كتبت صحيفة "الجمهورية" أنّ سقف التصعيد العسكري الإسرائيلي ارتفع بوتيرة خطيرة في الأيام الأخيرة، حيث استُبيحت الأجواء اللبنانية بالطيران الحربي والتجسسي، وتعرّضت مناطق عدّة في الجنوب لغارات متواصلة قصفًا وتوغلات واغتيالات، ما أدّى إلى سقوط شهداء وجرحى وأضرار جسيمة. وواكب هذا التصعيد سلسلة تهديدات إسرائيلية أطلقها مسؤولون أمنيون وسياسيون في تل أبيب، تتحدث عن استعداد الجيش الإسرائيلي "للمرحلة التالية"، في وقت يسود الغموض بشأن إطلاق المسار التفاوضي بين لبنان وإسرائيل، الذي يحظى بدفع أميركي قوي، وخصوصًا نحو مفاوضات مباشرة تُثير انقسامًا داخليًا بين مؤيد ومعارض.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع قوله إنّ إسرائيل لا تسعى إلى مفاوضات لتحقيق الأمن والاستقرار، بل لفرض وقائع جديدة في الجنوب تحت مسمى "المنطقة العازلة"، معتبرًا أن التصعيد الحالي هدفه إخضاع لبنان سياسيًا وأمنيًا.
وفي موازاة المشهد الميداني، برز موقف رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي شدّد أمام زواره على أنّه «ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض»، موضحًا أنّ «في السياسة ثلاث أدوات للعمل: الدبلوماسية، والاقتصاد، والحرب، وعندما تفشل الحرب، لا بد من العودة إلى التفاوض». وأضاف أنّ التفاوض لا يكون مع صديق بل مع عدو، مؤكدًا أنّ لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي «أنهكت لبنان ودمّرته».
وفي موازاة الملفات السياسية والأمنية، تناول عون الاستحقاق الانتخابي المرتقب، منتقدًا بعض القوى السياسية التي «تسعى لتحقيق مكاسب انتخابية على حساب المصلحة الوطنية»، قائلاً:
«أنا لا أعمل في السياسة بل أنا رجل دولة، ولبنان ليس ملكاً لأحد بل أنا ملكٌ للبنان».
من جهته، نقل مصدر دبلوماسي غربي للصحيفة أنّ الوضع اللبناني حرج للغاية، وأنّ المجتمع الدولي يرى أن الحلّ السياسي بات حاجة مشتركة للبنان وإسرائيل، مؤكدًا على ضرورة استكمال بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها وسحب سلاح حزب الله باعتباره «العنصر الأساس للأزمة»، ومحذرًا من أن هدر الوقت يزيد فرص الانفجار الميداني.
وكشف المصدر أنّ الفرنسيين والأمم المتحدة يتحركون بقوة على خط خفض التصعيد، سواء عبر لجنة الميكانيزم أو من خلال لقاءات مباشرة مع المسؤولين في لبنان وإسرائيل، مشيرًا إلى أنّ ممثلة الأمم المتحدة جانين هينيس بلاسخارت زارت تل أبيب وبيروت في إطار جهود ترسيخ الأمن وتثبيت وقف الأعمال العدائية.
وفي السياق ذاته، تواصلت ردود الفعل على تصريحات الموفد الأميركي توم برّاك الذي وصف لبنان بـ"الدولة الفاشلة"، إذ اعتبر المرجعيات اللبنانية أنّ برّاك «يكثر من الكلام منذ انتهاء مهمته»، فيما ردّ عليه المبعوث الأميركي السابق آموس هوكشتاين قائلًا:
«لبنان يواجه تحديات ضخمة، وعلى المجتمع الدولي أن يتقدّم بمقاربة جدية لإعادة الإعمار ودعم الجنوب كما يفعل في غزة».
سياسيًا، يتواصل الاشتباك الداخلي حول قانون الانتخاب وتصويت المغتربين، إذ منحت اللجنة الوزارية أسبوعًا لإعداد تصورها للتعديلات المقترحة، وسط تباينات حادة بين القوى السياسية، ما ينذر بأن تكون الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء مشتعلة، في ظلّ تهديدات بانسحاب بعض الوزراء المعترضين على الصيغ المطروحة.
وفي موازاة الملفات الساخنة، يُعقد اليوم في مجمّع الرئيس نبيه بري في المصيلح اللقاء التنسيقي الأول لـ"ورشة إعادة الإعمار"، بمشاركة وزراء وممثلين عن الأمم المتحدة والبنك الدولي وقيادة الجيش، بهدف توحيد الجهود لإعادة إعمار المناطق المتضررة وتثبيت الاستقرار في الجنوب.