطوة جيدة وطبيعية، ليس سهلا ان يزورنا البابا حاملا رسالة سلام ورجاء الى جميع اللبنانيين والتأكيد على رسالة لبنان في العيش المشترك. لذلك جاء هذا القرار طبيعيا لتسهيل مشاركة اللبنانيين في البرامج المقررة على كثافتها. ولأعطي مثالا على ذلك سيكون هناك يوم الاثنين لقاء للاكليروس من مطارنة وراهبات ورهبان والمعاونين العلمانيين الذين يساهمون في العمل الكنسي والرسولي كمعلمي التعليم المسيحي، وان كانت هناك مدارس لن يستطيعوا المشاركة. مساء اليوم عينه، سيكون هناك لقاء شبابي في بكركي واعتقد انه سيجمع حوالى 12 الف شاب وشابة من كل مدارس لبنان وطوائفه ومذاهبه، فكيف يمكن ان يتم ذلك اذا كان العمل طبيعيا في البلد.

ان التدابير الامنية التي ستواكب حركة البابا تفرض وجود تسهيلات في الحركة بين المناطق، فهو سينتقل في اليوم عينه بين بيروت وحريصا قبل الظهر، وسيكون مساء في عنايا حيث سيصلي على قبر القديس شربل من دون مشاركة شعبية داخل الدير، وعليه سيكون الناس في استقباله على الطرق وهو سيستخدم سيارة "البابا موبايلي" ليحيي مستقبليه.

* في لقائهما الاول ابلغ البابا البطريرك الراعي الذي لم يشارك في احتفال تسلمه مقاليد البابوية ان التحضيرات لزيارة رسولية الى وطن الارز جارية بفرح عظيم وعاطفة ابوية، ما الذي يعنيه هذا الموقف؟

- واضح اننا نعمل لتنظيم هذه الزيارة بفرح كبير متجاوزين التعب الجسدي، ونعتبرها زيارة بركة ورسالة دعم للبنان. يحكى اليوم عن خارطة جديدة ترسم للشرق الأوسط وان هناك متغيرات خطيرة تجري. تأتي هذه الزيارة ليقول البابا للجميع ان هذا اللبنان سيبقى، فنحن معه ونوفر له كل الدعم. ان الفترة التي فصلت بين الاعلان عن الزيارة وموعدها اقل من شهر ونصف شهر، فيما اعلن عن زيارة البابا بنديكتوس قبل ستة اشهر.

لكل هذه الأسباب، كانت اجتماعاتنا مع كبار المسؤولين الفاتيكانيين يتقدمهم المسؤول عن الاحتفالات الليتورجية خارج الفاتيكان الكاردينال دييغو رافيلي لبت الترتيبات التي تجعلها قائمة في افضل الظروف ووفق الاصول المعتمدة. لقد زارنا المسؤولون عن أمنه واعلامه ولقاءاته، وتفقدنا كل المواقع التي ستشهد على الزيارة.

* في لقاء البابا والبطريرك اتفق على عقد اجتماع يجمعهما مع بطاركة الكنائس الكاثوليكية في الشرق، بهدف تعزيز الحوار والتنسيق في ظل التحديات الاقليمية، هل هو لقاء طبيعي او استثنائي؟

- من الطبيعي ان يلتقي قداسته مع البطاركة، وقد تقرر ان يكون على وليمة غداء بسبب ضيق الوقت. يوم وصوله الاحد سيكون الاستقبال الرسمي في المطار ثم في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث سيكون رئيس الجمهورية في استقباله يحيط به كل من رئيسي مجلس النواب والحكومة والوزراء والرسميين والديبلوماسيين، وسيكون الغداء بمثابة الوقت المناسب للقاء البطاركة. في اليوم التالي، سيكون لدينا اربعة لقاءات: اثنان قبل الظهر واثنان بعده، وكل منها في مكان بعيد عن الاخر. في اليوم الثالث، ستجري لقاءات اخرى تسبق القداس الكبير في "سي سايد ارينا" قبل ان يغادر عائدا الى الفاتيكان.

* اين سيكون اللقاء الموسع والشامل مع رؤساء الطوائف غير المسيحية؟

- من ضمن البرنامج المقرر، يقع اللقاء الشامل الاسلامي - المسيحي المشترك مع رؤساء وقادة الطوائف جميعها امام تمثال الشهداء في ساحته وسط بيروت. وسيكون لقاء مميزا يحمل رسالة وطنية ودينية وكنسية. لن يعتلي البابا منصة، ليكون على مستوى واحد مع المدعوين الى اللقاء، كما سيجلس محاطا برؤساء الطوائف الـ 18 في دائرة غير مكتملة تجعلهم في مواجهة المدعوين من رجال دين وعلمانيين وقد بلغ عددهم 350 شخصا. هذا اللقاء، وان كان سيعقد في لبنان للمرة الاولى من لبنان، استنسخ عن لقاءات "اسيزي" التي شارك فيها كل من الباباوان بنديكتوس وفرنسيس. وحين زار البابا الراحل فرنسيس منغوليا، جلس مع رؤساء الطوائف على مستوى واحد.

* ما هي المعاني العميقة للزيارة البابوية، وما هي العناوين التي يمكن أن تحملها للزيارة؟

- الفاتيكان وضع قبل غيره عنوانها الكبير، فقال ان البابا يزور لبنان كرسول حاملا للسلام والرجاء. عندما نتكلم عن السلام والرجاء يعني العيش المشترك والحفاظ على لبنان وهويته، ودوره في الحوار المسيحي - الاسلامي الذي لا يقف الحديث عنه في الخطابات انما في العيش مع بعضنا البعض. هذا الامر تعثر في مراحل متعددة بسبب ظروف الحروب، لكننا نؤكد في كل مرة اصرارنا على الحفاظ عليه وعلى هويته، وان صدرت بعض الاصوات المتطرفة فأنها لم ولن تغير شيئا. انطلاقا مما تقدم، نؤكد مرة اخرى ان الزيارة تحمل الينا السلام انطلاقا من ارض لبنان الى كل الشرق، والرجاء لشاباتنا وشبابنا وشعبنا للتأكيد على هوية لبنان والحفاظ على وجهه ورسالته في العيش المشترك.

