لفتت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلاً عن مصادر مطّلعة على معلوماتٍ استخبارية إسرائيلية وعربية، الى أنّ "حزب الله" يعمل على إعادة بناء ترسانته العسكرية ورفد صفوفه التي تضرّرت، في تحدٍّ لشروط اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، بما يرفع احتمالات تجدّد الصراع.
وأشارت الى ان " الحزب المدعوم من إيران اعاد تزويد مخازنه بالصواريخ، بما فيها الصواريخ المضادّة للدروع، وذخائر المدفعية.
وأضافت: "بعض هذه الأسلحة يدخل عبر المرافئ اللبنانية وشبكات التهريب التي ما زالت تعمل عبر سوريا رغم ضعفها، فيما يتولّى الحزب تصنيع جزءٍ من الأسلحة محليًا".
وشددت على ان "هذا المسار يُرهق الاتفاق الذي أنهى قبل عامٍ حملةً إسرائيلية استمرّت شهرين حيث نصت الترتيبات على أن يبدأ لبنان بنزع سلاح "حزب الله" في أجزاءٍ من البلاد، على أن يُستكمل لاحقًا في سائر المناطق بموجب اتفاقٍ سابق؛ غير أنّ الحزب شدّد تمسّكه بسلاحه باعتباره "ضرورةً للدفاع عن سيادة لبنان".
وتنقل الصحيفة عن مصادرها أنّ إسرائيل التي قدّمت معلوماتٍ استخبارية لمعاونة الجيش اللبناني في جهود نزع السلاح، ونفّذت منذ توقيع الهدنة في تشرين الثاني الماضي أكثر من ألف غارة ضدّ أهدافٍ للحزب بدأ صبرها ينفذ وقد أثار غضبها انتقال النقاش خلال أشهرٍ قليلة من "نزع سلاح حزب الله" إلى "إعادة تسلّح حزب الله".
وبحسب وول ستريت جورنال، قال السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث البارز إلى لبنان وسوريا توم براك في تشرين الأول: "إذا واصلت بيروت التردّد، قد تتحرّك إسرائيل منفردةً – وستكون العواقب جسيمة".
وتضيف الصحيفة أنّ القيادات اللبنانية، عبر وسطاء عربٍ وأميركيين، تطلب من إسرائيل هامش صبرٍ إضافي وتُبدي انفتاحًا على تعزيز تبادل المعلومات والتنسيق، رغم أنّ البلدين في حالة حربٍ رسمية. مكتب رئيس الحكومة امتنع عن التعليق، فيما لم يصدر ردٌّ من رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية، كذلك لم يعلّق مسؤولون في "حزب الله".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المأزق الحالي يُبرز صعوبة تفكيك ميليشيا راسخةٍ لها قاعدةٌ شعبية، حتى بعد تلقّيها ضرباتٍ قاسية. وتستعيد في هذا السياق ما يجري في غزة، حيث ترفض "حماس" شروط نزع السلاح وتسليم السلطة وفق "اتفاق الرئيس ترامب" لإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين، فمع بدء الهدنة قبل نحو ثلاثة أسابيع، شدّدت الحركة قبضتها على خصومها ووقعت احتكاكاتٌ متكرّرة مع القوات الإسرائيلية.
وتذكّر وول ستريت جورنال بأنّ "حزب الله" خرج من البيئة الشيعية في لبنان قبل أكثر من أربعة عقود، وخاض عددًا من المواجهات مع إسرائيل. وبعد هجمات "حماس" في 7 تشرين الأول 2023، فتح الحزب جبهة الشمال بإطلاق الصواريخ بشكلٍ شبه يومي، ما دفع إلى إخلاءاتٍ واسعة في شمال إسرائيل.
ووصفت الردّ الإسرائيلي في خريف العام الماضي بأنّه "الأشدّ إيلامًا" للحزب، مع آلاف الغارات وتفجيراتٍ متزامنةٍ لآلاف أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية، ما أحدث خسائر بشريةً وتنظيميةً فادحة.
وتنقل وول ستريت جورنال عن خبيرة حلّ النزاعات رندة سليم، الزميلة في "معهد السياسة الخارجية" بجامعة جونز هوبكنز، قولها إنّ "الجيش اللبناني غير معنيّ ولا مستعدّ لمواجهةٍ عسكريةٍ مباشرةٍ مع حزب الله"، محذّرةً من "منطقة رمادية": قرارٌ بالنزع، تطبيقٌ جنوب الليطاني، ولا خطط ملموسة لما بعده.
وبحسب بيانات منظمة ACLED، وهي جهةٌ مستقلة تُعنى برصد النزاعات، نفّذت إسرائيل منذ تشرين الثاني 2024 نحو ألف غارة وأكثر من 500 قصفٍ مدفعي داخل لبنان، مع ضرباتٍ تقول إنها طالت أهدافًا للحزب في محيط بيروت وغيرها، فيما لا تمارس واشنطن ضغوطًا كبيرة للتهدئة، وفق مسؤولٍ غربي رفيع تحدّث للصحيفة.
وأضافت أنّ إسرائيل ثبّتت قواتٍ في مواقع عدّة جنوبًا، ولم يُقدِم الحزب حتى الآن على ردٍّ عسكريٍ كبير.
وفي الأثناء، يُسمع طنين المسيّرات الإسرائيلية في مساحاتٍ واسعة، وأكثر من 60 ألف شخص ما زالوا نازحين داخليًا بحسب تقريرٍ لـ"المنظمة الدولية للهجرة" في تشرين الأول.
أما إعادة الإعمار فتتعثّر بفعل الضائقة المالية لدى الحكومة والحزب، وتردّد جهاتٍ غربيةٍ وخليجية في التمويل قبل تحقيق تقدّمٍ ملموس في مسار النزع.
 
             
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                