* قال البابا ان زيارته الى لبنان تأتي قبل كل شيء لمواساة شعب تعرض منذ انفجار المرفأ لضربة تلو الأخرى، وهي تحمل رسالة رجاء وسلام الى الشرق الاوسط؟

- كلنا يعرف، ان كنا في لبنان او في إيطاليا، ان الفاتيكان يهتم بلبنان ويعرف اننا بلد يشهد خضات متتالية وحروبا واحداثا مقلقة، وهو يرى انه ليس من السهل على أي شعب ان يتحمل ما تحمله الشعب اللبناني. اضف الى ذلك، أن ما شهدناه من ازمات اقتصادية ومالية وتلك التي تسبب بها تفجير المرفأ وجائحة كورونا والضربات الاسرائيلية الأخيرة، جعله متأثرا بما يجري عندنا. لذلك قرر ان يزورنا لينقل الينا رسالته من دون تأجيل، بعدما ارجئت زيارة سلفه البابا فرنسيس الذي كان يرغب من كل قلبه وعقله بهذه الزيارة. فالدوائر الفاتيكانية تعيش استمرارية المواقف والثوابت الكنسية والبابوية التي لا تتبدل تجاه القضايا الاساسية.

لا يسعني سوى التذكير، انه اثناء البحث في برنامج الزيارة لفتنا النظر الى امكان ان تشمل المرفأ، فكان الترحيب كبيرا. وتقرر ان تكون له وقفة في مكان الانفجار، ولو لربع ساعة وهو في طريقه الى القداس. ومن دون خطابات وكلمات سيرفع الصلاة بعد ان يضع باقة من الزهر ويضيء شمعة هناك، في حضور اهالي ضحايا الانفجار وبعض من نجوا من الانفجار. وستكون لحظة معبرة ليقول لنا فيها انه متضامن مع كل من تألم وعانى بسبب هذا التفجير.

* تمنى مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك ان يستقبل هذا الحدث التاريخي بفرح عظيم ورجاء متجدد، راجيا ان تحمل الزيارة الرسولية للبنان سلاما واستقرارا، فهل من مؤشرات تدعو الى هذه الاجواء؟

- انها دعوة صادقة لئلا نقول انها لزيارة المسيحيين فقط، لا بل ليزور كل لبنان. ان الدعوة موجهة الى الجميع ليكونوا في صلب لقاءاته. عند تفسير هذه الدعوة قد يقول قائل ان بإمكانه ان يتابع وقائعها عبر شاشة التلفزيون، لكننا نشدد على شاباتنا وشبابنا واللبنانيين ليكونوا في استقباله ويشاركوا شخصيا في القداس. سيكون هناك مبدئيا نحو 60 ألف كرسي في القداس، ويمكن ان يشارك 40 الفا آخرين وقوفا. لذلك نشدد على ابناء شعبنا ان يشاركوا حضوريا، لما لذلك من اهمية عندما وضعنا البابا في اولوياته وزارنا، ومن غير المستحسن متابعته عبر الشاشة. الدعوة نفسها تنسحب على المشاركة في لقاء الشبيبة في بكركي ليكون لقاء مميزا، ونستقبله كرسول سلام يحمل هذه الرسالة العظيمة الى كل لبنان بمختلف مناطقه وطوائفه ومذاهبه.

* الجميع يعرف ما بين لبنان وكنيسته والفاتيكان من تاريخ عريق وتعاون وتنسيق، ما الذي تتوقعه من نتائجها والى اي حد سيبقى الرهان على دعم الفاتيكان؟

- لا اعتقد ان هناك شكوكا حيال دعم الفاتيكان للبنان قبل هذه الزيارة وبعدها. لكن لدي امنية تقول: علينا كلبنانيين مسؤولية كبيرة لمتابعة هذه الزيارة فلا تتكرر التجارب السابقة بعد زيارة البابا بولس الثاني الذي حمل الينا الارشاد الرسولي، بحيث لم نعمل كفاية لنضع هذا الارشاد موضع التنفيذ على مستوى الكنيسة ولبنان. اقولها بصراحة: ان لم نكن موحدين في الداخل فأية مساعدة خارجية لن تكون مجدية، اولا مسيحيين بين بعضنا البعض وما بيننا كمسيحيين ومسلمين. لذلك علينا التعاطي مع زيارة البابا بإيجابية، فهو يحمل الينا جرعة دعم وسلام ورخاء. كذلك علينا الافادة من هذه القيم فنتوحد كلبنانيين من اجل لبنان. ونوحد رؤيتنا كمسيحيين تجاه لبنان الذي نريده بعيدا عن الحسابات الضيقة والتنبه الى مخاطر خسارة لبنان. وهو امر يفرض الخروج من النظرة الضيقة للعمل السياسي. آن الاوان لنعي ان هذه الزيارة تدفعنا لنتطلع الى وطن نريد بناءه كمسيحيين، وكمسيحيين ومسلمين بين بعضنا البعض. هذه الثمار التي ننتظرها من الزيارة لتنتهي الى ما اريد منها، والا سنعيش الفرحة خلالها وننسى كل ما يمكن تحقيقه بعد مغادرته، فنبقى على ما نحن عليه متمسكين بكل ما هو اناني وشخصي وننسى المصلحة الوطنية العليا.


المنشورات ذات الصلة